فقه الحياة

من البلاهة بمكان أن نتخيل أننا براء مما نقوم به الآن في مجتمعاتنا او ننتظر لحظة فجائية تقضي علي ما نحن فيه من وهن الم أو فساد تفشي أو يأس طاردنا وكأننا كنا علي موعد مع سحرة موسي باحثين عن الخلاص ما بين لحظة وضحاها بأي طريقة كانت مما نحن بصدده
الأمم لا تتغير وفق منطق الحناجر ولا تتبدل حسب قوانين الاعتراض اللامتناهي ولا تظهر قدراتها بناءا علي دساتيرها المكتوبة ولا حتي النوايا الحسنة
نحن أمام مجتمعات تسبقها أمية الضمير وغوغائية السلوك ورجعية الإدارات وسلبية الإحساس بالمسئولية ليس فقط بسبب حكامها وإنما غالبا بسبب فقدانها فقه الحياة وغياب المعرفة وانهيار منظومة التعليم
أتكلم هنا عن التعليم كاستثمار لوعي ونهوض بأمة وإعلاء لآدمية
فالمجتمع الذي لا ينتصر لمباديء الحياة لا معني لوجوده والذي لا يرتقي فكره لا يمكنه خوض غمار عالم متغير
كثيرا من نراهم اليوم يندبون حظ أمتهم وربما ضاقوا بما كان من ثورات وكان دور الثورات أن تخرج لنا من الأرض كنوزا ومن السماء أموالا ومن السجون مليارات لا حصر لها...كثير منا جعل من الشارع حكما ومن الإعلام قاضيا وجلادا ومن الحرية وسيلة لاستخراج أسوا ما فيهم...كثير منا ارتضي أن يجعل من لسانه بديلا عن عقله ومن بطالته بديلا عن عمله ومن الانتظار بديلا عن المبادرة الفاعلة والواعية بالتغيير
الأمم التي لا تلجا للقوانين ليست جديرة بالنماء والتي لا تفعل التعليم غير آمنة علي مستقبلها والتي لا تدرك الفرق ما بين النقد والبذاءة تتساقط والتي تفهم الحرية علي أنها انفلات بلا مسئولية تتهاوي ..الأمم التي تعزز الفرقة ولا تأبه بالمواطنة ولا تعتني بالطفل ولا تهتم بالمرأة ولا تراعي أصحاب الخبرات فيها تفقد أنبل من فيها ..الأمم التي تغذي الجهل وتفتح له أبواب الغفلة إنما تستأصل الروح التي نحن بحاجة اليها ...تلك الروح التي لا تقصي الأخر ولا تتنكر للاختلاف ولا تخاصم المشاعر ولا تستنهض العداوات ولا تضيق بالمعرفة ولا تصر علي التثاؤب طوال الوقت...الروح التي تجعل من الأديان وسيلة تقارب و تستبقي من العادات والتقاليد ما يليق بمستجدات العصر..فليس مقبولا ان نعيش الماضي ونتناسي حراك كون تغيرت ملامحه ويحتاج لفقه جديد(فقه الحياة)
.............
عبدالهادي زيدان
عضو اتحاد كتاب مصر