المزيد
الضغط الاسرائيلي ومشاركة امريكا في الحرب

التاريخ : 22-06-2025 |  الوقت : 03:50:03

يبدو ان الضغط الذي مارسه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على الرئيس الامريكي دونالد ترامب للمشاركة في الحرب كان اكبر من قدرة الاخير على تحمله.

وجاء القرار الامريكي بضرب المنشات النووية الايرانية نتيجة ضغوط سياسية وانتخابية وشعبية ومالية وشخصية مارستها اسرائيل بكل قوة على الرئيس الامريكي مما دفعه الى اتخاذ قرار الحرب ضد ايران لارضاء اسرائيل ومؤيديها من السياسين ورجال الاعمال والصحافة ولجان الضغط الذين مارسوا اقسى انواع الضغط وبشتى الوسائل وصلت الى حد وضع اليافطات في الشوارع والاماكن العامة تطالب الرئيس بضرب ايران وتكملة العمل الذي قامت به اسرائيل نيابة عن الولايات المتحدة.

ولست بوارد الدفاع عن الرئيس ترامب، ولكن قرار مشاركته بالحرب يخالف كل وعوده الانتخابية والمواقف التي اتخذها منذ مجيئه الى البيت الابيض مما جعل مصداقيته محلا للشك امام ناخبيه الذين يعارضون بشكل كبير انخراط امريكا في الحرب حسب اكثر من استطلاع اجري مؤخرا. ان فقدان اي رئيس امريكي لمصداقيته سيكلفه ثمنا باهظا امام ناخبيه مثلما حصل مع الرئيس جورج بوش الاب حين وعد الناخبين بعدم زيادة الضرائب وتراجعه عنه مما كلفه عدم الفوز بفترة رئاسية ثانية رغم الانتصار العسكري الكبير الذي حققه عقب غزو العراق للكويت عام 1990. وبالرغم من ان الرئيس ترامب لن يترشح لفترة ثانية حسب الدستور الامريكي، الا انه سيعاني بشدة نتيجة نكثه بوعوده الانتخابية من فقدان التاييد الشعبي وخسارة جزء كبير من قاعدته الانتخابية، وسيتجلى ذلك بالانتخابات التشريعية القادمة حيث من المتوقع ان يخسر حزبه الاغلبية في الكونغرس نتيجة فقدان الثقة في قائد الحزب من قبل الناخب الامريكي. كذلك سيجد الرئيس صعوبة في تمرير مشاريعه امام الكونغرس ليس فقط امام الحزب الديمقراطي بل امام بعض الاعضاء الجمهوريين الذين اعربوا عن معارضتهم للحرب.

من جهة ثانية، شكل قرار المشاركة في الحرب ضربة قاسية لمبدأ (اميركا اولا) والذي كان الشعار الرئيسي لحملته الانتخابية. فقد تجمع خلف هذا المبدأ جموع كبيرة من الفعاليات السياسية والاجتماعية الامريكية والناخبين المتارجحين وكذلك اعداد من الناخبين الديمقراطيين مما ساهم بشكل كبير في الفوز الكاسح الذي حققه ترامب في الانتخابات مؤخرا. ومن هنا، ياتي قرار المشاركة في الضربات العسكرية ليضرب هذا المبدأ ويفض الجموع التي سارت خلفه مما سيشكل خسارة شعبية للرئيس لن يستطيع لا هو ولا حزبه تعويضها. اضافة الى ذلك، من المتوقع ايضا حصول بعض الخلافات داخل فريق ترامب اذا ما استمرت الحرب دون تحقيق نتيجة تذكر على ارض الواقع . وما صرحت به مديرة السي اي ايه مؤخرا بعدم وجود مشروع ايراني لتطوير القنبلة النووية (وتراجعها بعد ذلك) الا دليل على ما يمكن ان يحصل بين اركان الادارة من خلافات ومن غير المستبعد خروج البعض والقفز من سفينة ترامب.

يبدو ان ادارة الرئيس ترامب قد وضعت نفسها امام مقترق طرق نتيجة الضغط الاسرائيلي. فلا الادارة الامريكية تستطيع تغيير النظام في ايران بهذه الضربات، ولا هي قادرة على تسيير الجيوش واحتلال بلاد فارس الشاسعة ، ولن يكون لاي مقاطعة اقتصادية اي تاثير حيث لا تزال ايران تقبع تحت العقوبات من عشرات السنين ولم تمنعها من بناء قدراتها العسكرية والنووية. وستستمر ايران بضرب صواريخها على اسرائيل ما دامت الحرب قائمة الامر الذي يعني ان الضربات الامريكية لم يتعدى تاثيرها للمعسكرات والمعامل التي تم قصفها مما سيبقى ايران دولة اقليمية لها اعتبارها. كذلك فان تنفيذ التهديد الايراني باغلاق مضيق هرمز وما سينتج عنه من تدني انتاج النفط سيشكل مشكلة كبيرة لحلفاء امريكا سواءا المستهلكين او المنتجين للنفط وسيحد من تدفق الاستثمارات الى الولايات المتحدة ويؤثر على علاقاتها ومفاوضاتها التجارية.

اما اذا اراد الرئيس ترامب الخروج من المازق فعلية العودة الى مبادئه التي فاز بموجبها بالانتخابات وهو مبدا السلم وعدم شن الحروب ، ومحاولة تلافي اي ضرر قد ينشأ للتحالف المدني الكبير الذي اوجده ، وذلك باستناف المباحثات بين البلدين بخصوص الاسلحة النووية ، والاكتفاء بالضربات التي تمت ، والدعوة الى انهاء الاقتتال ، وبامكانه ايضا (اعلان النصر) ، وذلك تجنبا للمشاكل التي ستواجهها ادارته في حال استمرار الحرب ، وقبل ان يتيقن الشعب الامريكي بان اسرائيل وليس الولايات المتحدة هي المستفيدة الوحيدة من استمرارهذه الحرب مما سيكرس ا مام ناخبيه خضوعه لاعتبارات لا تمت للمصلحة الامريكية بصلة وهو يخالف كل ما تم وعد الشعب الامريكي به.

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك