وكالة كل العرب الاخبارية :
قال رئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، إن تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين تتجاوز الأعراف الدبلوماسية، مؤكدا تمسك المملكة بالحوار الوطني "لأن لدينا إصراراً على المضي فيه".
ولفت رئيس وزراء البحرين، في حوار تنشره "الغد" بالتزامن مع صحيفة "الوطن" القطرية، الى محاولات لبعض القوى للتدخل في شؤون البحرين الداخلية، مؤكدا ان هناك تحالفا بين منظمات دولية لتصوير الأمور في البحرين على غير حقيقتها.
وشدد رئيس وزراء البحرين في الحوار الذي اجراه مدير عام صحيفة "الوطن" القطرية الزميل احمد علي، على ان بلاده "لن تتساهل مع أي جهة أو تيار يسعى إلى تفرقة شعوبنا"، وقال " نحن منفتحون على العالم لكننا نرفض التدخلات في شؤوننا الداخلية".
وفي ما يلي نص الحوار :
• بعيدا عن محاولات إقحام البحرين في خضم ثورات الربيع العربي.. ما التوصيف السياسي أو الاعلامي للحالة البحرينية الراهنة؟
- يعتدل سموه في جلسته ويجيب بحزم قائلاً: بداية دعني أسألك.. أين هو هذا الربيع الذي تتحدث عنه؟ هل ما حدث في المنطقة ربيع؟. هل الاضطرابات والقلاقل والانفلات الأمني يعد ربيعا؟!!!.. وهل الانهيار الاقتصادي وتدهور المستويات المعيشية للناس يعد ربيعا؟!!! لقد أصبحنا مهووسين بالمصطلحات التي يصدرها لنا الإعلام الغربي، بل وبتنا مولعين بمتابعة ما يجري في منطقتنا من تخريب وتدمير وتفتيت. إن ما يحدث في البحرين هو محاولات لا تتوقف لعرقلة التنمية والتطور الاقتصادي في هذا البلد تحت دعاوى وذرائع زائفة، وتنفيذا لمخططات من لا يروق لهم أن يروا بلدا ناجحا يتطور ويتقدم، وما يحدث في البحرين لا علاقة له بالديمقراطية أو مطالب سياسية أو معيشية أو إسكانية أو صحية أو خدمية، بل هو تخريب متعمد يرفضه شعب البحرين ويتصدى له، ويؤكد دائما على أن هذه المحاولات ستنتهي بالفشل ولن يكتب لها النجاح. ونؤكد على أن ما جرى في البحرين لم يكن من أجل تحقيق مطالب معيشية، وإنما محاولة لجر البلاد إلى الفوضى والخراب، ولكن مواقف شعب البحرين ووعيه أسهما في حماية الوطن، وعملا على تغيير صورة البحرين داخليا وخارجيا بفضل من عناية الله، ووعي شعب البحرين.
• بماذا تفسرون إحالة الأمين العام المساعد لجمعية الوفاق إلى النيابة العامة.. الا يعد هذا الإجراء نوعا من التأزيم والتوتير السياسي في البلاد كما يقول الطرف الآخر؟
- نحن دولة تُعلي شأن القانون ويلتزم قضاؤنا بتطبيقه بما يحقق أمن واستقرار المجتمع، كل ذلك في ظل توافر كامل ضمانات استقلال القضاء. ولذلك فلا علاقة لما حصل بما تصفه أو يصفه آخرون بأنه توتر أو تأزيم.. فالإجراء القانوني عندما يتخذ يتم تحديد السبب ومواجهة المتسبب، ويمنح الحق كاملا في الدفاع عن نفسه لتقديم أدلة براءته، والكلمة في النهاية لمنصة القضاء التي تحكم بالوقائع والأدلة، وعلى الجميع أن يحترموا القانون وأن ينتظروا القول الفصل من المحكمة مدعما بالحيثيات.
• أصدرت المحكمة الجنائية الكبرى أحكاما بالسجن على المتورطين في خلية تنظيم 14 فبراير.. هل يمكن القول انه تم إسدال الستار على هذه القضية؟. وماذا عن المتهمين الهاربين؟
-نحن دولة مؤسسات وقانون، ونحترم أحكام القضاء الذي نعتز باستقلاليته ونفخر بنزاهته، ولا أحد يتدخل في أحكام القضاء بالبحرين، ودرجات التقاضي متاحة أمام الجميع، وعندما يصبح الحكم نهائيا ينبغي احترامه وتنفيذه والالتزام به، وهذا ينطبق على القضية التي تتحدث عنها أو غيرها من القضايا المنظورة أمام القضاء ومن يدن يعاقب وفق القانون ومن يبرأ تُخلَ ساحته، ولذلك فالمجال مفتوح للمدانين في أن يستأنفوا الحكم الصادر بما يوفر لهم كامل ضمانات المحاكمة العادلة.
• يرى الطرف الآخر أن حظر نشاط ما يسمى بـ"المجلس العلمائي" وتصفية أمواله لا يحل الأزمة البحرينية ولكن يزيدها تعقيدا؟
- بداية لا ينبغي أن تغيب عنا الحقائق في هذا الموضوع وأن نعلم أساس المشكلة بعيدا عن المحاولات التي تسعى لإلباس الباطل ثوب الحق، فهذا المجلس الذي تتحدث عنه يعمل دون ترخيص رسمي كما هو الحال مع مختلف الجمعيات الأخرى في البحرين والتي تعمل وفق القانون. الأمر الثاني أنه سبق للجهات المعنية أن نبهت من يقومون على هذا المجلس بأنهم يمارسون عملهم دون سند قانوني وأنهم بذلك يضعون أنفسهم تحت طائلة القانون ولم يحدث تجاوب من هؤلاء. الأمر الأخير أن الحكومة لم تُقدم على حظر نشاط هذا المجلس أو تقرر تصفية أعماله أو وقف النشاط بصورة إدارية، وإنما انتهجت الطريق القانوني، والسلوك الحضاري في التعامل مع هذه القضية، حيث قامت وزارة العدل والشؤون الاسلامية والأوقاف، باعتبارها الجهة المعنية برفع دعوى قضائية أمام المحاكم البحرينية بحق هذا المجلس غير القانوني، والكلمة في النهاية ستكون للقضاء.
• كيف ترون دور الخارج في تأزيم الداخل البحريني؟
- المؤشرات والشواهد، وأيضا العديد من الأدلة تؤكد على وجود دور خارجي يسعى إلى تأجيج الصراعات وبث الفرقة وإثارة النعرات ودعم وتشجيع النزاعات في العديد من أنحاء العالم، ويبدو هذا الأمر واضحا جليا في منطقة الشرق الأوسط، والبحرين ليست استثناء من هذا، ومحاولات بعض القوى للتدخل في شؤوننا الداخلية لم تعد خافية على أحد. وعلينا أن نعتبر في مجلس التعاون مما مرت به بعض الدول المحيطة من اضطرابات وتراجع في أمنها واستقرارها، وأن نغلق جميع المنافذ أمام التدخلال الخارجية، فنحن بلدان نامية وأي تأثير على الأمن والاستقرار سيكون له بالتأكيد تداعيات سلبية على جهودنا في مجال التنمية والتقدم. ونحن لا نريد عداء أحد، ولا نريد أن يعادينا أحد، ونمد يدنا لمن يمد يده، وبلدنا عزيز علينا، ولن نفرط في أي جزء من تراب هذا الوطن.
• هل رصدتم وجود حملة تشويه تدار ضدكم في إطار مخطط خارجي يستهدف التشويش على شأنكم الداخلي.. وما مدى تورط المعارضة في هذا المشروع التحريضي؟
- كما نشاهد جميعا فإن هناك تحالفا بين منظمات وجهات دولية، وبل وإصرارا من جانبها على تصوير الأمور في البحرين على غير حقيقتها، واستقاء معلوماتها من مصدر واحد، يضمر الشر لهذا البلد ولأهله، ولا يتورع عن فعل أي شيء في سبيل إلحاق الضرر بشعب البحرين، والنيل من مكتسباته وإنجازاته التنموية وما حققه من تطور عبر سنوات طويلة من الجهد والعمل. وهؤلاء لا يعرفون طبيعة شعب البحرين، ولا يدركون أن كل هذه المحاولات اليائسة لن تنال من هذا الشعب وتماسكه، وعدم تفريطه في سيادته واستقلاله، ورفضه لكل محاولات الابتزاز أو الضغوط التي تمارسها بعض الجهات، وأن هذا الشعب قادر بوعيه وحسه الوطني، على كشف المدعين، وأنه يرفض كل محاولات الاستقواء بالخارج، أو التدخل في الشؤون الداخلية تحت أية مبررات أو ذرائع.
• في إطار استقواء بعض الجهات بالقوى الخارجية.. هل لمستم أو تلمسون تأثير ولاية الفقيه في الخارج على قضايا الداخل في البحرين؟
- نحن نعتز بطبيعة مجتمعنا وتماسك نسيجه من مختلف الأديان والأجناس والأعراق وهذا المجتمع بطبيعته وعبر التاريخ يرفض النماذج الدخيلة عليه ولا يقبل أن يقوم أي طرف كان بتصدير مفاهيمه أو معتقداته ومحاولة التسلل بها إلى نسيج هذا المجتمع. ومن يتابع ما يحدث في البحرين لا يحتاج إلى عناء كي يدرك هذه الحقائق ويدرك أيضا رفض شعب البحرين للأشكال والقوالب التي يسعى البعض لفرضها عليه استنساخا لتجارب خارجية، لكن أطمئنك أن غالبية شعب البحرين لهم اتجاهات مختلفة وأن شعبنا واع وقادر على أن يلفظ كل ما هو غريب عنه ولا يمت إلى طبيعته بصلة.
• .. وهل هناك أي علاقة لبعض القوى المعارضة في مملكة البحرين بالتنظيمات الإرهابية؟
- للأسف هناك بعض الجمعيات والتيارات التي استغلت مناخ الحرية الواسع بشكل خاطئ، وحادت عن جادة الصواب من خلال دعم الإرهاب والعنف والتحريض عليه، ولا يمكن لأي مهتم بالشأن البحريني أن يغفل علاقة بعض الجمعيات والتيارات السياسية بالتنظيمات الإرهابية سواء الداخلية أو الخارجية، مما أدى إلى حالة نفور شعبي كبير من هذه الجمعيات عبرت عنه مواقف المواطنين في مختلف القرى والمدن الذين ضاقوا ذرعا بهذه الممارسات. ونحن نجدد التأكيد على أن مملكة البحرين هي دولة القانون والمؤسسات وأن أية محاولات للخروج على القانون سيتم مجابهتها بالقانون، ولقد أثبتت الأيام أن شعب البحرين يرفض كل هذه الممارسات الدخيلة على عاداته وتقاليده، ولهذا فشلت وستفشل محاولات المساس بنسيجه المجتمعي الرائع ولن يجني أصحابها أية ثمار يتوهمونها.
• ما حقيقة الدور الذي تقوم به قوات درع الجزيرة في المشهد البحريني وإلى أي مدى ساهمت في حفظ الأمن والاستقرار في المملكة، وما هو ردكم على من يشككون في دور هذه القوات؟
- كما تعلمون جميعا فإن لقوات درع الجزيرة المشتركة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، دورا مهما وحيويا في المشاركة في الدفاع عن أية دولة من دول المجلس في مواجهة التهديدات الخارجية، وهذا هو الغرض الأساسي الذي تم تأسيسها من أجله، وقد تجلى هذا الدور في العديد من المواقف لعل أبرزها المشاركة في تحرير دولة الكويت الشقيقة العام 1991. وعندما وقعت الأحداث المؤسفة التي شهدتها مملكة البحرين في بدايات العام 2011، كان من الطبيعي أن تأتي قوات درع الجزيرة إلى البحرين، وقد ساهمت هذه القوات مشكورة في حماية المنشآت والأماكن الحيوية، ولم يخرج دورها عن ذلك، خلافا لما يروجه البعض من شائعات مغرضة ومغالطات. ونحن نعتز بدور قوات درع الجزيرة المشتركة وبتواجدها بيننا، ونرى أنها إحدى ثمار التعاون والتنسيق الرفيع بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأنها نواة لأن تكون جيشا موحدا لدول المجلس في المستقبل إن شاء الله عندما ندخل مرحلة التنفيذ الفعلي للاتحاد الخليجي الذي سيؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ دول مجلس التعاون.
• لماذا لم تحددوا حتى الآن موعدا لزيارة مقرر الأمم المتحدة لشؤون التعذيب.. ولماذا تم تأجيل زيارته أكثر من مرة؟
- إن تلك الزيارة تستدعي اجراءات داخلية خاصة لذلك تعد من الأمور السيادية التي أقر ميثاق الأمم المتحدة احترامها وعليه فقد تم تأجيل الزيارة ولم نرفض الزيارة وإنما سيتم تحديد موعدها في الوقت المناسب.
• ماذا تعني لكم موافقة مجلس الجامعة العربية على أن تكون البحرين مقرا دائما للمحكمة العربية لحقوق الانسان؟
- كما تعلمون فإن تشكيل هذه المحكمة جاء بمبادرة ومقترح من جلالة ملك البحرين حفظه الله، وتبنت الجامعة العربية هذا المقترح وتمت دراسته وإعداد الآليات الخاصة به وخروجه إلى حيز التنفيذ. ونحن نعتز بموافقة مجلس الجامعة العربية على أن تكون مملكة البحرين مقرا دائما لهذه المحكمة، وهو ما يؤكد على ثقة مجلس الجامعة في ما تتمتع به البحرين من أرضية جيدة على صعيد احترام حقوق الانسان وما تطبقه من قوانين وتشريعات متطورة في هذا المجال، ويحق لنا أن نفخر بأنه سيكون لدينا كعرب محكمتنا الخاصة بحقوق الانسان التي سترسي قواعدها ومبادئها مراعية لخصوصيتنا العربية وامتدادنا الاسلامي.
• أثار خطاب الرئيس الأميركي (باراك) أوباما في الأمم المتحدة كثيرا من اللغط بشأن ما ذكره عن التوتر الطائفي في البحرين.. كيف استقبلتم هذا الخطاب وما انعكاساته على العلاقات البحرينية ـ الأميركية؟
- نحن نرى ضرورة أن تكون هناك رؤى واضحة لدى المسؤولين في الدول الأخرى لما يحدث في مملكة البحرين وهذا بالطبع يعتمد على ما ينقل إلى هؤلاء المسؤولين من معلومات مضللة وكاذبة قد لا تعبر عن الواقع إن لم تكن لها أهداف أخرى، وهذا في تقديري خطوة ومسؤولية علينا جميعا العمل على تصحيحها. ولقد أكدنا ونكرر مرة أخرى أن البحرين لا تشهد توترا طائفيا وأن ما يحدث في البحرين هو محاولات إرهابية لفرض أجندات يسعى أصحابها لتنفيذها ولا يتورعون في سبيل ذلك عن ممارسة العنف والإرهاب واستهداف رجال الأمن وترويج الأكاذيب والمغالطات، ويحظون في ذلك بدعم من يتفقون معهم في الهدف وهو زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وبث بذور الفتنة.
• هل يمكن القول إن أوباما يجهل حقيقة الوضع في البحرين.. وأنه يستقي معلوماته عنها من مصادر لا علم لها بطبيعة ما يجري فيها؟
- يجب أن تكون هناك رؤى واضحة لدى المسؤولين في الدول الأخرى ليس لما يحدث في مملكة البحرين وحدها، وإنما في أي دولة أخرى بالعالم، وما نقوله يؤكده تغير مواقف بعض الدول تجاه تلك القضية أو تلك مما يعني أن الحقائق بدأت تتضح أمامهم، وأنهم يحتاجون لجهد مماثل لتفهم حقيقة الأوضاع في الدول الأخرى، حيث أن واقع الحال كما يرون ناتج عن ما يتلقونه من معلومات بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وأن التقارير التي يتلقونها تجانب الواقع، وتميل إلى التهويل والمبالغة.
• في إطار حديثكم عن تلقي مسؤولين في الدول الأولى معلومات بعيدة عن الحقيقة.. ما موقفكم من تواصل السفير الأميركي مع جهات التأزيم في البحرين.. وما مصلحة واشنطن في تصوير الوضع على أنه خلاف طائفي؟
- العلاقات بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأميركية هي علاقات تاريخية وطيدة وقوية ويسودها التفاهم والتنسيق المشترك، ونحن نحرص على تطوير هذه العلاقات وتنمية التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات. ونحن ندرك الدور الكبير والهام الذي تضطلع به الولايات المتحدة لحفظ الأمن والاستقرار الدوليين، ونتطلع دائما إلى أن تساهم في الحفاظ على الاستقرار في منطقة الخليج باعتبارها منطقة حيوية للعالم بأسره. والواقع أن ما يقوم به سفراء وممثلو الدول المعتمدون في أي دولة، هو تنفيذ توجيهات بلادهم، لكن اجتماعاتهم مع الأطراف داخل أي دولة يجب أن تكون واضحة، ومن الواجب أن تكون العلاقات بين الدول قائمة على الاحترام المتبادل، ونحن منفتحون على العالم، لكننا نرفض التدخلات في الشأن الداخلي لأنها تعد أمرا خطيرا وتؤثر في العلاقات بين الدول.
• أصدر البرلمان الأوروبي في مطلع الشهر الماضي قرارا تفصيليا حول حقوق الإنسان في البحرين.. كيف استقبلتم هذا القرار وهل ترون أنه ينحاز لصالح المعارضة على حساب المصلحة البحرينية؟
- البحرين تحترم حقوق الإنسان، فديننا الاسلامي أقر هذه الحقوق وأوصانا بها وألزمنا بتطبيقها قبل أن تصدر الاعلانات الدولية لحقوق الانسان وقبل أن يشهد الغرب نهضته، فاحترام حقوق الانسان هو نهج أصيل في مجتمعنا الاسلامي. ولا ينبغي أن نغفل أن قضايا من نوع حقوق الانسان وغيرها باتت ذريعة يستخدمها الآخرون للتدخل في شؤون الدول، أو لفرض ما يريدونه عليها بينما يضربون هم أنفسهم بها عرض الحائط عندما تتعارض مع أمنهم أو سلامة شعوبهم، ولا نحتاج إلى تكرر الشواهد على ذلك في الماضي القريب أو البعيد على السواء.
• كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات مع إيران بعد تولي الرئيس حسن روحاني لمقاليد الحكم؟
- المواقف البحرينية ثابتة في العلاقات مع دول العالم دون استثناء، فنحن نرحب دائما بعلاقات الصداقة مع أي طرف، في إطار الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمعاملة بالمثل، ونحرص على توطيد أواصر العلاقات وفق هذه المبادئ التي يحددها القانون الدولي. وهناك علاقة جوار تربطنا مع إيران، وتجمعنا معها العديد من المحافل الدولية وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي، ونحن نرحب بدعوات أو تصريحات الرئيس حسن روحاني والتي أكد فيها حرصه على تطوير علاقات بلاده مع دول مجلس التعاون الخليجي وبدء مرحلة جديدة من العلاقات مع دول المنطقة. إننا نتمنى الخير للجميع ونحرص على مصالح الآخرين، ولا نضمر شرا لأحد، ولا نقبل أن يتدخل أحد في شؤوننا، ونحن في هذا لا نبتدع شيئا، وإنما هي المبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول، وهو ما تتمسك به دول العالم جميعا. كما أننا نتمنى لإيران في عهد الرئيس حسن روحاني التقدم والرقي وتحقيق النماء للشعب الايراني، ونتطلع إلى نهج جديد في العلاقات بين دول الجوار، فنحن نعيش في منطقة عانت كثيرا، وانعكست التداعيات السلبية للصراعات فيها على جميع دولها دون استثناء، وقد حان الوقت كي تنعم هذه المنطقة بالاستقرار وأن تتفرغ للتنمية والبناء.
• هل ترون إن إيران ضالعة عمليا أو اعلاميا في التحريض على الفتنة في الداخل البحريني وأنها تعمل على تحويل اتجاهات المعارضة لخدمة مصالحها عبر زعزعة استقرار الجبهة البحرينية؟
- إن هناك تصريحات لبعض المسؤولين الإيرانيين تتجاوز الأعراف الدبلوماسية وتشكل تدخلا في الشأن المحلي، ونتمنى من إيران اتخاذ خطوات إيجابية لأن مثل هذا التدخل يؤثر على علاقات البلدين.
• هل تعتقدون أنه حان الوقت لتبني مطالب عرب الأحواز وتسليط الأضواء السياسية الكاشفة على قضيتهم المنسية؟
- نحن لا نريد التدخل في الشأن الداخلي لإيران، ومواقفنا تتم في إطار مشاوراتنا داخل مجلس التعاون كمجموعة واحدة، فموقف دول الخليج معروف وهو رفض التدخل في شؤونها، وكل ما نتطلع إليه أن تكون علاقات إيران طيبة مع جيرانها من خلال التفاهمات والاحترام المتبادل.
• ما هي رؤيتكم للإجراءات الخليجية ضد حزب الله اللبناني ومدى أهميتها في الوقت الحالي؟
- إن سياسة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تقوم على الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وبالتالي فإنها لا تسمح لأي حزب أو تيار أن يتدخل في شؤونها سواء من خلال دعم التنظيمات الإرهابية التي تمس أمنها وسيادتها أو من خلال ترويج المغالطات والأكاذيب التي تنال من السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي في الدول الخليجية والتي تهدف إلى شق الصف الوطني داخل دول المجلس على أسس مذهبية أو طائفية. والتحركات الأمنية الخليجية الأخيرة، تأتي تفعيلا للاتفاقيات الأمنية المشتركة بين دول مجلس التعاون، فالتنسيق الأمني بين دول المجلس متواصل ومستمر من أجل مواجهة الإرهاب وتجفيف منابعه.
• كيف ستتعاملون مستقبلا مع الحكومة اللبنانية في حال ضمت وزراء من كوادر هذا الحزب؟
- إن هذا الأمر لا علاقة له بعلاقاتنا مع الأشقاء في لبنان الذين نثق أنهم يحرصون على أمن واستقرار دولنا، وفي حال وجود تهديد لأمننا بأي شكل من الاشكال انطلاقاً من الأراضي اللبنانية أو من أطراف بعينهم، سنتحدث مع الأشقاء هناك وسنتوصل إلى ما يحقق الرغبة المشتركة في وجود علاقات قوية بيننا وبينهم.
• ما موقفكم من خطاب نصر الله التحريضي ومادوره في إحداث الفوضى في البحرين.. وهل لديكم أدلة على تورط هذا الحزب في أحداث المملكة؟
- نحن نؤكد على أنه لن يتم التساهل مع أي جهة أو تيار يسعى إلى تفرقة شعوبنا وسنتصدى لكل ما يتهدد أمننا وسلامة دولنا، ويجب أن يعي الجميع أن الرهان على الانشقاقات الطائفية والمذهبية رهان خاسر أفشله وعي شعوبنا بخطورة تحديات المرحلة الراهنة.
• هل ترون أن القرار الأممي الأخير كاف للتعاطي مع أزمة الكيماوي السوري؟
- إن موقف مملكة البحرين الواضح والمعلن هو التأكيد على أهمية إنهاء معاناة الشعب السوري الشقيق، والوقوف بجانب كل الخطوات والمبادرات التي تؤدي إلى الحفاظ على الدم السوري ووقف نزيفه، وإننا نؤيد الإجراءات الدولية التي من شأنها الحد من تفاقم تدهور الأوضاع في سورية. وإننا نتطلع أن تكون عملية نزع السلاح الكيماوي السوري بداية لمرحلة جديدة تحقق الأمن والاستقرار للشعب السوري الشقيق، إذ لا يمكن لنزيف الدم أن يستمر هناك هكذا إلى ما لا نهاية، ونحن في موقفنا نسير ضمن موقف موحد لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، فالكل يسعى إلى الحفاظ على وحدة سورية الشقيقة باعتبارها دولة عربية قوية ومؤثرة في الأمن القومي العربي.
• ما موقفكم من الصراع الطائفي في العراق الذي يفكك جبهته الداخلية.. وهل ترون أن سياسة الحكومة العراقية ساهمت في ترسيخه؟
-ما يحدث في العراق يؤلم كل عربي كان يتطلع إلى العراق كأحد الاركان الرئيسية لعالمنا العربي، ونتمنى أن تزول هذه الغمة وأن يعود العراق إلى ممارسة دوره الطبيعي داخل الأمة العربية، ونحن نرى أن الصراعات الطائفية تفتح الأبواب لتفتيت الدول والقضاء على هويتها، وأن بعض المتربصين بمنطقتنا ودولنا يحرصون على تأجيج تلك الصراعات وتغذيتها ودعمها كي لا تقوم للعراق قائمة مرة أخرى. ونحن نثق في أن شعب العراق الشقيق سيتجاوز تلك المحن وسيتغلب على الصراعات والانقسامات، وكلنا نتطلع إلى ذلك اليوم بأمل وترقب كبيرين.
• كيف تقيمون العلاقات مع مصر بعد تغيير حكم الرئيس السابق محمد مرسي.. وما الذي تحتاجه مصر في المرحلة المقبلة.. وما الذي يمكن أن تقدموه لها غير الدعم السياسي وما الذي تنتظرونه منها؟
- بداية يجب أن يعلم الجميع أن علاقتنا مع الشقيقة الكبرى مصر هي علاقات تاريخية طويلة وممتدة، ويمكن القول أيضا أنها علاقات ذات طبيعة خاصة ليس بين مصر ومملكة البحرين وحسب بل بينها وبين مختلف الدول العربية، فمصر هي القلب، وهي العمق لأمتها العربية، وإذا صلحت أحوال مصر صلحت أحوال الأمة العربية والعكس صحيح، هذا ما تكرره وتؤكده وتجسده وقائع التاريخ وأحداثه. وحينما قرر الشعب المصري اختيار الطريق الذي يرغب فيه، وقفنا إلى جانبه، فاستقرار وأمن مصر هو استقرار وأمن للأمة العربية بأسرها، وفي مختلف المراحل فقد حافظنا على علاقات قوية مع مصر، والتعاون معها لم يتوقف في أي مرحلة من المراحل، فارتباطنا بمصر هو ارتباط مصيري. ونحن نثق في أن مصر ستتجاوز كل الصعاب التي تواجهها، وأنها ستستعيد دورها الريادي في المنطقة والعالم، وأنها ستواصل مساندتها ونصرتها للقضايا العربية والاسلامية، وأنها ستتخطى العثرات التي تعرقل مسيرتها، وسنقف معها وإلى جانبها، فمصر تستحق منا نحن العرب الكثير، وهي جديرة بوقفة عربية قوية، تقديرا وعرفانا بوقفاتها التي لا تنسى مع شقيقاتها العربيات، ومن بينها مملكة البحرين.