وكالة كل العرب الاخبارية :
اتهم الرئيس السوري، بشار الأسد، الولايات المتحدة الأميركية، بـ"المماطلة" في تحديد موعد لعقد "جنيف 2" لإيجاد حل للأزمة السورية بحضور وفود دولية الى جانب السلطة والمعارضة السورية.
وقال الأسد في مقابلة مع صحيفة "تشرين" السورية، بمناسبة ذكرى حرب 6 أكتوبر ضد إسرائيل في عام 1973، نشرتها، اليوم الأحد، إنه "لا يوجد طرح محدد من أي دولة (لعقد مؤتمر جنيف 2) لعدة أسباب، الأول أن الإدارة الأمريكية لم تتمكّن من شيئين.. لم تتمكّن من تحقيق انتصارات كبرى على الأرض في سورية كانت تعتقد أنها ضرورية للوصول إلى جنيف 2..، السبب الثاني لأنهم لم يتمكنوا من إيجاد ما يسمّونه المعارضة الموحّدة، والتي كانت تنتقل من تفكك إلى تفكك أكبر والمزيد من الانفراط،.. أما السبب الثالث فـ لأنهم لم يتمكنوا من خلق قاعدة شعبية لهذه المجموعات على الأرض".
واضاف "هذه الأسباب التي أدت لأن يماطل الأمريكيون في انعقاد مؤتمر جنيف..2 وأنا أعتقد بأنهم سيستمرون بهذه المماطلة، لذلك نحن بالنسبة لنا في سورية نقول دائماً إن كل يوم هو مناسب لمؤتمر جنيف، فسورية جاهزة دائماً منذ أن طُرح الموضوع ووافقنا عليه، ولكن الكرة في الملعب الأمريكي والدول التابعة لأمريكا في منطقتنا".
واشار الى عدم وجود شروط سورية لحضور المؤتمر "سوى عدم التفاوض مع الإرهابيين، وإلقاء السلاح، وعدم الدعوة للتدخل الأجنبي.. الشرط الأساسي أن يكون الحلّ سورياً وأن يكون الحوار سياسياً، أما إذا كان الحوار هو حوار بالسلاح فلماذا نذهب إلى جنيف".
وقال الأسد "نحن امام خيارين الآن لا ثالث لهما، الأول أن نستسلم للإرهابيين، ورأينا ما الذي يحصل الآن في ليبيا وماذا فعلوا في مصر وما يحصل في تركيا في المناطق التي بدأ الإرهابيون ينتشرون فيها، وفي لبنان وفي مناطق مختلفة من العالم العربي، وبالتالي هذا الخيار غير مقبول".
واضاف "الخيار الآخر هو أن ندافع عن الوطن وعن سورية ولكن هذا يتطلّب أن نتوحّد مع بعضنا البعض بغضّ النظر عن الخلافات السياسية ونتّفق فوراً على تحديد العدوّ.. العدوّ في هذه المرحلة هو الإرهاب.. مهما تحدثنا عن حوارات سياسية وعن جنيف2 وحوار داخل سورية أو خارج سورية".
وقال "إن لم نحارب الإرهاب فنحن نخدع أنفسنا.. محاربة الإرهاب هي أولوية الآن.. فيجب أن نتوحد في هذا الموضوع الأول".
واعرب الاسد عن اعتقاده أن الغرب لم يتخلى"عن عقليته الاستعمارية، فالغرب ما زال يعتمد على سياسة الهيمنة ، لكنه يستطيع أن يحاصرنا عندما ننظر إليه على أنه الخيار الدولي الوحيد أمامنا سياسياً واقتصادياً وفي كل المجالات الأخرى".
واضاف "منذ أكثر من عشر سنوات لم يعد الغرب هو الخيار الوحيد، ولكننا لم نتحرّك بشكل جدّي باتجاه الخيارات الأخرى، بمعنى بناء العلاقات المختلفة والمصالح مع دول العالم الأخرى، مع أننا طرحنا في عام 2005 فكرة التوجّه شرقاً.. الآن هذا الحصار الغربي سيساعدنا بأن ننفتح أكثر على الخيارات الأخرى الموجودة".
وقال الرئيس السوري "إذا أراد الغرب أن يقوم بحل فهو قادر على المساعدة في هذا الحل، لكن هذا العمل يبدأ من إيقاف دعم المجموعات الإرهابية في سورية سواء الموجودة داخل سورية أو التي تأتي من الخارج بشكل مستمر، أن يتوقّف عن مدّها بالسلاح ودعمها معنوياً، سياسيا،ً إعلامياً، ومالياً".
واضاف "ًليس بالضرورة أن يكون هذا الغرب هو الذي يقوم بهذه الأعمال وإنما من خلال أدواته بالمنطقة وفي مقدمتها السعودية وتركيا.. إذا كان هناك حل سياسي ينطلق من هذه الفكرة فعندها نستطيع أن نقول إن هناك حلاً سريعاً للأزمة في سورية في ظلّ ما يجري من توافق روسي –أميركي، إذا صحّت التسمية، سواء كان ظاهرياً أم مبدئياً .. أين أصبحت السعودية وقطر وتركيا، مثلث التآمر الإقليمي على سورية؟".
واتهم الأسد السعودية، وقطر، وتركيا، بانها "تابعة للأجندة الأميركية،.. وبشكل أساسي اليوم السعودية وتركيا بعدما تخلت قطر عن دورها لمصلحة السعودية"، متسائلاً "هل أميركا فعلاً اليوم صادقة في موضوع التوافق الروسي – الأميركي؟ (حول الحل السوري) أم إنها تلعب لعبة وقت؟.. أم ان لديها أجندة مخفية أخرى؟".
وقال "من معرفتنا بالجانب الأميركي، لا يمكن الوثوق به.. لا يمكن لأقرب حلفاء أميركا أن يقدّموا ضمانات لأي شيء تعلنه أميركا، فالولايات المتحدة ليس من تاريخها الالتزام بأي شيء تقوله، ويمكن أن تقول شيئاً في الصباح وتفعل عكسه في المساء. لذلك ما أراه هو أن الولايات المتحدة غير صادقة بموضوع التوافق مع روسيا، ولم ينعكس هذا التوافق على الأقل حتى اليوم على أداء هذه الدول، فمازالت السعودية تقوم بإرسال الإرهابيين وبدعمهم بالمال وبالسلاح، ومازالت تركيا تقدّم لهم الدعم اللوجستي وتسهّل لهم الحركة والدخول إلى سورية".
واشار الاسد الى ان موافقة بلاده على المبادرة الروسية لتفكيك سلاحها الكيمائي "لا علاقة لها بالتهديدات الأمريكية، فهذه التهديدات لم تكن مرتبطة عملياً بتسليم السلاح الكيميائي، بل كان التهديد هو ضربة عنوانها منع سورية من استخدام السلاح مرة أخرى..".
واضاف "لم تكن الموافقة (على المبادرة الروسية) تنازلاً لمطلب أمريكي.. ولم يكن هذا المطلب موجوداً أساساً.. إنما كانت مبادرة استباقية في جانب منها لتجنيب سورية الحرب، والمنطقة معها، ولكن الجانب الأهم هو أن تكون الخريطة السياسية الموجودة في العالم هي في خدمة المصالح السورية، والاستقرار في المنطقة".
وقال الأسد إن "هذه الأزمة (السورية) على شدّتها يجب ألا تخيفنا ولا تجعلنا نشعر بأننا نفقد الأمل".