المزيد
إهدار الغذاء يكبِّد بريطانيا 12.5 مليار استرليني سنويا

التاريخ : 08-11-2013 |  الوقت : 05:40:13

وكالة كل العرب الاخبارية

 

6 وجبات من أطعمة الأسر البريطانية مصيرها صفائح القمامة أسبوعيا، وهو ما يوازي بالقيمة السوقية 60 جنيها استرلينيا أي ما يزيد قليلا على 360 ريالا سعوديا، وهو رقم مرتفع بكل المعايير، خاصة إذا كان ذلك في بلد يواجه أزمة اقتصادية حادة، ويزداد فيه شهريا عدد الأشخاص الذين يلجأون إلى ما يعرف بـ "بنوك الطعام" لتلبية احتياجاتهم من الغذاء لهم ولأسرهم، ما يجعل المجتمع يواجه بلا شك مشكلة ملحة وخللا كبيرا يتطلب البحث عن حلول سريعة وجذرية.
هذا ما كشف عنه تقرير بريطاني أعده برنامج عمل الموارد والنفايات "راب" حول ظاهرة إلقاء الأسر البريطانية فائض الطعام في القمامة، كما تتضمن الدراسة أرقاما مقلقة للغاية، فإجمالي قيمة الطعام الذي يلقى سنويا في النفايات البريطانية يبلغ 12.5 مليار جنيه استرليني أي ما يعادل تقريبا 75 مليار ريال سعودي.
وبلغة الغذاء فإن البريطانيين يلقون يوميا في القمامة 24 مليون قطعة خبز، و5.8 مليون حبة بطاطس، و5.9 كوب لبن، إضافة إلى 86 مليون دجاجة كاملة تلقى المصير ذاته سنويا.
الكارثة أن هذا الفائض الكبير من الطعام المهدر لن يكون فقط كافيا لإطعام الملايين من سكان بريطانيا فحسب، بل أيضا لشعوب أخرى، ويأتي في الوقت الذي يشكو فيه 70 في المائة من البريطانيين من ارتفاع أسعار الغذاء.وعلى الرغم من هذه الأرقام فإن التقرير يشير إلى أن الأسر البريطانية أفلحت في خفض ما تلقيه من طعام في صفائح النفايات بنسبة 21 في المائة منذ عام 2007 وهو ما أدى إلى توفير 13 مليار جنيه استرليني تقريبا، إلا أن هذه المعدلات تراجعت في السنوات الأخيرة، بحيث يوجد حاليا 4.2 مليون طن من الطعام تذهب إلى النفايات وهي صالحة للاستهلاك الآدمي، ونصف هذه الكمية ينتقل مباشرة من الثلاجات المنزلية إلى القمامة دون أن يمس لأنه لم يعد صالحا للتناول.
ولكن ما أسباب الظاهرة؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ وما سبل العلاج؟ والسؤال الأهم من يلقي الطعام في القمامة، هل هذه الأسر مرتفعة الدخل أم منخفضة الدخل؟
يشير الباحث جون جونير من مؤسسة "راب" المسؤولة عن إعداد التقرير وأحد المشاركين في صياغته النهائية إلى أن هناك مسؤولية مشتركة بين المستهلك وشركات الطعام فيما يتعلق بهذه الظاهرة. ويعلق لـ "الاقتصادية" قائلا: "أغلب الأسر لا تقوم بشراء الكميات اللازمة فقط للاستهلاك الأسبوعي، بل تقوم بشراء كميات إضافية لعديد من الأسباب أبرزها الكسل في الذهاب إلى السوبر ماركت أكثر من مرة في الأسبوع مثلا، كما أنها تقع تحت الضغط النفسي الذي تقدمه المحال التجارية من تخفيضات بأن شراء كمية أكبر يؤدي إلى خفض السعر، وعمليا فإن الكميات الإضافية التي يشتريها المستهلك ولا يستخدمها ويلقي بها في النفايات في نهاية المطاف ترفع من تكلفة الفاتورة النهائية لاستهلاكك الغذائي الشهري الذي يشتكي أغلب المستهلكين من أنها آخذة في التزايد بشكل كبير".
وأضاف: إنه بالنسبة للمحال التجارية الكبرى وشركات المواد الغذائية، فإن هناك مبالغة أحيانا شديدة فيما يتعلق بتاريخ الصلاحية وفترة الانتهاء، فعديد من السلع يظل صالحا لعدة أيام بعد انتهاء تاريخ الصلاحية المسجل عليه، ولكن المستهلك يقوم بالتخلص منه اعتقادا منه أنه لم يعد صالحا للاستهلاك، كما أن عديدا من الشركات لا يضع تفاصيل واضحة حول الكيفية المثلى لحفظ السلعة الغذائية لأطول فترة ممكنة.
إلا أن أندرو أوبي مدير القسم الغذائي في اتحاد التجزئة البريطاني أعرب لوسائل الإعلام البريطانية عن رفضه بعض ما ورد في التقرير من تحميل المسؤولية للسياسات التسعيرية للمحال التجارية الكبرى، وطرحها تنزيلات في أسعار المواد الغذائية لإغراء المستهلكين بشراء كميات أكبر، يكون مصيرها النهائي ليس مائدة الطعام بل القمامة. وأشار أندروا إلى أن "راب" سبق لها أن قامت بدراسات ولم تصل فيها إلى وجود نتيجة بين السياسة التسعيرية وزيادة النفايات الغذائية. من جانب آخر اعتبر مسؤولون في صناعة الغذاء البريطانية أن جزءا كبيرا من الناتج الزراعي ربما يفقده الفلاحون في المملكة المتحدة لعدم صلاحيته للاستهلاك ليس لوجود عيوب غذائية فيه بقدر رفض المحال التجارية البريطانية له، لأنه لا يتطابق مع المعايير الغذائية عالية المستوى التي تتبناها، وتجعل نحو 20-40 في المائة من المنتج الزراعي غير جدير بأن يعرض لديها.
كما يشير التقرير إلى أن مواصلة الجهود لخفض كميات الطعام التي تلقى في النفايات البريطانية بنحو 1.7 مليون طن من الغذاء سنويا يمكن أن يؤدي إلى توفير نحو 45 مليار جنيه استرليني حتى عام 2025، لكن "راب" تقر في تقريرها بأن تحقيق هذ الهدف لن يكون بالأمر الهين.
بيد أن كولن بيل نائب رئيس اللجنة التنفيذية لحزب الخضر البريطاني يصرح لـ "الاقتصادية" قائلا: المشكلة لا تكمن فقط في أننا نخسر المليارات من الجنيهات الاسترلينية في شكل غذاء نلقي به في القمامة، المشكلة تكمن في أسلوب معالجتنا المشكلة ذاتها، وأضاف: إن أسلوب المعالجة الراهن يكمن في محاولة إعطاء توعية إعلامية للمواطنين، وهذا الأسلوب قدرته على النجاح محدودة، ولا يؤثر كثيرا، وبالنسبة لنا في حزب الخضر فإننا نطرح ضرورة تبني تغيرات اجتماعية جذرية لحل هذه المشكلة، وذلك من خلال مزيد من العدالة في توزيع الدخل والقضاء على الفقر.
ويشير كولن إلى أن الدراسة أظهرت بما لا يدع مجالا للشك أن الأسر الفقيرة هي من يلقي بكميات أكبر من الطعام في القمامة وليس بعكس التوقعات السائدة بأن الأسر الغنية أو ذات الدخل المرتفع هي من يتعامل مع الطعام بإفراط واستهتار. ويشرح كولن هذا التناقض بالقول: "الأسر الفقيرة تقوم بشراء الأنواع الرديئة من المواد الغذائية والخضراوات والفاكهة، وهذه المواد الغذائية تفسد سريعا مقارنة بالأنواع الجيدة، كما أن الزيادة في أسعار الطاقة أي الكهرباء والغاز يدفع بكثير من الأسر البريطانية إلى وقف عمل البرادات المنزلية لفترات طويلة في محاولة لخفض تكلفة فاتورة الكهرباء، ما يؤدي أيضا لفساد الطعام، كم أن عدم زيادة الأجور بمعدلات تواكب التضخم يدفع بالأسر الفقيرة إلى زيادة ساعات العمل اليومي، ومن ثم تعجز عن التخطيط الدقيق لاحتياجاتها الغذائية.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك