حكومات لا تفي بوعودها
لم تفِ الحكومة بوعدها، ولم تتمكن من كبح جماح الأسعار، كما تعهدت. وكل ما قيل عن أن تحرير أسعار المحروقات، سيفيد الجميع ولن يمس حياتهم، كلام عرّته أرقام التضخم، الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة. المؤشرات تؤكد أن متوسط أسعار المستهلك للشهر الأول من العام الحالي زادت 6.7 %، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. أبرز المجموعات السلعية التي ساهمت في هذا الارتفاع: النقل وارتفع بنسبة 19.3 %، والوقود والإنارة 24.3 %، إلى جانب اللحوم والدواجن 7.0 %، وكذلك الخضراوات التي ارتفعت أسعارها 13.5 %، ومجموعة الإيجارات 2.6 %. وفي المقابل، انخفضت أسعار المجموعات السلعية التالية: التبغ والسجائر 4 %، والحبوب ومنتجاتها 1.3 %، إضافة إلى الزيوت والدهون التي تراجعت أسعارها بنسبة 1.0 %. بالتدقيق في السلع والخدمات التي زادت أسعارها، يتضح أنها أساسية في حياة الفرد وتؤثر مباشرة في مستوى نفقات كل أسرة، أما السلع التي انخفضت أسعارها، فتأثيرها طفيف، ولا تصنف ضمن الحاجات الأساسية في سلة استهلاك الفرد. عدا عن ذلك، ثمة سلع وخدمات ارتفعت أسعارها، لم تتحدث عنها دائرة الإحصاءات، لأنها ليست جزءا من سلة المستهلك المعتمدة، ما يعني إضعافا لقدرة أرباب الأسر على الوفاء بالتزاماتهم تجاه المتطلبات الأساسية لحياة كريمة بالحد الأدنى. الحكومة تقول إن الدعم النقدي المقدم كفيل بتغطية هذه الكلف الإضافية، وهذه النظرية بحاجة إلى إثبات، وتفسير علمي، يكشف كيف توصلت الحكومة لهذه النتيجة، لتقنع الجميع بها. وفي حال لم تتمكن من تقديم مبررات لنظريتها، فإن المطلوب إعادة النظر في قيمة الدعم النقدي الذي تحصل عليه الأسر، إلى جانب إجراء دراسة جديدة حول السقف الذي حددته للاستفادة من الدعم، وهي الأسرة التي يقل دخلها الشهري عن 800 دينار شهريا. ضبط الأسعار بحاجة لخطة متكاملة تنفذها السلطتان التنفيذية والتشريعية. تشريعيا، يلزم الإسراع بإقرار قوانين تنظم السوق وتضبطها، أهمها قانون حماية المستهلك المؤجل منذ زمن، والمنافسة ومنع الاحتكار، والصناعة والتجارة، والهدف تغليظ العقوبات على من يستغل المستهلك. أما الحكومة فعليها تكثيف الرقابة على الأسواق وعدم التنصل من مسؤولياتها، بحجة أن السوق مفتوحة تقوم على العرض والطلب، إذ كيف يستوي أن تتراجع أسعار الغذاء في الأسواق العالمية؟، فيما ترتفع لدينا بدون حسيب أو رقيب. مجابهة موجات ارتفاع تكاليف المعيشة، وتأثيراتها على المجتمع تتطلب تسريع وتيرة عمل صندوق المحافظات، الذي أطلق منذ عامين، بهدف إنشاء المشاريع وتوفير فرص العمل في المحافظات. من المتوقع أن نشهد قفزة كبيرة في الأسعار خلال الأشهر المقبلة، تبعا لخطط زيادة أسعار الكهرباء في شهر نيسان (أبريل) المقبل، وما يتبع ذلك من ارتفاع أسعار المياه. ومن الممكن أيضا التفكير بمصادر جديدة للإيرادات الحكومية بعيدا عن جيب المواطن، والتفكير بدعم نقدي جديد يعوض عن زيادة أسعار الكهرباء والمياه، لأصحاب المداخيل المحدودة والمتوسطة، تماما كما تم التعامل مع خطة تحرير المشتقات النفطية. وما تزال الحكومة تقلل من شأن خطورة العامل الاقتصادي، رغم أنه يمثل التحدي الحقيقي للدولة، خصوصا أن تردي الأوضاع الاقتصادية له تبعات أعمق بكثير من تلك المتولدة عن غياب قانون الانتخاب أو إجراء تعديلات دستورية اضافية. عجز المواطن أمام لقمة العيش يوفر بيئة خصبة لعدم الرضا، ويولد ضغطا نفسيا كبيرا، يزيد من حالة الامتعاض التي لا ندري إلى أين تصل، وتحديدا في الأطراف التي تعتمد على مداخيل ثابتة ومحدودة، لم تعد تكفي منذ زمن. الدعم النقدي لا يكفي، وحماية الفقراء الجدد، بحاجة لمنظومة حماية اجتماعية شاملة وعادلة. تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|