المزيد
أهال يدفنون إبداعات أطفالهم

التاريخ : 24-10-2015 |  الوقت : 02:06:09

يمتلك الأطفال عادة مواهب مدفونة تحتاج إلى اهتمام لتنمو وتصبح مهارة تساعد الطفل في عالمه ليكون متميزا ومبدعا، سواء كان ذلك بالرسم أو الموسيقى أو الرياضة، أو كتابة القصص الخيالية، أو غيرها من المجالات الأخرى. وفي المقابل هنالك كثير من الأهالي أيضا، الذين “يدفنون” تلك المواهب لدى أطفالهم، ولا يعملون على تطويرها، بل يحدون منها في أحيان كثيرة.
وأم خالد هي أم لولدين تعشقهما وتبحث دوما عن مصلحتهما، وهي ترى أن من مصلحة الأولاد التركيز على التحصيل الأكاديمي وعدم الانشغال في أي نشاط آخر، لو تقول “أن تلك الانشطة تجعل الطفل ينشغل عن دراسته بالتالي يتأخر في تحصيله الأكاديمي”.
وتشعر أم خالد أنها عملت لما فيه مصلحة طفلها عندما رفضت طلب مدرب الرياضة في مدرسة طفلها بانضمام الأخير الى فريق المدرسة للجمباز، وتقول “اخبرني المدرب الرياضي ان طفلي يمتلك مهارة وقدرة جسدية عالية وأنه سيتفوق رياضيا لكنني رفضت واخبرت المدرب انني افضل أن يتفوق طفلي أكاديميا”.
وتقول “رأيت الاحباط في وجه طفلي الذي لا يتجاوز 11 عاما لكني قلت له انك ستشكرني على ذلك مستقبلا لأنني اهتم بمستقبله الأكاديمي”.
وتتحدث سوزان بأسف عن تجربة شقيقتها مع طفلتها الصغيرة، التي تملك موهبة كبيرة بالرسم، خصوصا رسم الوجوه، والشخصيات الكرتونية، لكنها لجأت إلى “قمعها” أكثر من مرة، وعاقبتها في أحد الأيام بتمزيق كل رسوماتها، بحجة ضرورة الاهتمام بدراستها، وعدم التفرغ لتلك الموهبة “الفارغة”، برأيها.
ذلك دفع سوزان، للحديث أكثر من مرة مع شقيقتها وبلهجة قاسية، بأنها بتصرفاتها تلك ستترك آثارا سلبية على نفسية ابنتها، وتدمر موهبتها الوحيدة وستؤثر مثل تلك المواقف عليها مستقبلا.
في حين تعترف هند أنها كانت سابقا، توجه كلاما قاسيا لابنها (12 عاما) عندما تجده واقفا أمام مكتبة والده يقرأ منها الكتب غير المخصصة للأطفال؛ وهي كتب سياسية أو ثقافية، وفي كل مرة تشاهده مندمجا بأحد الكتب، تصرخ بوجهه بكلمات مستفزة “هذا الي فالح فيه، روح أقرأ كتبك بدل ما تضيع وقتك بهالكتب”.
وترى أن ما تطمح إليه أن يكون ابنها متفوقا في دراسته ولا “يلتهي” عنها بتاتا!.
وتبين المرشدة التربوية رائدة الكيلاني أن الكثير من المدارس تواجه سخط الأهل على أطفالهم ومواهبهم، فكثيرا ما نجد أهالي يطالبوننا بإبعاد أبنائهم عن نشاطات الفن والرياضة، كي لا يلتهوا عن دراستهم ومن باب أن الدراسة هي الأولى.
رغم أن المدرسة تقوم عادة بالجلوس مع الأهالي لتشرح لهم احتياج الطالب لمثل هذه النشاطات والتي تفيده حتى في تحصيله الثانوي فيحصل على ما يسمى بالتفوق الرياضي أو الفني حسب تخصصه.
وترى الكيلاني أن الطالب في مراحل الدراسة يكون شخصيته ويحافظ على مواهبه وينميها، لكن اذا ابتعد عن تلك الموهبة في فترة الدراسة والتي تعد طويلة يعني قتلت تلك الموهبة، مؤكدة أن القليل من الأهالي من يتراجع عن قرار توقيف ابنائهم عن هذه النشاطات.
الموهبة والإبداع لا تكونان عند جميع الأطفال، في رأي التربوي د. محمد أبو السعود الذي يعرف الموهبة بأنها مجموعة من القدرات التي يتميز بها الطفل عن أقرانه وهنالك الكثير من السلوكيات الخاطئة التي يقوم بها الأهالي وتقتل الإبداع والموهبة عند الأبناء، وفق أبو السعود، أو تقتلها من خلال وجود العمل المشروط بالنتائج، مثل “إن قمت بترتيب غرفتك سأعطيك الشيء اللذيذ، وفي هذه الخطوة يغرس في عقل الطفل أنه لا يؤدي واجبه، إلا إن كانت هناك جائزة”.
والأطفال عادة في أعمارهم الصغيرة لديهم طاقات كبيرة جداً وقدرات على التعلم والإبداع، وإظهار بعض المواهب، هذا ما يؤكده اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، موضحا “لكن هناك بعض الأهالي ممن يقتلون الإبداع من خلال عدم الالتفات لمثل تلك المواهب، أو إهمالها أو حتى تقييدها”.
وللأسف يكون هنالك تأثير نفسي سلبي حينما يتم التعامل مع الطفل على أنه طفل، ويسخرون من طرحه، ومن موهبته بقصد المزاح أحيانا، ما يعمل على تشويه الشيء الجميل في داخله، ولا يمكن ترميمه بأي عملية تجميل.
ويذهب مطارنة إلى أن ابعاد الطفل عن اللعب واللهو وأوقات الراحة وإغراقه بالأمور التعليمية البحتة بغية التفوق الدراسي، هو أمر خاطئ، فالمرح مطلوب لنفسية وتطور الطفل بشكل طبيعي، مؤكدا أن اللعب يوسع مدارك الطفل.
ويلفت مطارنة إلى أمر آخر وهو سلوك الأهالي الخاطئ بترك أطفالهم حبيسي الأجهزة الإلكترونية والتلفزيون، إذ يفقد الطفل ذكاءه الاجتماعي وتواصله مع الغير، ويحد من ابداعاته.
ولتنمية حس الابداع لدى الأطفال منذ المراحل العمرية الأولى، تشير المربية في دور الحضانة ميساء الكيلاني إلى ضرورة تعليم الطفل وتعريفه بمفردات الرسم وصناعة ألعابه بنفسه واللعب والركض، يجعل منه شخصا مميزا ومبدعا، يعرف ما يريده في المستقبل، بعيدا عن التلقين والحفظ.
وعلى الأهالي، كما تقول، أن يكونوا أكثر وعيا في التعامل مع أطفالهم من خلال محاورتهم ومشاركتهم أعمالهم وليس القيام بأدوارهم، أو محاصرتهم، مؤكدة أن رؤية الطفل كيف يحل المشاكل بين يديه وكيف يجمع ألعابه ويتعامل معها، يجعل الأهل أقرب للطفل ومعرفته بالشكل الصحيح.
وجعل الطفل يتعلم الموسيقى والرياضة والرسم، وغيرها من النشاطات من وجهة نظر أبو السعود تجعله ملما بكل شيء، رائيا أن أكثر ما يمكن أن يوقف عقل الطفل عن التفكير، ويقتل الإبداع لديه هو المراقبة الصارمة المباشرة، كأن تعطي الأم الطفل نشاطا وتطلب منه إنجازه بطريقة معينة وأمام عينيها على سبيل المثال.

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك