الخراب سيعم الكنيسة والفاتيكان، بل العالم بأسره، في عهد البابا الذي سيبدأون بانتخابه بدءاً من الثلاثاء المقبل خليفة للمستقيل قبل أسبوعين، بنديكتوس السادس عشر، لأن الآتي للجلوس على الكرسي الرسولي في الحاضرة الفاتيكانية هو آخر بابا سيعرفه العالم.. هو، بحسب "نبوءة" شهيرة لمطران أيرلندي عاش قبل أكثر من 8 قرون، البابا 112 المعادي للمسيح نفسه.

ما ذكره المطران مالاكي، الذي كان كبير أساقفة مقاطعة "أرماغ" الأيرلندية، وارد في مخطوطة، هي "رؤيا" شهيرة معروفة باسمه ورآها حين زار روما عام 1139 حيث داهمته حالة "انخطاف" روحي ومدد، أو "غفوة" تعرف معها مسبقا إلى جميع الباباوات الذين سيتم انتخابهم بدءا من سلستينو الثاني عام 1142 وحتى نهاية العالم.

بالتأكيد استغرب الراهب أن من سيتم انتخابهم هم 112 بابا فقط، وبعدهم لن يكون هناك أي حبر أعظم في الفاتيكان، لأن الحاضرة ستنهار وسيلحق الدمار بالمسيحية ورجالها وكنيستها، والعالم نفسه سيتفكك ويخرب في عهد البابا الأخير، والشر سيخيم جوا وبحرا وبرا إلى أن يأتي "المخلص الموعود" كما يصفونه.

عبارات "مشفرة" عن كل بابا قادم

 

والغريب أن مالاكي الذي تحدثت "العربية.نت" بشأن "رؤياه" إلى خبيرين بها من لبنان، كتب عبارات قصيرة باللاتينية عن كل بابا "رأى" أن الفاتيكان سينتخبه منذ 1142 حتى نهاية العالم، وجاءت معظم عباراته "المشفرة" مطابقة لكل منهم، خصوصا البابا 111 المستقيل في 28 فبراير/شباط الماضي، إضافة إلى سلفه البابا يوحنا بولس الثاني. أما 112 الأخير، فهو بحسب مالاكي، مسيح دجال وشر مطلق.

وصف مالاكي البابا يوحنا بولس الثاني بعبارة "الآتي من الشمس" في المخطوطة، فحدث يوم مولده في 18 مايو/أيار 1920 كسوف كلي للشمس شاهدوه في الأمريكتين، ولم يتكرر الكسوف يوم وفاته في 2 أبريل/نيسان 2005 كما قالوا، بل يوم دفنه، أي في 8 أبريل من ذلك العام، وقد راجعت "العربية.نت" تاريخي الكسوفين، وتأكدت من حدوثهما فعلا في التاريخين المذكورين.

وكتب عن البابا قبل الأخير، عبارة Gloria olivae اللاتينية، وترجمتها "مجد الزيتون" بالعربية، ودلت أبحاث القلقين من "رؤيا" مالاكي، وهم جماعات "المأساويين" وما شابه، أن بنديكتوس السادس عشر هو واحد من سلسلة باباوات حملوا اسم القديس بنديكتوس ووصفوهم بالزيتونيين "لعملهم من أجل السلام" بحسب ما يصفونهم.

أما عن البابا 112 الأخير فاستفاض مالاكي فيه وقال: "سيأتي في المستقبل، والذي أقول لكم، وستعلمون صدق ما أقول، سيسمى بيتروس رومانوس، فكما بدأت الكنيسة ببطرس فستنتهى ببطرس، وستخرب في زمنه مدينة التلال السبع وستبدأ نهاية العالم الذي نعيش أحداثه اليوم" قاصدا بعبارة "مدينة التلال السبع" روما، وتعني الفاتيكان لرجال الكنيسة.

ويتحدثون هذه الأيام عن المرجح انتخاب أحدهم بابا خليفة للبابا المستقيل، ويرون في مقدمتهم الكاردينال الغاني، بيتر تيركسون، الذي قد يصبح أول أسود على سنامة الفاتيكان، وقد يكون هو "بيتروس" الذي أشار إليه مالاكي في "نبوءته" المرعبة، فهو الوحيد الحامل لاسم بطرس.

من باريس وبيروت: العالم لن ينتهي كما قال مالاكي

 

 

وقد اتصلت "العربية.نت" بالمطران ناصر الجميل، وهو مطران الموارنة في 15 دولة أوروبية ويقيم في باريس وخبير بالتاريخ الكنسي، فذكر أن ما كتبه مالاكي شبيه بما كتبه "نوستراداموس" فيما بعد "لأن بعض المسيحيين عندهم تصور معين لنهاية الزمن، والإنسان لا يمكنه تقدير الزمن.. وحده الله يملك هذه القدرة" نافيا اعتماد الكنيسة هذه "النبوءات" غير الأكيدة.

كذلك اتصلت "العربية.نت" بالأب جان مارون هاشم، وهو خبير أيضا بشؤون الكرسي الرسولي، وكان مديرا في السابق للقسم العربي بإذاعة الفاتيكان، فأكد عبر الهاتف من بيروت وجود مخطوطة "النبوءة" في مكتبة الفاتيكان.

وذكر الأب هاشم أن العالم لن ينتهي كما قال مالاكي "الذي لم يتم تطويبه قديسا بعد وفاته في 1148 من قبل الفاتيكان، بل من قبل الشعب، وهذه كانت عادة التطويب ذلك الزمان، بل سينتهي العالم كما ورد في الأناجيل، أي بعد أن يرتد اليهود ويعترفوا بالمسيح ويؤمنون به"، مضيفا أن الكنيسة "ترفض هذه التوقعات ولا تتوقف عندها ولا ولن تتبناها أبدا" وفق تعبيره.

العلمانيون: كلام كاذب ومزيف

أما البحاثة فيجزمون بأن هذه "النبوءة" كاذبة ومزيفة من الأساس، وهناك واحدة شبيهة بها تماما اخترعها في القرن 16 كاردينال كان يطمح للبابوية، وشفّرها بحيث يشير رقم أحد الباباوات إليه بالتحديد.

تلك "النبوءة" واردة في كتاب ألفه في 1595 راهب بنديكتي، أي من "الزيتونيين" العاملين للسلام، اسمه آنولد دي وايون، وعثر على نسخة منه بالصدفة بين وثائق مهملة بأرشيف الفاتيكان، وهو ما قالته مادلين غريس، الراهبة والمؤرخة المتخصصة في وثائق العصور الوسطى بجامعة سانت توماس، في لقاء مع تلفزيون "إن. بي. سي" الأمريكي الأسبوع الماضي.

وقالت الراهبة: "لا يوجد دليل بأن القديس مالاكي هو مصدر "نبوءة البابوات" كما يسمونها. وهناك فجوات عميقة وأخطاء تتضارب مع التسلسل الزمني للأحداث في هذا العمل. الأغلب أنه عمل مزيّف كان القصد منه وقت كتابته منفعة ما تعود على صاحبه" وبكلامها تنتهي مصداقة "النبوءة" ولا يخرب الفاتيكان ويستمر العالم.