المزيد
صدور كتاب جديد بعنوان: "آفاق العصر الأمريكي: السيادة والنفوذ في النظام العالمي الجديد"

التاريخ : 27-01-2014 |  الوقت : 02:37:15

وكالة كل العرب الاخبارية

 

ابوظبي – جمال المجايدة /

صدر أمس كتاب جديد للدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعنوان "آفاق العصر الأمريكي: السيــادة والنفــوذ في النظام العالمي الجديد" يضع فيه خلاصة فكره وعصارة تجربته البحثية، كمحاولة على الطريق لاستكشاف معالم النظام العالمي الجديد، ويعدّ الكتاب إضافة نوعية جديدة إلى المكتبة العربية، في محاولة لتقديم نظرة موضوعية تحليلية معمّقة قائمة على الإحصاءات والبيانات والمعلومات، بعيداً عن الانطباعات والانحيازات والرؤى الشخصية غير العلمية، وإسهاماً في تسليط الضوء على بنية ومسارات وهيكلية القوة والسيادة والنفوذ في النظام العالمي الجديد خلال السنوات والعقود المقبلة، بما يسهم في فهم ما يدور إقليمياً وعالمياً، ويساعد على بلورة رؤى استراتيجية واضحة للمستقبل.

وفي تناوله للنظام العالمي الجديد، في كتابه هذا، يتخذ الدكتور جمال سند السويدي طابعاً مغايراً لما سبق طرحه من قبل، برغم وجود خطوط اتفاق عامة حول مكانة الولايات المتحدة الأمريكية ودورها في هذا النظام، فالجدل العالمي حول ظاهرة مثل العولمة لا يزال محتدماً بين المنظّرين والباحثين بل ورجال الأعمال والمستثمرين حول طبيعتها وتأثيراتها وأبعادها، وكذلك حول سبل تعظيم مردودها. وبين هذا وذاك، هناك من يتقوقع حول ذاته ساعياً إلى تجنب تأثيرات العولمة أو الالتفاف حولها أو الاختباء منها، غير مدرك أن موجاتها باتت من القوة والاندفاع والتسارع بدرجة لم تعد الحواجز الطبيعية أو المصطنعة تجدي معها نفعاً.

وفي هذا الكتاب لا يرسم كاتبه، د. جمال سند السويدي، المستقبل ويخطط له، فالمتغيرات المتسارعة والتطورات الهائلة التي يشهدها العالم قادرة على تجاوز أي تخطيط، ودفع بوصلة التقديرات المستقبلية إلى التذبذب بين مختلف الاتجاهات في حراك متسارع دونما استقرار، فالمستقبل يرسمه الحاضـر انطلاقاً من الماضـي، وإنما يسعى من خلال هذا الجهد العلمي إلى تسليط الضوء على معطيات الحاضـر مع استيعاب دروس الماضـي، من دون استغراق فيه؛ لإدراكه أن الماضـي قد يعوق في بعض الأحيان جهود التخطيط للمستقبل، بفعل ما ينطوي عليه هذا الماضـي من أثقال وربما إخفاقات قد يتسبب استحضارها في إطلاق سحابة من التشاؤم، أو الحذر على أقل التقديرات، تجاه المستقبل. فهو لا يسعى في هذا الكتاب إلى رسم خريطة طريق استشـرافية، بل إلى توضيح حقائق وتسليط الضوء على مؤشـرات إحصائية وتحليلية يستنير بها من يشاء، ويتجاهلها من يريد، لكن في كل الأحوال يبدو من الصعب إنكار دلالات هذه المؤشـرات وتأثيراتها، التي تؤطر لنقاشات رشيدة حول النظام العالمي الجديد في حاضـره ومستقبله، وبواعث الصـراع فيه، ومدى تنوعها من حضارية، أو ثقافية، أو اقتصادية، أو عسكرية، أو علمية، أو تعليمية، أو قضايا تتداخل فيها كل هذه الأبعاد أو بعضها، وتوضيح إذا ما كانت الصـراعات العالمية المحتملة بين الأمم والدول ستنشأ وتتمحور حول الحضارات والأديان والثقافات أم حول المصالح الاقتصادية والنفوذ السياسـي وما يرتبط بذلك من تفاعلات العولمة في شتى تجلياتها.

ويرى د. جمال سند السويدي، في كتابه الجديد "آفاق العصر الأمريكي: السيــادة والنفــوذ في النظام العالمي الجديد"، أن إدراك اتجاهات التغيير ومساراته وأبعاده وتأثيراته الاستراتيجية المحتملة واستشـراف آفاق النظام العالمي الجديد وفق منهج علمي واضح، قد يتيح فرصاً ثمينة للحفاظ على المصالح، كما أن الغوص في تحليل مؤشـرات الحاضـر وشواهده والتعمق في سبر أغواره يجبرنا حتماً على التفكير في المستقبل. ولا يزعم أنه يطرح رؤية نهائية لا تحتمل النقاش أو الجدال بشأنها، أو يدّعي امتلاكاً مطلقاً للحقيقة، فالمستقبل مفتوح أمام الجميع، ولكن امتلاكه حق لمن يؤمن بمنهج التفكير العلمي فقط.

فالعالم يواجه خلال الفترة الراهنة زخماً متداخلاً ومركباً ومتنامياً من التحديات والمخاطر والتهديدات التي تؤثر في صياغة مستقبله، بعضها أفقي يدور داخل الدول ويتسم بكونه عابراً للحدود والجنسيات والأعراق والمذاهب، وبعضها الآخر رأسـي يجري بين الدول أو مجموعات من الدول تحقق مستويات نمو مختلفة، نتيجة للتنافس في تحقيق المصالح الاستراتيجية، أو جراء وجود مشكلات حدودية، أو السعي نحو الهيمنة، وسط قوى دولية كبرى تسعى إلى تحقيق مصالحها من دون أي اعتبار لمصالح الآخرين. وقد أدت التفاعلات الدولية خلال أكثر من ستة عقود، إلى التحول من "نظام دولي" تجري فيه التفاعلات بين الدول ومؤسساتها الرسمية؛ إلى "نظام عالمي جديد" تتداخل فيه المصالح الوطنية مع المصالح الدولية، وتتم خلاله عولمة الاقتصاد والاتصالات والإعلام والتعليم والثقافة والنظام القيمي.

وقد تداخل دور الدولة بصورة أو بأخرى مع المجتمع العالمي، فلم تعد وحدها مسؤولة عن بناء العلاقات الدولية، ومن ثم أصبحت موضوعات ومفاهيم مثل مكانة الدولة ووضعها والسيادة الوطنية والأمن القومي في حاجة إلى مراجعة لتتوافق مع تقلص دور الدولة في احتكار علاقاتها الخارجية وروابطها الإقليمية والعالمية، تحت ضغط سعي الدول إلى مواجهة التحديات المشتركة والمخاطر العالمية الطابع؛ لذلك تبرز أهمية دراسة النظام العالمي الجديد ومناقشة أبعاده الثلاثة، التاريخية والراهنة والمستقبلية؛ للوقوف على بنيته وترتيب القوى داخله وطبيعة عمله وركائزه والعوامل المؤثرة في صيرورته وتطوراته، وتحديد هيكليته المستقبلية، ومن ثم التعرف على مدى تأثير النظام العالمي الجديد في العلاقات الدولية، ودوره في مواجهة الظواهر العالمية التي تهدد وجود البشـرية.

ومن خلال تسليط الضوء على بنية النظام العالمي الجديد والتعرف على العوامل المؤثرة فيه، يسعى مؤلف هذا الكتاب د. جمال سند السويدي إلى بناء تصوّر مستقبلي حول هيكل القوى والسيادة والنفوذ في النظام العالمي الجديد خلال العقدين المقبلين، حيث يعتقد أن مقومات القوة الشاملة للولايــات المتحدة الأمريكيــة، وهي القطب المهيمــن على النظام العالمي الجديد، لاتزال تؤهلها لمواصلة إحكام قبضتها على مفاصل النظام العالمي الجديد وإدارة شؤونه، برغم تفاوت مستويات السيطرة وسلوكيات الهيمنة ومظاهر الأحادية القطبية، وفقاً لتوازنات القوى والصـراع بين القوى الكبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي واليابان واقتصادات صاعدة مثل الهند والبرازيل من ناحية، وحسابات المصالح الخاصة بالقطب القائد والمهيمن على النظام العالمي الجديد وهو الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية ثانية.

إن كتاب "آفاق العصر الأمريكي: السيــادة والنفــوذ في النظام العالمي الجديد"، نافذة يأخذك من خلالها د. جمال سند السويدي في إطلالة على المشهد العالمي الحالي، مع إضاءات يستعيد فيها من الأحداث والوقائع التاريخية التي أسست وتؤطر للنظام العالمي الجديد، بأسلوب مبسط. وفي سلاسة يقدم إليك المؤلف الحقيقة والبرهان مستنداً إلى زخم من الأرقام والتحليل التي دعم بها عرضه للأفكار في تسلسل واضح، وبطريقة عرض تتسم بالعمق وسهولة الفهم، إذ تخاطب العقل وتعمل الفكر، وتكسر حدة النظريات بطرح أمثلة واقعية وحاضرة في ذهن المتلقي، تقرب الفكرة وتثير لديه المزيد من التساؤلات والرغبة في الاستزادة والمعرفة، فتأتيه على الفور ردود وشروح لها في ما يليها من سطور وصفحات، وما بين صفحات وسطور الكتاب، تنضوي الكثير والكثير من الأفكار والأسرار حول النظام العالمي الجديد.

ويقع الكتاب في نحو 860 صفحة، تضم سبعة فصول، بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة والملاحق والهوامش والمراجع والفهارس، وقد اعتمد المؤلف على مجموعة كبيرة جداً من المراجع العلمية المتخصصة يبلغ عددها نحو 500 مرجع، كما دعم أطروحته بدراسة ميدانية أجريت بدولة الإمارات العربية المتحدة على عينة كبيرة من مختلف الجنسيات قوامها 1500 شخص، مع مقارنات عالمية لدراسات ميدانية أجريت على عينات مختلفة في الموضوعات نفسها، لتعطي للدراسات صبغة عالمية مقارنة، وتعطي القارئ مقاربة معيارية لفهم القيم العالمية بأسلوب يجمع بين التأصيل العلمي الرصين وبساطة العرض والتقديم، في كتاب يقدم فيه مؤلفه خلاصة خبرة وتجربة في مجال البحث العلمي امتدت على مدار نحو ربع قرن، يعرض فيها المؤلف النظريات والحقائق والأرقام في تجرد وحيادية، ثم يقدم رؤيته مصبوغة بالربط بين المقدمات والنتائج، والفروض والتوصيات، في طريقة فريدة تعطي ترابطاً وتناغماً للمحتوى الذي جمع بين مجالات متعددة للتحليل يصعب على كثير من الباحثين المزج بينها بهذه القدرة من الفهم والعمق.

وعن كتابه الجديد: يقول الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية:

إنني في كتابي هذا أسعى من خلال هذا الجهد العلمي إلى تسليط الضوء على معطيات الحاضـر مع استيعاب دروس الماضـي، من دون استغراق فيه؛ لإدراكي أن الماضـي قد يعوق في بعض الأحيان جهود التخطيط للمستقبل، بفعل ما ينطوي عليه هذا الماضـي من أثقال وربما إخفاقات قد يتسبب استحضارها في إطلاق سحابة من التشاؤم، أو الحذر على أقل التقديرات، تجاه المستقبل.

ولا أسعى في كتاب "آفاق العصر الأمريكي: السيــادة والنفــوذ في النظام العالمي الجديد" إلى رسم خريطة طريق استشـرافية، بل إلى توضيح حقائق وتسليط الضوء على مؤشـرات إحصائية وتحليلية يستنير بها من يشاء، ويتجاهلها من يريد، لكن في كل الأحوال يبدو من الصعب إنكار دلالات هذه المؤشـرات وتأثيراتها، التي تؤطر لنقاشات رشيدة حول النظام العالمي الجديد في حاضـره ومستقبله، وبواعث الصـراع فيه، ومدى تنوعها من حضارية، أو ثقافية، أو اقتصادية، أو عسكرية، أو علمية، أو تعليمية، أو قضايا تتداخل فيها كل هذه الأبعاد أو بعضها، وتوضيح إذا ما كانت الصـراعات العالمية المحتملة بين الأمم والدول ستنشأ وتتمحور حول الحضارات والأديان والثقافات أم حول المصالح الاقتصادية والنفوذ السياسـي وما يرتبط بذلك من تفاعلات العولمة في شتى تجلياتها.

إن النظام العالمي الجديد يتجه نحو المزيد من العولمة، ولكن يبقى الخلاف حول توصيف الظاهرة الحاصلة، وهل تعبِّر العولمة في جوهرها عن توجه عالمي الطابع أم فرض قسـري للنموذج الأمريكي والغربي؟ هل العولمة مرادف للتبعية الثقافية بكل ما تعنيه هذه التبعية من سلبيات؟ هل انتهى العصـر الأمريكي أم لا يزال هناك أفق لهذا العصـر لم يتبين الكثير من معالمه بعد؟ هل تدفع التطورات المستقبلية الصين إلى قبول النموذج الثقافي الأمريكي وقيمه، أم يستسلم الغرب بأكمله لثقافة الصين وحضارتها الضاربة في عمق التاريخ؟ ربما كان هذا وغيره من التساؤلات وعلامات الاستفهام محور النقاشات العلمية التي دارت في السنوات الأخيرة، وهي أسئلة الحاضـر والمستقبل أيضاً، وربما لا يجد بعضها إجابات قاطعة. وقد حاولت في كتابي هذا البحث عن ردود موضوعية لها، سعياً مني إلى ملء فراغ بحثي واضح في المكتبة العربية في الدراسات والبحوث الاستراتيجية والمستقبلية، ولاسيما فيما يتصل بهيكلية القوة والنفوذ في النظام العالمي الجديد، وتأثيرات ذلك في دول العالم ومناطقه، رغبة منا في غرس قواعد تفكير بحثية ومنهجية تسهم في فهم أعمق لتفاعلات النظام العالمي الجديد والمتغيرات المؤثرة فيه، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تجنيب دولنا ومجتمعاتنا دفع تكلفة باهظة لتجارب مضنية قد تُضطر إلى خوضها في حال الوقوع في سوء إدراك أو فهم مغلوط للواقع الاستراتيجي العالمي.

وقد تناولت في كتابي "وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة إلى الفيسبوك" التأثيرات المختلفة لهذه الوسائل باعتبارها أحد مظاهر وتجليات ظاهرة العولمة في مجال الإعلام، وأتناول في كتابي هذا بعضاً من تأثيرات هذه الظاهرة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وكيف أنها تمثل منعطفاً حيوياً من المنعطفات التاريخية في مسار العلاقات الدولية، باعتبار أن العولمة أحد أبرز المؤثرات الحيوية في بنية النظام العالمي الجديد، لدرجة أن بعض الباحثين يعتبرونها الوجه الآخر للنظام العالمي الجديد أو هي المحرك الرئيسـي لهذا النظام، إذ تبقى العولمة سمة أساسية لآفاق العصـر الأمريكي الذي ترسم ملامحه في الحقبة التاريخية الراهنة، حتى إن بعض الباحثين يعتبرونها رمزاً لهيمنة وتفوق القوة العظمى الأولى في النظام العالمي الجديد.

إن إدراك اتجاهات التغيير ومساراته وأبعاده وتأثيراته الاستراتيجية المحتملة واستشـراف آفاق النظام العالمي الجديد وفق منهج علمي واضح، قــد يتيح فرصاً ثمينة للحفاظ على المصالح، كما أن الغوص في تحليل مؤشـرات الحاضـر وشواهده والتعمق في سبر أغواره يجبرنا حتماً على التفكير في المستقبل. ولست أزعم أنني أطرح رؤية نهائية لا تحتمل النقاش أو الجدال بشأنها، أو أدّعي امتلاكاً مطلقاً للحقيقة، فالمستقبل مفتوح أمام الجميع، ولكن امتلاكه حق لمن يؤمن بمنهج التفكير العلمي فقط.








تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك