"ثلاث وتسعون بالمئة من مياه الامطار التي تهطل على المملكة لا يتم الاستفادة منها جراء التبخر" وفقا لقول أمين عام وزارة المياه والري المهندس باسم طلفاح.
ويوضح لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان هذه الكمية المتبخرة تقدر بـ 7ر7 مليار متر مكعب سنويا من معدل السقوط المطري طويل الامد الذي يقدر بـ 3ر8 مليار متر مكعب سنويا .
ويبين ان الاستفادة من مياه الامطار تبلغ حوالي 700 مليون متر مكعب فقط ، يذهب منها حوالي 275 مليون متر مكعب لشحن المياه الجوفية، و500 مليون متر مكعب كجريان سطحي يتم تجميع جزء منه في السدود والحفائر الصحراوية التي تتسع الى حوالي 33 مليون متر مكعب.
ويوضح ان السدود والحفائر تتواجد على الاودية ذات الجريان العالي وفي المناطق التي يمكن تخزين المياه فيها، مبينا ان مجموع ما سقط على الارض من مياه الامطار خلال العام الحالي وصل الى 105 بالمئة من المعدل طويل الامد، وهذا ادى الى زيادة مخزون السدود الى 186 مليون متر مكعب حتى الان.
ويفسر ظاهرة تبخر مياه الامطار بقوله ان ذلك يعود الى الجو الجاف ودرجة الحرارة المرتفعة وطبيعة طقس المملكة خاصة في السنوات الاخيرة، مضيفا انه من الصعوبة بمكان ايقاف عملية التبخر والتقليل منها.
لكنه يرى ان الحفائر الصحراوية من الممكن ان تكون مفيدة، لاسهامها في دخول المياه الى الارض ما يمكنها من زيادة مقدار الشحن الجوفي للأحواض المائية العميقة.
ويقدر المهندس طلفاح معدل الهطول المطري الجيد بين 400 - 600 مليمتر في السنة، وهذا يغطي اقل من ثلاث بالمئة من مساحة المملكة - المرتفعات الشمالية والوسطى _، اما معدل الهطول المطري في باقي مناطق المملكة فيتراوح بين 50 - 200 مليمتر ومعظمه في مناطق البادية، مؤكدا ان كميات الامطار التي يمكن الاستفادة منها سطحيا وجوفيا تصل الى حوالي 8 بالمئة فقط.
ويرى رئيس قسم التغير المناخي في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة حسين الكسواني ان الحلقات المناخية (المطرية) ودورات المناخ تتغير كل فتره من الزمن، فهناك سنوات تهطل فيها امطار جيدة وفوق المعدل وأخرى تكون الامطار فيها دون المعدل.
ويبين ان العالم بشكل عام يعاني من وجود اختلالات في الحلقات المناخية لعدة اسباب منها طبيعية تتعلق بفترات الاشعاع الشمسي والتغيرات الطبيعية والغازات الموجودة في الغلاف الجوي، ومحور دوران الكرة الارضية حول الشمس وتغير محور دوران الكرة الارضية حول نفسها.
ويشير الكسواني الى دور الانسان في اقتلاع الاشجار وتغيير استخدامات الاراضي، والتوسع في بناء المدن، واستخدام الوقود والغاز الذي ينتج عنه غازات مثل ثاني اكسيد الكربون والتي تسهم في زيادة نسبة الغازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي ما يؤدي الى ارتفاع درجات الحرارة في الصيف والشتاء الان وفي المستقبل الامر الذي يؤثر على طبيعة المناخ في العالم.
ويبين ان عدم استغلال الامطار في الاردن مرده الى عدم كفاية البنية التحتية من سدود وحفائر لتجميع مياه الامطار خاصة في مناطق الهطول، بالإضافة الى الجفاف المستمر في اعماق الارض، موضحا ان الموسم المطري في السنوات الاخيرة جاء متأخرا , اذ تكون الامطار كثيفة ضمن فترة زمنية قصيرة، لكنها غير مستغلة بالشكل المطلوب.
ويشير الى ان دراسات المناخ الحديثة تتوقع انحسار الامطار في السنوات المقبلة في المملكة بين 20 - 30 بالمئة، مبينا ان احد اساليب التكيف مع التغير المناخي هو التخطيط السليم لهذه الظروف من منشآت وسدود اضافة الى تخطيط المدن بطريقة تستوعب الامطار ذات المعدلات القياسية.
ويقول الكسواني ان زيادة الغطاء النباتي ووجود الغابات يسهم في تنظيم جريان المياه على سطح الارض وتحسين نوعيتها كمياه جوفية فيما بعد.
ويرى امين عام الجمعية العربية لمرافق المياه (اكوا) المهندس خلدون الخشمان ان المملكة عملت على الاستفادة من مياه الامطار باساليب مختلفة ، وبخاصة في موضوع الحصاد المائي، مبينا ان السدود تغطي جميع المواقع بطاقة تخزينية تقدر ب 350 مليون متر مكعب سنويا.
ويبين ان كميات الامطار يتم تجمعها ضمن السدود الموجودة ومنها سدود: الوحدة وطلال والوالة والهيدان والموجب والكفرين وشرحبيل والكرامة بالإضافة الى الحفائر الصحراوية، مضيفا ان الطاقة التخزينية مرشحة للزيادة الى 80 مليون متر مكعب سنويا في السنوات المقبلة.
ويؤكد المهندس الخشمان ضرورة تفعيل الاستفادة من الحصاد المائي خاصة في عمان والزرقاء عن طريق جمع مياه الامطار عبر الابار المنزلية من خلال تعديل نظام الابنية وربط مساحتها بحجم الابار المتوفرة لهذه الغاية.
ويرى ان كيفية ادارة مصادر المياه مقبولة , لكنها تحتاج الى تحسين أدائها أكثر، من خلال تخفيف الفاقد وتحسين الجباية، مضيفا ان المواطن مطالب ايضا بالتركيز على الممارسات الفضلى في موضوع استهلاك المياه بحيث يتبناها , ومنها استخدام الادوات التي تعمل على ترشيد الاستهلاك وعمل حصاد مائي داخل المنزل.
عضو الجمعية الاردنية للبحث العلمي الدكتور عاطف الخرابشة يقول انه من الصعوبة بمكان وقف عملية تبخر مياه الامطار , لكن يمكن التخفيف منها بتخزين المياه في السدود وحقن المياه الجوفية وربط الاودية ببعضها البعض في مخرج واحد لتصب في مكان واحد للاستفادة من كميات الامطار بشكل جيد.
ويرى ان تخزين كميات الامطار يحتاج الى بناء السدود التي تعتبر غير كافية في الوقت الحالي، موضحا ان الامر مرتبط بتوفر الموارد.
ويبين ان عملية التبخر تتم بسبب تعرض المياه المتجمعة لدرجات الحرارة والرياح في آن معا، مشيرا الى ان المواد الطينية المتبقية تفقد صلاحيتها لأغراض الزراعة بفعل ارتفاع ملوحتها.
ويشير الدكتور الخرابشة نائب رئيس جامعة البلقاء التطبيقية الى ان معدلات التبخر في المناطق الجبلية في المملكة تصل سنويا الى 75 بالمئة وفي المناطق الصحراوية الى 97 بالمئة، في حين تصل كميات الامطار التي تهطل الى أقل من 200 مليمتر في 91 بالمئة من مساحة المملكة، على عكس مناطق في دول مجاورة اذ تصل الى 1800 مليمتر.