صدر حديثا للدكتور محمد عبيد الله أستاذ الأدب والنقد العربي بجامعة فيلادلفيا كتاب جديد بعنوان: تحولات القصّة القصيرة في تجربة محمود شقير، وصدر الكتاب عن دار أزمنة في عمان بدعم من جامعة فيلادلفيا.
والكتاب دراسة نقدية منهجية مطولة تقع في 280 صفحة كرّسها المؤلف لمقاربة واحدة من أبرز التجارب الإبداعية العربية المعاصرة هي تجربة القاص الفلسطيني الكبير محمود شقير (مواليد القدس 1941) للوقوف على تطوّر تجربته وخصائص كتابته في رحلة طويلة، زادت على نصف قرن ، نشر شقير خلالها عشر مجموعات قصصية، أولاها مجموعة: خبز الآخرين، وخاتمتها متوالية قصصية عنوانها: مدينة الخسارات والرغبة. وبين المحطّتين مراحل وتجارب متنوعة، من أهمها محطة (القصة القصيرة جدا) التي يعدّ شقير رائدها الفني فلسطينيا وعربيا، ومحطة الكتابة الساخرة التي مثّلت لونا من ألوان الجدل مع الواقع ومقاومة اختلالاته بأسلوب جديد يجمع بين المتعة والفائدة. ومحطة (المتوالية القصصية) التي تحولت فيها المجموعة القصصية إلى كتاب قصصي يتضمن تجربة موحدة ذات أثر كلي أو موحد.
وقد وقف الكتاب في فصوله الخمسة عند أبرز معالم هذه التجربة، في سياقها الفلسطيني الذي لم يغب عن قصص شقير بتنوع مراحلها وتعدد أنواعها وبلاغة اشكالها، وفي سياقها الفني الأدبي الذي يربط هذه القصص بطبيعة النوع الأدبي الذي تنتمي إليه، وتشغل حيزا من تاريخه وراهنه.
ففي الفصل الأول اهتم المؤلف بالواقعية التسجيلية أو التوثيقية التي مال إليها محمود شقير في قصصه المبكرة، وفي الفصل الثاني وقفت الدراسة عند قصص محمود شقير التي قدمت تمثيلا سرديا لظاهرة المقاومة بصورها المتنوعة، وفي الفصل الثالث درس الكتاب تحوّل محمود شقير من القصة القصيرة بشكلها التقليدي المألوف، إلى نوع القصة القصيرة جدا، بما فيها من إيجاز وشعرية وكثافة. وقد خصص المؤلف الفصل الرابع لدراسة (المتوالية القصصية)، وفي الفصل الخامس اهتم عبيد الله بدراسة ظاهرة السخرية في القصة القصيرة التي برزت في إنتاج محمود شقير، مستفيدا من فكرة (الكرنفالية) الباختينية ومتعلقاتها المرتبطة ببناء المناخات الهزلية في جو من التعدد اللغوي والمفارقات والمحاكاة الساخرة.
وفي خاتمة كتابه قال د.عبيد الله بأن دراسته تأمل أن تكون مدخلا قرائيا يسهم في مزيد من الاهتمام بتجربة محمود شقير، وتغري الدارسين والنقاد ببعض الظواهر المهمة التي تنطوي عليها، إلى جانب توجيه مزيد من الاهتمام بالدراسات النقدية التطبيقية حول التجارب الأدبية الموازية والمعاصرة لتجربته، فمعظم تجارب الأجيال المعاصرة لم تنل حظها من الدراسة والاهتمام النقدي بالرغم من صمودها لعقود طويلة، وبالرغم من دورها الجمالي والثقافي في تمثيل جوانب هامة من حياتنا المعاصرة.
ومؤلف الكتاب د.محمد عبيد الله ناقد وكاتب وشاعر معروف، صدر له كتب نقدية متتابعة في العقدين الأخيرين، ومن عناوين مؤلفاته الأخيرة: أساطير الأولين-الجنس الأدبي الضائع في السرد العربي القديم/2013، الوعي بالشفاهية والكتابية عند العرب/2014 وشارك في تأليف كتاب: ناصر الدين الأسد الفكر والمنهج/2014. ويعمل حاليا استاذا مشاركا للأدب العربي بجامعة فيلادلفيا، وهو عضو الهيئة الإدارية وأمين الشؤون الخارجية برابطة الكتاب الأردنيين.