وكالة كل العرب الاخبارية
يرسم ضعف الالتزام الدولي بإعادة توطين اللاجئين وظهور أزمات إنسانية جديدة صورة قاتمة لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين في الأردن، بحسب تقرير لمنظمة اللاجئين الدولية.
وسلط التقرير، الصادر بعنوان “11 عامًا من الحرب: الأثر الإنساني للصراع المستمر في سورية”، الضوء على اللاجئين السوريين في مختلف البلدان ومنها الأردن حيث “أجريت أبحاث ميدانية داخل سورية والدول المجاورة المضيفة للاجئين”، مؤكدا أنّ العودة إلى سورية في المستقبل المنظور أو إعادة التوطين في بلد ثالث خيارات لن تكون “قابلة للتطبيق”.
ودعا التقرير الجهات المانحة والحكومات المستضيفة الى إدراك هذا الواقع واتخاذ تدابير هادفة لتعزيز الاكتفاء الذاتي والشمول، حيث وجد أنّه بالنسبة للعديد من السوريين إن لم يكن معظمهم في دول مثل تركيا والأردن ولبنان، سيكون الاندماج وإنهاء فكرة “المنفى” هو “الحل الأنسب والواقعي والكريم”. وأكد على ضرورة أن يكون ذلك مصحوبًا بالتزامات أكثر طموحًا وطويلة المدى.
ووفقا للتقرير فإنّ الأردن يستضيف حاليا 670 ألف لاجئ مسجل لدى المفوضية في حين أنّ الحكومة تشير الى وجود ما يقرب من 1.3 مليون لاجئ، وقد استقر الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين في المجتمعات الحضرية والريفية، في حين ما يقرب من 130 ألف سوري يعيشون في المخيمات.
وأشار التقرير الى أنّه في العام 2016، وقعت الحكومة “ميثاق الأردن” مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. ودعت الاتفاقية إلى إصدار تصاريح عمل لـ200 ألف لاجئ سوري وفتح سوق العمل أمام العمالة الوافدة.
وحتى حزيران (يونيو) 2021 تم إصدار ما مجموعه 239،024 تصريح عمل، وقد أظهر الأردن أيضًا دعمه لاعتماد اللاجئين على أنفسهم من خلال تبسيط متطلبات تصاريح العمل والسماح بتسجيل وتشغيل الأعمال التجارية من المنزل بالإضافة إلى ذلك.
علاوة على ذلك، فإن ميثاق الأردن -وخطة الاستجابة الأردنية (JRP) – أخفقا في تضمين ما يقرب من 90.000 لاجئ غير سوري من العراق واليمن والسودان والصومال ودول أخرى، مما أدى إلى تفاقم أوضاعهم الصعبة بالفعل.
وقال التقرير انه ولسوء الحظ، تراجعت بعض المكاسب الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت بموجب الاتفاق بسبب ضعف الاقتصاد الأردني وتأثير جائحة كورونا.
وقبل انتشار الوباء، كان 4 من كل 5 لاجئين سوريين في الأردن يعيشون تحت خط الفقر. وقد تفاقم الوضع مع الانهيار الاقتصادي الذي صاحب الوباء، حتى أنّ 68 % من اللاجئين شهدوا انخفاضاً في دخولهم.
وتضاعف انعدام الأمن الغذائي بين اللاجئين خلال العام الأول للوباء، ووفقًا للأمم المتحدة “يمكن لـ2% فقط من أسر اللاجئين تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية دون أي استراتيجيات مواجهة سلبية”.
ويواجه نظام الدعم النقدي لبرنامج الغذاء العالمي نقصًا حادًا في التمويل، مما يضطر الوكالات إلى خفض الدعم الغذائي للمستفيدين المعرضين للخطر، حيث أعلن برنامج الأغذية العالمي منتصف العام الماضي أن 21 ألف لاجئ لن يتلقوا مساعدات نقدية بعد الآن بسبب نقص الأموال، وأن 250 ألف لاجئ آخر قد يشهدون انخفاضًا في المساعدات الغذائية.
وقال التقرير إن الأردن كان قد اتخذ قرارا “جديراً بالثناء” بإدراج اللاجئين في خطط الاستجابة الوطنية لبرامج اللقاح ضد فيروس كورونا، وأشار الى أنه في 2021، بدأ الأردن برنامج لقاح COVID 19 الأول في العالم للاجئين السوريين، ما أتاح اللقاحات لأولئك الذين يعيشون داخل المخيمات وخارجها. وحتى شباط فبراير 2022 ، تم تلقيح 90 % من اللاجئين السوريين في المخيمات، وتم تطعيم 50 % ممن يعيشون خارج المخيمات.
وبحسب التقرير، يتعرض اللاجئون السوريون أيضا لتحديات متعلقة بالمناخ والمرتبطة بزيادة التصحر، وندرة المياه بالإضافة إلى ذلك، أدت التحديات الاقتصادية في المملكة وارتفاع معدلات البطالة إلى خلق تحديات محلية للأردنيين العاديين، والتي يشعر بضغوطها أيضًا اللاجئون الذين يتعين عليهم أيضًا التنافس على الوظائف.
وقال التقرير إنّه وبدون إمدادات المياه، لن تكون زراعة المحاصيل في الأردن كافية لتلبية الاحتياجات الغذائية، مشيرا الى أنه وفي الآونة الأخيرة، عمقت الأزمة الأوكرانية الخوف بشأن الأمن الغذائي العالمي على المدى الطويل.
وبين أنّه مع تأثر واردات الحبوب من أوكرانيا وروسيا بالأزمة عالميا، من المتوقع أن ترتفع أسعار واردات الأردن الغذائية، وسيؤثر ذلك على مشتريات الغذاء للاجئين، الذين ستتراجع قوتهم الشرائية بسبب التضخم.
وقال التقرير إنّ “الاتجاهات في الأردن مقلقة” بالنسبة للاجئين، إلّا أنّه من غير المرجح أن يعود اللاجئون إلى ديارهم في أي وقت قريب، فبالنسبة للعديد من اللاجئين السوريين ما تزال الظروف في سورية غير مواتية بعد لعودة آمنة ومستدامة وكريمة.
واكد أنّ “حالة عدم الاستقرار المقترنة بانخفاض الالتزامات الدولية لإعادة توطين اللاجئين وظهور أزمات إنسانية جديدة ترسم صورة قاتمة لمئات الآلاف من الذين بقوا في الأردن”.
وقال التقرير إنّه ما يزال هناك 10 آلاف سوري في مخيم الركبان الذي يقع على الحدود السورية الأردنية، وهؤلاء بدون إمدادات منتظمة.
ووفقا للتقرير فإنّ آخر قافلة إنسانية للأمم المتحدة لتقديم المساعدات وصلت إلى الركبان كانت في أواخر العام 2019. ونتيجة لذلك، اضطر سكان المخيم إلى الاعتماد على شبكات التهريب لتوفير ضروريات البقاء على قيد الحياة.
وتفتقر العيادة المتبقية في المخيم إلى الإمدادات أو الأدوية لمعالجة حتى أدنى الأمراض، ناهيك عن تقديم أي شكل من أشكال الرعاية أو العلاج لفيروس كورونا، بحسب التقرير، الذي أشار تقارير عن وفاة حديثي ولادة وأمهات شابات أثناء الولادة بسبب مضاعفات يمكن الوقاية منها.
كما دعا التقرير الولايات المتحدة والجهات المانحة الأخرى الى دعم جهود البلدان المضيفة لتسجيل الأطفال السوريين في المدارس العامة من خلال تخصيص تمويل متعدد السنوات يخصص لقطاع التعليم مع ضرورة دعم جهود وكالات الإغاثة والمجتمع المدني المحلي لتوفير تعليم غير رسمي جيد داخل المخيمات لسد الثغرات في قطاع التعليم.
كما أكد على ضرورة تحسين ظروف اللاجئات، موضحا أنّ على الولايات المتحدة والمانحين مضاعفة الجهود لتحسين ظروف اللاجئات، اللائي ما يزلن محرومات إلى حد كبير في جميع البلدان المضيفة، ويجب أن تتصدى البرامج للتحديات الفريدة والعقبات التي تواجهها المرأة وتشمل هذه العوامل نقص رعاية الأطفال، وتكاليف النقل، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والأعراف الثقافية التي تعارض عمل المرأة خارج المنزل. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون الدافع وراء التدريب المهني من منظور المرأة ورغباتها.
كما أوصى التقرير بضرورة تعزيز تكامل سوق العمل، حيث سيكون الوصول إلى الوظائف في سوق العمل الرسمي، بما في ذلك تصاريح العمل والحقوق في العمل وحرية التنقل بعيدًا عن المخيمات والمستوطنات، أمرًا ضروريًا لإدماج اللاجئين والاعتماد على الذات