ذاكرة الوفاء ..!! *لؤ ي طه
![]() هو ليس مكرٌ ولا دهاء منها، فقد كانت تشتهي أن تختبر فيه ذاكرة الوفاء. دون سابق إنذار وعلى حين غفلة، وهو يلهث وراء المفردات لينتقي لها الأجمل والأشهى. سحبت منه بساط الحوار لتوقعه فوق بلاط المفاجأة، جعلت ابتسامتها طعما لتصطاده وهو في نشوة غروره بالكلمات التي يتوقع أنها أرضت أنوثتها. سألته: ما أجمل الأشياء التي كانت تثير دهشتك بحبيبتك السابقة؟ مثل تلميذ لم يحفظ واجبه، ولم يكن يتوقع أن يختاره المعلم أول التلاميذ في السؤال، تلعثم وراح يبحث عما ينقذه من هذا الإحراج. لم تسعفه سرعة البديهة، ولم يجد من شيءٍ يفعله سوى كلمات اعتقد أنها قد تخرجه من هذا المطب. قال لها: لو أن بها ما يدهش لم أكن معك الآن! دعكِ منها، هي لا تستحق أن نضيع الوقت بالحديث عنها! وهي تحرك قطعة السكر في قدح الشاي، كانت تنظر إليه بصمت موحش لا معنى له، بدا وكأنه عار أمامها، شعرت بالأسف عليه؛ عندما تنكر لامرأة أي كانت الأسباب التي أدت إلى الفراق، حتماً هي قاسمته لحظات جميلة، وبادلته بعواطف حسبت أنها سوف تجلس في ركن أنيق من ذاكرته. شعرت بالبرد يتسلل إلى روحها وتخيلت بأنه يوماً ما، في مكان ما، سوف يجالس امرأة أخرى ليقول عنها ما قال لها عن حبّه السابق. غمزت للنادل اعطته قيمة فنجان الشاي، وتجاهلت الرجل صاحب الدعوة، وهي تغادر، ابتسمت له وقالت: كم تمنيتُ أن يكونَ فيكَ وفاء لحبّك السابق. ما كان ليزعجني، لو أنك اعتذرت بلباقة عن الإجابة؛ لكن أوجعني أنك تنكرت لتلك الأنثى. مهما كانت الأسباب التي أدت للخلاف هي تستحق أن تذكرها بشيء جميل. يؤسفني أن أقول لك: أنت رجل لا تملك ذاكرة الوفاء! من الطبيعي أننا نصل في علاقتنا للخلافات، وتتصدع جدرانها ولا يمكن ترميمها ويصير من الصعب علينا الاستمرار بتلك العلاقة، ولا نجد من سبيل أمامنا سوى الفراق. سواء في علاقة الحب، أو علاقة الصداقة؛ لابد وأننا قد عشنا تفاصيل جميلة، تفاصيل حملت في رحمها جنين الذكريات. وصار لها في الذاكرة ركنها الخاص. وهذا لا يعني أننا نتنكر لتلك التفاصيل أو نجعل من ملامح الذين تقاسمنا معهم تلك التفاصيل قبيحة في نظر الآخرين، ليس من الحب أن تتنكر من الحب السابق؛ وليس الوفاء لحبك الحالي هو أنك تفقد ذاكرة الوفاء لحبك السالف. من الجميل أنكَ رجلٌ يراعي مشاعر امرأة يجالسها قلبك، بعدم ذكرك لامرأة أخرى. فلا تسئ لامرأة لترضي غرور امرأة أخرى؛ ومن الرائع أنكِ امرأة تفهم طبيعة الشرق في الغيرة، وتحترمين مشاعر رجل تتشاركين معه الحب، إذ أنك لا تأتين على ذكر حب عاشه قلبك مع سواه. يطمئن قلبك لإنسان وفيٌّ ولا يذكر الآخر إلا بكل جميل، ترتاح وتأمن على ملامحك في ذاكرته ووجدانه؛ وتفزع من إنسان ناكر للوداد، يذكر أمامك من اختلف معه بكل سوء، تخاف على صورتك لو أنك في يوم اختلفت معه.. نم قرير القلب مع إنسان يملك « ذاكرة الوفاء» ..!! الدستور- وكالة كل العرب الاخبارية تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|