أحملك يا صغيرتي أو تحمليني... سأحملك ولكن عديني ... أن لا تنظري حولك ولا تسأليني ... أين غابت أمك في زحام السنين... لا تسأليني في أي القبور ستسلكين ... فنحن نموت جماعات والقبور في بلادنا لا تنظم ... وصراعاتنا الغبية مسحت كل العناوين .
لا تسأليني عن وجه أمك ... سأروي لكِ القصة يا صغيرتي ... من الألف حتى حد السكين... دماؤنا استبيحت ووجوه رجالنا القبيحة ... اختفت .. واكتفت بهواية الأكل والتخزين ... تراكم الظلم وتساقطت القذائف على البيوت والأجساد ... أمك صنعت من جسدها قبة فوق جسدكِ ... فصارت عظامها مسجداً ودمها صلوات ... ولحمها الممزق محراباً يُنادى فيه كل ساعة بعار الملايين .
دعينا نجلس قرب دفتر الرسم ونستحضر وجه أمك بأقلام التلوين ... فعندما كنت طفلاً بعمرك كان الرسم يستهويني... كنت أرسم الوطن العربي خنجراً في خاصرة إبليس ... ويوم صرت شاباً بين تماثيل العشرين والثلاثين ... شابت ألواني عندما كشفت أكاذيب الكتب وبلاهة الشعوب ووهن السلاطين ... واستفقت على جرح يبكيكِ اليوم بالأمس كان يدميني .... صرت أتعلق بستائر الشكوك لئلا يأخذني وهن اليقين .
أنا مثل أمك يا صغيرتي ... لم يعد لي على هذه الأرض مكان يأويني..... أحلم بنزهة في حدائق الموت وتراب يغطيني ... لم يعد لي مكان فوقها ولا ماء يرويني ... لا تسأليني إن كان في جعبتي قصص أجمل .. فكل المسرحيات في بلادنا تؤديها الجماجم وتخرجها الشياطين .... إذا ما أمة استطاب رجالها طعم الهوان ... فعلى الأمهات أن تموت لتحمي الجنين.
وكالة كل العرب الاخبارية