الدولة الاسلامية..الجذور..التوحش..المستقبل/دراسة عبدالباري عطوان
أحمد بن عبد المحسن العسَّافيظن البعض أن ظهور الدولة الإسلامية-التي كانت تعرف اختصاراً بداعش-أمر مفاجئ، بينما يجزم آخرون، أنها نتيجة حتمية لسلسة من الإخفاقات والمظالم، وإجهاض الربيع العربي، وفريق ثالث يراها حلقة تمهد لما بعدها؛ تماماً كما أنتج الجهاد الأفغاني القاعدة، ومن رحم القاعدة ولدت داعش، وتظل فئة رابعة أسيرة الأفكار التآمرية؛ حيث لا يخامرهم شك، بأنها صنيعة صليبية، أو باطنية، أو علمانية.ولكل فريق ما يسند رأيه من دلائل، سواء كانت حقيقة، أو متأولة، وربما محرفة أو متوهمة، بيد أن الأهم هو أن الدولة أصبحت واقعاً اليوم، ولها جيش من المقاتلين، وجيوش من المؤيدين والمتعاطفين. والمال، والسلاح، والإعلام، كلها أدوات في متناول يدها، ولن نستغرب لو صار لها أذرعة دبلوماسية نشطة، كما هو حضورها الإعلامي، والتقني البارع.وبين يدي كتاب حديث، وشهي، عنوانه: الدولة الإسلامية: الجذور، التوحش، المستقبل، تأليف: عبد الباري عطوان، صدرت الطبعة الأولى منه عام(2015م)، عن دار الساقي-حسب المدون على الغلاف، بينما وصلني في ديسمبر(2014م) -، ويقع في مئتين وتسع وثلاثين صفحة، ويتكون من مقدمة، وأحد عشر فصلاً، ثم فهرسان للأعلام، والأماكن.المقدمة التي كتبها الصحفي المخضرم، أشبه بخاتمة الرسائل العلمية، فما فيها يكاد أن يلخص الفصول التالية، وهذا نوع من التشويق؛ لكنه قد يصرف القارئ الذي لم ترق له هذه النتائج، وقد ذكر عطوان أنه اختار عنوان كتابة؛ الدولة وليس داعش؛ احتراماً لرغبة الجهة صاحبة الاسم، والتزاماً بالعرف المهني، الذي تتبعه الوكالات الإعلامية الكبرى، مع أنه قرر في موضع آخر، ألا مانع من استخدام الاسم المختصر المتعارف عليه، كما فعلتُ في العنوان للدلالة، وليس نبزاً. وما يميز هذا الكتاب أن مؤلفه خبير بالقاعدة، وقابل عدداً من الشهود ذوي الصلة الوثيقة بالدولة، وأكثرهم يرفض التصريح باسمه.واعترف الأستاذ عبد الباري، بأن تأليف هذا الكتاب من أصعب المهام التي أنجزها خلال مشواره المهني الطويل، والشائك؛ ليس بسبب حساسية الموضوع فقط، وإنما لسرعة المتغيرات على الصعد السياسية، والعسكرية. وتبدو الأهمية جلية من السرعة التي صدر بها الكتاب، وأنه تولى بنفسه كتابة النسخة العربية، خلافاً لطريقته في كتبه السابقة، إذ يؤلفها بالإنجليزية، ويعهد لغيره بترجمتها، وهو عرف جرى عليه عدة كتاب، وأجد في نفسي استنكاراً “قومياً” له.يبدأ الفصل الأول بعنوان هيكلية الدولة ورجالها، وعدَّ ظهورها المفاجئ، أكبر حدث يشهده الشرق الإسلامي منذ اتفاقية سايكس بيكو سيئة الذكر، بل إن أهميته تتجاوز الربيع العربي. ويرى الكاتب بأن الدولة الإسلامية، مستوفية لشروط الدولة المتعارف عليها دولياً، ومساحتها أكبر من مساحة بريطانيا التي حكمت العالم دهراً، ثم تحدث المؤلف عن التقسيمات الإدارية، ومناصب الدولة، والتي تكاد تنحصر في أهل العراق وسورية، لتجاوز إشكاليات سابقة.وذكر بأن التداعيات السياسية لتكوين الدولة مربكة للغاية، فقد خلخلت ترتيبات الحلفاء، وبعثرت أوراقاً كثيرة، ومزقت خرائط النزاع على أرض سورية، وصيرت المشهد السياسي والعسكري، في حال بلبلة لا يمكن أن يستقيم دون اجتماع المتخالفين؛ وربما المتحاربين، مما يقود لتغيير وجهة الصراعات، وشكلها، فيصبح العدو صديقاً، والحليف مناوئاً! وهذا أمر يشبه تجرع السم عند الساسة؛ خاصة بعد تصاعد التصريحات، وبلوغ بعض المواقف خط اللارجعة، وإن طبول الحرب لتقرع بصخبٍ؛ وفينا من لم يسمعها بعد!وأثنى في هذا السياق على موقف بعض العلماء، ومنظري الجهاديين، الذين توقفوا عن انتقاد الدولة؛ حتى لا يكونوا في صف الغرب، فما دامت دولهم تعاقبهم على وصف الصورة كاملة كما يعتقدون؛ فليس من الكياسة أن يصفوا الجزء الذي يروق للنظام فقط، وإن كان الوصف مطابقاً لمعتقدهم، وما أعظم العالم العارف بالساسة وألاعيبهم، حتى لا يصبح الشيخ الوقور كرة بين أقدامهم، أو مطية لأهوائهم.ثم تحدث عن مصادر المال للدولة، حيث استولت على عدد من حقول النفط ومصافيه في سورية والعراق، واستحوذت على مبالغ طائلة، من موجودات المصارف التي سيطرت عليها، وأفادت من بيع المقتنيات الأثرية، ومن مبالغ الفدية التي دفعتها دول كفرنسا، وامتنعت أمريكا من دفعها، ثم سرد جدولاً زمنياً لميلاد الدولة، الذي توج بإعلان الخلافة، في غرة رمضان 1435=29 يونيو2014 م.أبو بكر البغدادي هو عنوان الفصل الثاني، وهذا أمر طبيعي، فبعد الحديث عن الخلافة، لا مناص من الوقوف عند الخليفة، وقد حامت حول الرجل إشاعات كثيرة، فمنهم من جعله عميلاً، أو يهودياً، أو باطنياً، والتهم غالباً جاهزة لتشويه سمعة أي أحد، وهي سلاح قديم متجدد، ولازالت فئة تستخدمه لتخدع به غيرها.وباختصار نقلاً عن عطوان، فأبو بكر ولد عام (1971م)، وتخرج في جامعة إسلامية عراقية، ثم حصل على شهادة الدكتوراه في علوم الشريعة، ويمتد نسبه إلى قريش، وتحديداً إلى آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام، من جهة سبطه الحسين رضي الله عنه، وكنيته توافق كنية الخليفة الراشدي الأول رضي الله عنه، وهذه المؤهلات تمنحه مرجعية لم يحظ بها أي زعيم إسلامي معاصر، فضلاً عن خبراته العسكرية، وزعامته، وشخصيته الجذابة المؤثرة، مع قلة ظهوره إعلامياً. ويحتل البغدادي في المنظومة الجهادية، مكانة سامية كابن لادن أو تربو عليه، وأما الظواهري فليس منافساً له ألبته، بل إن الأصوات تتعالى بضرورة دخول د. أيمن الظواهري في بيعة البغدادي! ولأبي بكر زوجتان، إحداهما كريمة زعيم قبلي كبير، وهو ما يمنحه مزيد قوة، وحماية.يحمل ثالث الفصول عنوان الجذور العراقية، فالدولة تحتل ثلث مساحة سورية، وربع أرض العراق، وإجمالي مساحتها يعادل ثلاثة أضعاف مساحة إنكلترا، ومن عجب أن دولة بهوية إسلامية، تظهر في دولتين علمانيتين طائفيتين، وتزيل حدود الاستعمار بينهما، وهو ما عجز عنه النظامان البعثيان الجاثمان على سورية والعراق منذ الستينات!وجزم المؤلف بأن طائفية النظامين كانت سبباً في توجه أبناء السنة نحو الدولة، وخاصة سنة العراق الذين ذاقوا المرارات كلها على يد المالكي، وعصابته وعصائبه، فما وجدوا ترياقاً لسم الشيعة الذي تجرعوه كارهين، إلا بالارتماء في أحضان الدولة، التي كررت تجربة طالبان، بحفظ الأمن، وتقديم الطعام، والخدمات الطبية والاجتماعية، فصارت موضع ترحيب من السكان، أو رضى، أو سكوت على أقل تقدير، فهذه الدولة كانت ثمرة طبيعية لتمرد سنة سورية، ولتغييب سنة العراق.واجتذب تشدد الدولة ضد الطوائف الأخرى، عدداً كبيراً من مقاتلي جبهة النصرة من غير المواطنين، الذين بادروا بتمزيق جوازات سفرهم؛ في مؤشر على عمق الولاء والتضحية. وحين فاقت الدولة في تصلبها، مواقف زعيمها الروحي أبي مصعب الزرقاوي، حدث شقاق في الظاهر بينها وبين تنظيم القاعدة المركزي، وجبهة النصرة مع أنها منبثقة عن الدولة أصلاً؛ فضلاً عن الخلاف والتناحر، مع كثير من التنظيمات المسلحة في سورية.ومع محاولات بعض المشايخ التوسط والصلح بين الدولة والجبهة، إلا أن جهودهم فشلت، وصرح العدناني -الناطق باسم الدولة-بأن القاعدة لم تعد قاعدة للجهاد، وأن قيادتها تخلت عن الصفة الجهادية، وألا سبيل للقاعدة وجميع فروعها إلا بمبايعة الخليفة البغدادي، وتنبأ العدناني متفائلاً بأن الملا محمد عمر-أمير المؤمنين-، سيبايع الخليفة إبراهيم البغدادي ولا محالة. والحقيقة أن استعراض الأستاذ عبد الباري لمواقف الجماعات الجهادية وفروع القاعدة، يعطي تصوراً واضحاً بوجود انقسام قد تزداد معه رقعة المبايعين لخليفة الدولة؛ خاصة من قبل تنظيمات القاعدة في اليمن، وليبيا، وسيناء، وأجزاء من أفريقيا، والمغرب العربي، بل إن سيناريو اليمن؛ خاصة بعد سيطرة الحوثيين، قد يؤول إلى مصير شبيه بما جرى في العراق، والليالي مثقلات وسيلدن حتماً!واسترجع المؤلف تكوين قوات الصحوات، من مئة ألف مقاتل سني، تدربوا جيداً على يد القوات الأمريكية؛ لمحاربة القاعدة في العراق، وبعد خروج الأمريكان من العراق، وعدت حكومة المالكي باستيعابهم، لكنها طردت من فورها نصفهم، وماطلت بتوظيف النصف الثاني لأسباب طائفية، فكان هذا الجيش اللجب، هدية ثمينة للدولة الإسلامية بعد توبة أفراده، وهو الذي حصل، فغدت الصحوات، مع جزء من جيش صدام وحرسه الجمهوري، العمود الفقري لجيش الدولة، وقد امتلأوا حقداً على حكومتهم الطائفية، والشخصية العراقية إذا حقدت؛ فإن انتقامها مدمر، كما يقول عالم الاجتماع العراقي الراحل د. علي الوردي.الفصل الرابع بعنوان: الدولة الإسلامية في سوريا: الخلفية، وفيه تكلم عطوان عن الحكم والبعثي في سورية، وعن حركة الإخوان التي توحش حافظ الأسد في قتالها؛ حتى أصبحت أثراً في الشام، ومع ذلك لم تخل الساحة الإسلامية والجهادية على وجه الخصوص، من قيادات سورية مهمة، كأبي مصعب السوري، المعتقل حالياً في سجون النظام، والذي سيكون له شأن في دولة البغدادي لو أفرج عنه. ثم روى قصة نشوء الثورة، وبروز الفصائل الإسلامية المقاومة، التي تختلف في فكرها، ومرجعيتها السياسية، وتشترك في مقاومة نظام بشار، وفي تعدادها الكبير بالآلاف، ويأتي على رأسها الدولة، وجبهة النصرة.ومن الطريف، أن أوباما كرر أنه وحلفاؤه، سيسلحون المعارضة المعتدلة في سورية، فعلَّق الإعلامي المخضرم باتريك كوكبيرن: ليس هناك شيء من هذا القبيل! ولكوكبيرن كتاب حديث عن دولة داعش، وصلني مع هذا الكتاب، وصدر عن دار الساقي أيضاً، وسأحاول استعراضه إن وجدت فيه شيئاً مختلفاً عن كتاب الأستاذ عبد الباري، وأعتقد أن الكتب عن داعش ستغزو معارض الكتاب، فلدى دار بيسان كتابان عنها؛ أحدهما تأليف المعارض السوري هيثم مناع، وتستعد بعض الدور الإسلامية لنشر كتاب حافل عن دولة البغدادي.جوهر القوة: الوهابية، السعودية، أميركا و “الدولة الإسلامية”، هو عنوان الفصل الخامس الذي يتحدث عن التحالف الوهابي السعودي في تاريخه وحاضره، وكيف استثمر لبناء دولة متجددة، أسهمت بمالها، وإعلامها، ومشاريعها الخيرية، في نشر المنهج الوهابي عبر العالم، وهو المنهج المعتمد من جل الجماعات السلفية الجهادية، التي-وهي مفارقة-تكن عداء للسعودية، ولحليفتها الاستراتيجية أمريكا، والحلف بين الرياض وواشنطن، قديم، ومتين، مع ما فيهما من متناقضات، وما تمر به علاقتهما من منغصات.واللافت أن الدولة الإسلامية “وهابية” المنهج، وتقاتل أمريكا، وتضع عينها على السعودية؛ كما يقول عبدالباري عطوان، الذي يعتقد جزء من السعوديين، بأن مواقفه تجاه بلادهم متحيزة، ويتهمونه بتلقي الأموال من دول معادية، وإن كنت أرى هذا الموقف “الشوفيني” مبالغاً فيه؛ وأنا أحب بلدي كثيراً، لكني لا أجد حرجاً في سماع آراء الآخرين، ولا حاجة بي لاتهام أحد.وجدير بعلماء الدعوة السلفية “الوهابية”، بيان الموقف الشرعي، والسياسي، والحقائق التاريخية، لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ومدرسته الإصلاحية، قبل أن يكتمل صبغها بلوحة قد يصعب تغييرها، أو توصم بشيء هي بريئة منه، أو لديها مسوغاتها في تبنيه. وما أجمل الثبات على المبدأ الصحيح، والبراءة من الخطأ الحاضر أو الماضي، فالعصمة لكتاب الله، ولما صح من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، والأسماء لا تغير من الحقائق شيئاً، ولسنا ملزمين بثلاثة قرون هي عمر الدعوة “الوهابية”؛ لكننا ملتزمون بمنهج القرون الثلاثة المفضلة.استراتيجية التوحش عنوان مرعب للفصل السادس، وهو مقتبس من كتاب ألفه جهادي عام (2004م)، ومما يحمد للأستاذ عطوان، إثباته أن التوحش ليس سمة خاصة بالإسلام، فغالب الحضارات تحفل بتاريخ دموي رهيب، فالحملات الصليبية، والغزوات المغولية، والحروب العالمية، والعدوان الأمريكي القديم والحديث، والجرائم الروسية والأوربية عموماً تؤكد ذلك، بل لا تكاد تسلم أغلب دول التحالف الحالي ضد الدولة الإسلامية، من تاريخ متوحش، أو حاضر دموي، فالتوحش كما نقل عن داتون، قالب عالمي يتكرر في أكثر من مكان، فيامن تلوم عنف الدولة: أين أنت من عنف يهود في فلسطين؟ وأفعال البوذيين المقززة في ماينمار؟ فضلاً عن وقاحات الأمريكان في العراق وأفغانستان؟ فالدولة الإسلامية كما يؤكد أبو خالد، ليست فريدة في هذا المجال!أما الفصل السابع فعنوانه: المقاتلون الأجانب في “الدولة الإسلامية”، وينقل عن مصادر مطلعة أن مقاتلي الدولة، يبلغون زهاء مائة ألف، ثلثهم أجانب (ليسوا عراقيين ولا سوريين)، جاؤوا من أكثر من ثمانين دولة، وربع العدد الإجمالي للأجانب، قدموا من الغرب (6% من فرنسا، و4,5% من بريطانيا)، وأما العرب فقد أتى ربعهم من تونس، و(22%) من الخليج والسعودية على وجه الخصوص، ثم الأردن (20%)، فالمغرب (15%)-يعني (60%) تقريباً من الدول الملكية! -، مع حضور بارز للمقاتلين من ليبيا والقوقاز، وبدرجة أقل من تركيا. وأكد عطوان وهو الخبير بأن القاعدة وطالبان، تخسران في سباق التجنيد لصالح الدولة، التي استقطبت حتى الشابات، وظهرت أعلامها في كثير من المسيرات الغاضبة، في غير ما بقعة من العالم.وكم هو حزين أن يكون عنوان ثامن الفصول: الدولة الإسلامية ضد القاعدة… الأخوة الأعداء، حيث تتبع المؤلف نشأة الدولة من رحم القاعدة، ثم خلافهما فنشوب الصراع الإعلامي والدموي بينهما، ونحن المسلمون نقسو على بعضنا بشدة، وقلما نتعاذر، أو نؤجل الخلافات إلى حين الفراغ من العدو المشترك، وفي غياب التوسط الشرعي، يصعب على المؤمن الخيار ما بين غلو وجفاء.وألمح المؤلف إلى الفرق في الاهتمام العالمي، بين إعلان الخلافة، وتكوين الإمارة في أفغانستان، مع أنهما تعرضتا لحلف دولي واحد بتهمة مقاومة الإرهاب. ومع وجود قواسم مشتركة بين الدولتين؛ إلا أن دولة داعش تتفوق على دولة طالبان، بموقعها العربي القريب من إسرائيل، والمنطلق من الشام والعراق حاضنتي الخلافتين الأموية والعباسية، وبنسب الخليفة القرشي كما يعلن، فضلاً عن وجود النفط، وتعداد المقاتلين، والصراع الدائر في سورية والعراق، إضافة إلى علانية الحرب الصليبية، على الإسلام ونبيه، ومقدساته ومؤسساته ورموزه.والفصل التاسع بعنوان إعلام التوحش وأهدافه، حيث أبدى عطوان انبهاره باستثمار الدولة لجيش إعلامي، لا يعرف اليأس، ويحضر بقوة في مواقع التواصل الاجتماعي، التي تستعمل الكلمة القصيرة أو الطويلة، والصور، ومقاطع الفيديو، والملصقات، حتى أن هذه المواقع الخاضعة لهيمنة أمريكية، ما تفتأ تغلق حسابات أنصار الدولة؛ حتى تفاجأ بنسل جديد من الحسابات الماهرة، المتقنة المبدعة، وبعضها تابع أو متعاطف أو مدافع.الغرب والإسلام: لعبة خطرة هو عنوان الفصل العاشر، ويعود المؤلف بالذاكرة قليلًا إلى استخدام الإسلام في حرب الشيوعية؛ خاصة على أرض أفغانستان، حيث تلطفت اللغة السياسية الغربية مع المقاومة في أفغانستان، في مقابل تجريم المقاومة الفلسطينية مثلاً، ووصل الأمر إلى وجود تفاهمات خفية، بين استخبارات أوروبية، وجماعات راديكالية، مما جعل العاصمة البريطانية تسمى “لندنستان”؛ لكثرة من فيها من رموز العمل الإسلامي، فالغرب يعلم يقيناً بأن شعوب المنطقة لا تثق بأحد أكثر من الإسلاميين، وما أحرى هؤلاء أن يكونوا على قدر الثقة، حتى لا يتلعب بهم غربي، أو يعبث بمواقفهم نظام وظيفي؛ يدور في الفلك الغربي الآسن.الفصل الحادي عشر مهم جداً، وعنوانه: مستقبل الدولة الإسلامية، وينتهي المؤلف إلى أن فرص استمرارها، أكبر من احتمالية زوالها، فلديها خبرات متراكمة، وعقول دارسة في أرقى الجامعات، وهي جذابة للشباب المسلم، وقد تندمج معها الجماعات المقاتلة في سورية أو غيرها، ويضم جيش الدولة مزيجاً متجانساً من الجيش النظامي، والميليشيا المدربة، ووجود جزء من جيش صدام مع الدولة، ربما يعين على امتلاكها للسلاح الكيماوي، وللدولة امتداد في غير ما مكان حتى داخل فلسطين، وظهورها هناك سيرفع أسهمها الشعبية، بل حتى إمارة طالبان المرشحة لأن تعود لحكم أفغانستان عام(2016م)، بعد رحيل الأمريكان، قد تتعاون مع الدولة، وهو تصرف سيزعج المراقبين والخائفين.ولا يخلو الكتاب من بعض اخطاء طباعية ونحوية؛ تعود للاستعجال في طباعة الكتابة، تزامناً مع معارض بيع الكتب، كما يوجد فيه معلومات خاطئة-وإن كانت غير جوهرية-، فضلاً عن كلمات لا يناسب إيرادها، مثل وصف الأحكام الشرعية بالعنف. وأما تحليلاته التاريخية والسياسية، فقد يوافق عليها أو يخالف، دون الإساءة للرجل، أو الدخول في نيته كما يفعل البعض. وأتصور بأن الطبعات القادمة من هذا الكتاب، ستكون أكثر إحكاماً، وفيها إضافات مؤثرة ومحدثة، ليكون في صف أخويه عن القاعدة، وبجوار السيرة الماتعة وطن من كلمات.وكم نحن بحاجة لتخصص عدد من الشباب في علوم السياسة، والإعلام، والتاريخ السياسي، وعلم الاجتماع السياسي، فضلاً عن تدريب كتاب محترفين، ومحللين يتسمون بالعمق، وتخريج صحفيين استقصائيين، يستخرجون المعلومة من مصادرها، في دوائر دبلوماسية أو استخباراتية، ومن أروقة الإعلام، ودهاليز الجماعات، ثم ينقلوا الصورة لنا بوضوح، مع تحليل علمي، صادق، ينفع الأمة، ويرشد مساراتها.وكالة كل العرب الاخبارية تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|