هرمجدون، هرمجدون، هرمجدون، هي كلمات رددها خبير صيني موالٍ للحكومة الصينية، فيما إذا استمرت الولايات المتحدة في تحدي بكين في مناطق نفوذها. هرمجدون، أو أرمجدون، التي كررها الخبير الصيني هي المعركة الفاصلة بين قوى الخير والشر في موقعة تبشر بنهاية العالم، حسب ما جاء في العهد الجديد.
وفي افتتاحية العدد الأخير لمجلة الفورين أفيرز، المجلة الأكثر تأثيراً في سجالات السياسة الخارجية الأمريكية، تحدثت الافتتاحية عن الخطاب الأول للرئيس الأمريكي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي قال فيه إن "الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة مع الصين، ولا ترغب في عالم منقسم إلى تكتلات متصلبة". وقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، وآخرون، نفس الرؤية ومخاطر الانقسام على غرار الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو.
ولكن الخبراء يرون غير ذلك، وأن ضرورات الجيوسياسية تحتم التنافس بين قطبي النظام العالمي الجديد، سواء كانت الحرب باردة أم ساخنة. بمعنى آخر أن الصراع ستحتمه بنية النظام العالمي. والسؤال هل يستطيع القطبان تفادي حرب ساخنة كما فعل سلفاهما؟ وهل يمكن أن يعيد التاريخ نفسه؟.
التاريخ لا يعيد نفسه، كما يقول الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين، لكنه يسجع! ولكن كيف نستطيع أن نفطن لهذا السجع التاريخي بين الحرب الباردة السابقة والتنافس الحالي بين القوتين العظميين؟.
يقول الباحثان في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية، هال براندز وجون لويس قاديس، إن "الوضعين متشابهان من عدة أوجه، فالبوادر تنذر بحرب باردة طويلة بين العملاقين، لكن هناك متغيرات كثيرة لا نعرفها للجزم بتحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة، كما أن الاسترشاد بالتاريخ يوضح بعض الأمور بينما تظل أخرى مبهمة".
جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية البارز، الذي ينتمي إلى مدرسة الواقعية الهجومية، يرى أن الخطأ يكمن في تقدير الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة، التي قدرت أن صعود الصين كقوة اقتصادية سيؤدي بالضرورة إلى بروزها كدولة ليبرالية وجزء من النظام العالمي الذي تقوده واشنطن، ولكن هيهات، هيهات!.
فالدول لا تتغير بحسب الأهواء أو بسبب القناعات، والتغيرات الاقتصادية تؤدي إلى طموح للسيطرة والهيمنة، كما يعلمنا تاريخ العلاقات بين القوى الكبرى، والانخراط الأمريكي مع الصين وتجاوبها مع الانفتاح الاقتصادي الصيني قد يكون، حسب ميرشايمر، غلطة تاريخية.
ويقول ميرشايمر إن "حتمية التنافس بين الصين والولايات المتحدة مردها بنية النظام العالمي، الذي يعتريه انعدام سلطة مركزية تضبط النظام الدولي، كما في حالة الدولة والمجتمع". ولأن غاية الدولة البقاء والدفاع عن مكتسباتها، فإن تجميع أكبر قدر من القوة سواء كانت اقتصادية أم عسكرية أم غيرها من عناصر القوة مسألة حياة أو موت.
ولكن مأساة القوى الكبرى أنها لا تستطيع أن تتخلف عن منافسيها لئلا تتفوق عليها أترابها وتسيطر وتهيمن على الإقليم أو العالم. والصين، مثل الولايات المتحدة سابقاً، بل مثل كل القوى العظمى، ستسعى إلى الهيمنة على إقليمها، مما سيقلل من نفوذ واشنطن في منطقة آسيا والباسفيك. والأدهى هو إذا ما استطاعت بكين السيطرة على محيطها الإقليمي فإنها ستسعى إلى مد نفوذها إلى خارج المنطقة، أيضاً.
كما فعلت الولايات المتحدة عندما أصبحت القوة المهيمنة على أمريكا الشمالية والجنوبية. وهذا ما يقلق الاستراتيجيين الأمريكيين من صعود الصين كقوة عالمية، والتي ستنافس الولايات المتحدة في كافة أصقاع العالم.
ولكن هل ستتحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة؟ هناك احتمال أن يؤدي هذا الصراع إلى حرب مفتوحة، ولكن مع امتلاك الأسلحة النووية فإن احتمالية الحرب تقل.
متى استخدمت القنابل النووية؟ في حالة واحدة ضد اليابان حين انعدم الردع. ولأن الردع كان متوافراً للطرفين الأمريكي والسوفييتي، تنافس الاثنان دون استخدام للأسلحة النووية رغم أنهما وقفا على عتبة استخدامها ذات مرة.
ما يعيب النظرة التشاؤمية إلى حتمية المواجهة بين الولايات المتحدة والصين هذه النظريات التي تنظر للواقع العالمي من خلال الوجهة المركزية الأوروبية، فجلُّ التنظير في العلاقات الدولية مبني على التجربة التاريخية الأوروبية، التي تعظّم من قيمة القوة والسعي لها. وصحيح أن النظام الأوروبي، ومعهم الولايات المتحدة مؤخراً، يفهم ويفسر على أساس التنافس بين القوى الكبرى على المسرح الأوروبي والعالمي.
ولكن أوروبا عندها تاريخ من التعاون أيضاً مثل الوفاق الأوروبي في القرن التاسع عشر والسوق المشتركة، ومن ثم الاتحاد الأوروبي في القرن العشرين والحالي. وكما قال شاعر المهجر، إيليا أبوماضي: أيهذا الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلاً.
وفي افتتاحية العدد الأخير لمجلة الفورين أفيرز، المجلة الأكثر تأثيراً في سجالات السياسة الخارجية الأمريكية، تحدثت الافتتاحية عن الخطاب الأول للرئيس الأمريكي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي قال فيه إن "الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة مع الصين، ولا ترغب في عالم منقسم إلى تكتلات متصلبة". وقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، وآخرون، نفس الرؤية ومخاطر الانقسام على غرار الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو.
ولكن الخبراء يرون غير ذلك، وأن ضرورات الجيوسياسية تحتم التنافس بين قطبي النظام العالمي الجديد، سواء كانت الحرب باردة أم ساخنة. بمعنى آخر أن الصراع ستحتمه بنية النظام العالمي. والسؤال هل يستطيع القطبان تفادي حرب ساخنة كما فعل سلفاهما؟ وهل يمكن أن يعيد التاريخ نفسه؟.
التاريخ لا يعيد نفسه، كما يقول الكاتب الأمريكي الساخر مارك توين، لكنه يسجع! ولكن كيف نستطيع أن نفطن لهذا السجع التاريخي بين الحرب الباردة السابقة والتنافس الحالي بين القوتين العظميين؟.
يقول الباحثان في تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية، هال براندز وجون لويس قاديس، إن "الوضعين متشابهان من عدة أوجه، فالبوادر تنذر بحرب باردة طويلة بين العملاقين، لكن هناك متغيرات كثيرة لا نعرفها للجزم بتحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة، كما أن الاسترشاد بالتاريخ يوضح بعض الأمور بينما تظل أخرى مبهمة".
جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية البارز، الذي ينتمي إلى مدرسة الواقعية الهجومية، يرى أن الخطأ يكمن في تقدير الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة، التي قدرت أن صعود الصين كقوة اقتصادية سيؤدي بالضرورة إلى بروزها كدولة ليبرالية وجزء من النظام العالمي الذي تقوده واشنطن، ولكن هيهات، هيهات!.
فالدول لا تتغير بحسب الأهواء أو بسبب القناعات، والتغيرات الاقتصادية تؤدي إلى طموح للسيطرة والهيمنة، كما يعلمنا تاريخ العلاقات بين القوى الكبرى، والانخراط الأمريكي مع الصين وتجاوبها مع الانفتاح الاقتصادي الصيني قد يكون، حسب ميرشايمر، غلطة تاريخية.
ويقول ميرشايمر إن "حتمية التنافس بين الصين والولايات المتحدة مردها بنية النظام العالمي، الذي يعتريه انعدام سلطة مركزية تضبط النظام الدولي، كما في حالة الدولة والمجتمع". ولأن غاية الدولة البقاء والدفاع عن مكتسباتها، فإن تجميع أكبر قدر من القوة سواء كانت اقتصادية أم عسكرية أم غيرها من عناصر القوة مسألة حياة أو موت.
ولكن مأساة القوى الكبرى أنها لا تستطيع أن تتخلف عن منافسيها لئلا تتفوق عليها أترابها وتسيطر وتهيمن على الإقليم أو العالم. والصين، مثل الولايات المتحدة سابقاً، بل مثل كل القوى العظمى، ستسعى إلى الهيمنة على إقليمها، مما سيقلل من نفوذ واشنطن في منطقة آسيا والباسفيك. والأدهى هو إذا ما استطاعت بكين السيطرة على محيطها الإقليمي فإنها ستسعى إلى مد نفوذها إلى خارج المنطقة، أيضاً.
كما فعلت الولايات المتحدة عندما أصبحت القوة المهيمنة على أمريكا الشمالية والجنوبية. وهذا ما يقلق الاستراتيجيين الأمريكيين من صعود الصين كقوة عالمية، والتي ستنافس الولايات المتحدة في كافة أصقاع العالم.
ولكن هل ستتحول الحرب الباردة إلى حرب ساخنة؟ هناك احتمال أن يؤدي هذا الصراع إلى حرب مفتوحة، ولكن مع امتلاك الأسلحة النووية فإن احتمالية الحرب تقل.
متى استخدمت القنابل النووية؟ في حالة واحدة ضد اليابان حين انعدم الردع. ولأن الردع كان متوافراً للطرفين الأمريكي والسوفييتي، تنافس الاثنان دون استخدام للأسلحة النووية رغم أنهما وقفا على عتبة استخدامها ذات مرة.
ما يعيب النظرة التشاؤمية إلى حتمية المواجهة بين الولايات المتحدة والصين هذه النظريات التي تنظر للواقع العالمي من خلال الوجهة المركزية الأوروبية، فجلُّ التنظير في العلاقات الدولية مبني على التجربة التاريخية الأوروبية، التي تعظّم من قيمة القوة والسعي لها. وصحيح أن النظام الأوروبي، ومعهم الولايات المتحدة مؤخراً، يفهم ويفسر على أساس التنافس بين القوى الكبرى على المسرح الأوروبي والعالمي.
ولكن أوروبا عندها تاريخ من التعاون أيضاً مثل الوفاق الأوروبي في القرن التاسع عشر والسوق المشتركة، ومن ثم الاتحاد الأوروبي في القرن العشرين والحالي. وكما قال شاعر المهجر، إيليا أبوماضي: أيهذا الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلاً.