"تحيا أيها الجيش العربي"
![]() اتذكر تلك الأيام في طفولتي حين كنت اتوجه فيها إلى بلدتي الأزرق مع عائلتي مروراً بمدنية الجند (الزرقاء) ثم معسكرات الجيش المنتشرة على جانبي الطريق الصحراوي (خو) واتذكر كم كنت متلهفاً بالنظر إلى تلك المعسكرات لعلي استرق النظر لأرى طوابير الجند وهي تتدرب بالميادين المجاورة للطريق، وكم كنت اتمعن بتمثال الجندي الذي كان يرفع بندقيته إلى الأعلى واظل انظر إليه حتى يختفي عن مرأى عيناي، وكم كنت اشعر بقوة العلاقة التي تربطني بهذا الجندي وحبي الشديد له فتارة أراه ابن عمي ذلك الضابط الصغير في صفوف الجيش العربي وتارةً أرى نفسي فيه وكأني أنا من يرفع يده إلى السماء معتزاً بنشوة النصر والعزة والرجولة، هذه العلاقة القوية مع هذا الجندي الذي ما من أحد دخل أو خرج من وإلى مدينة الزرقاء آنذاك إلا ومر بهذا الجندي الذي سطر في اذهان المارّة اروع البطولات. وعلى الطريق نفسه كنت اقرأ دائماً شعاراً لم أفهمه آنذاك على الرغم من سؤالي المتكرر لوالدي عن معنى هذا الشعار والذي كان يجيبني، بأن هذا الشعار لن تفهمه ما لم تلتحق بالعسكرية وفي كل مرة أمر بها امام هذا المعسكر الذي قد كتب على بوابته ( هنا مصنع الرجال) كنت اتسائل عن حجم هؤلاء الرجال وكيف يتم صناعتهم لا بل هل هم رجال حقيقيون ؟.. أم أنهم آليون ؟.. هل هم أقوياء مثل ذلك الجندي الذي كنت اشعر به وبقوته؟.. وكل تلك الاسئلة كانت تراودني سواء في طريقي إلى الأزرق أو العودة منها إلى عمان، هذا الشعار جعلني اليوم ادرك معناه الحقيقي، ادرك بأن العسكرية وأن الإلتحاق بالجيش العربي ليس فقط مجرد منافع ولباس وجاه، إنما فعلاً مصنعاً للرجال لأكتشف انهم رجالٌ سُطر بدمائهم وعرقهم أروع التضحيات ابتداءً من حرب عام 1948 وما قدموه من تضحيات في فلسطين مروراً ببطولاتهم ودمائهم التي روي فيها تراب القدس وارض الكرامه، واليوم نرى هؤلاء الرجال الذين كانت صناعتهم أجود من كل جنود العالم يدافعون عن تراب الأردن ويحمون الديار ويقدمون اروع الأمثلة في الأخلاق والإنسانية والتضحيات تجاه كل شعوب العالم ابتداءً من مستشفياتنا العسكرية في الدول المنكوبة مروراً بتأديتهم لواجبهم لحفظ الأمن والسلام الدوليين في الدول الغير مستقرة إلى ما نراه اليوم في تعاملهم واستقبالهم لإخواننا اللاجئين السوريين، أقول لهؤلاء الرجال .. أقول لهؤلاء الأبطال إن الأردنيين الشرفاء يفتخرون بكم وبشجاعتكم فأنتم حماة الأرض والعرض، وأنتم اروع صنيع، لكم مني كل الحب والتقدير.. لكم مني كل الإحترام، لقد فقدت شرف الخدمة وتحية العلم منذ أن توقف التجنيد الإجباري ولم التحق بصفوف الجند الأبطال ولا ندري لماذا، لكن قلبي ودمي فداك أيها الأردن وأيها العلم. راكان أبو طرية تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|