جنيف 2 يحمل أسباب فشله!
![]() وكالة كل العرب الاخبارية: بعد الولادة المتعسرة لتوسيع ائتلاف قوى المعارضة الوطنية السورية، وما شهدته من اجتماعات طويلة ومساومات ومقايضات، وتدخلات من هذا السفير وذاك وهذا السياسي وذاك، جعلت السوريين يشعرون بالكثير من الإحباط والاشمئزاز في أحيان أخرى. يطل أمام هذا الجسم المعارض الذي من المفروض أنه بات يضم كل المكونات السياسية للشعب السوري، تحدي المشاركة في مؤتمر جنيف 2 ، المزمع عقده منتصف الشهر الجاري. الائتلاف كان قد أعلن أنه لن يشارك في هذا المؤتمر إلاّ على قاعدة رحيل رأس النظام السوري ورموزه. وقد سبق ذلك مبادرات، وصفت بالفردية، لرئيس الائتلاف المُستقيل معاذ الخطيب، حيث أعطى الرئيس السوري وخمسمئة من رموز النظام مع عائلاتهم ممراً آمناً للخروج من سورية إلى أي مكان يريدونه في العالم. موقف الائتلاف السوري المعارض، الذي وصفته روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، بأنه يهدف إلى إفشال المؤتمر، رد عليه الرئيس السوري بشار الأسد بالكثير من السخرية والتسخيف، في مقابلته الأخيرة مع أحدى المحطات التلفزيونية اللبنانية الحليفة له. الأسد ذهب إلى القول إن أي اتفاق بين الطرفين سيعرضه على استفتاء شعبي قبل الموافقة عليه، وعلل ذلك باستناده للدستور السوري المعمول به حالياً، والذي يحدد صلاحيات الحكومة ورئيسها كما يحدد صلاحيات رئيس الجمهورية؛ محاججاً بالقول إن أي تعديل في الدستور وفق مطالب مؤتمر جنيف2 ، لابد وأن يمر على استفتاء شعبي، لأنه يخالف مواد وقواعد دستورية، وأكثر من ذلك قد يحتاج إلى تعديل وإلغاء الدستور الحالي. الولايات المتحدة وروسيا يسعيان، من ناحيتهما، لعقد هذا المؤتمر، رغم وجود خلافات بين الطرفين على الكثير من القضايا، وعلى رأسها دور الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، ومع ذلك يحاولان الدفع به لطرح كل الأمور على طاولة ومناقشتها. ولكلٍّ منهما أسبابه في ذلك. فبينما ترى الولايات المتحدة وحلفاؤها فيه فرصة أخيرة للحل السلمي، حيث أجمع العالم على أن الحل يجب أن يكون سياسياً للأزمة السورية، تريد موسكو وإيران أن يعطيا من خلاله مزيداً من الوقت للنظام السوري كي يحقق إنجازات عسكرية تبدو صعبة للغاية على الأرض، في مواجهة الثوار. وأكثر من ذلك، تستغل موسكو موقف المعارضة السورية "المبدئي"، من عدم الحوار مع الأسد ونظامه وألاّ يكون لهما دور في المرحلة الانتقالية، كي تحرج الائتلاف السوري لقوى المعارضة، وتُظهره أمام العالم بأنه ليس بالشريك المناسب في العملية السياسية المقبلة، وبالتالي تدفع بوجوه وقوى معارضة جديدة كي تحاور النظام، وغالباً هذه الوجوه وهذه القوى، يصفها الثوار بأنها من صنع النظام وما يجمعه بها أكثر بكثير مما يفرقه عنها. أمام هذه المعضلات، وغيرها الكثير، وخاصة المتعلق منها بوضع الكتائب المسلحة على الأرض، يجعل من الحديث عن حلٍّ سياسي قريب للأزمة السورية ضرباً من الخيال. ولم يخفِ كلاً من النظام السوري والمعارضة، يأسهما وتشاؤمهما من تحقيق أي اختراق في جدار هذه الأزمة، وأكثر من ذلك بدأ الجميع بالحديث عن جنيف 2 وثلاثة وربما جنيف عشرين. وما يزيد من حدة هذا التشاؤم رفع كلٍّ من الولايات المتحدة وروسيا من ضغوطهما على المؤتمر، فبينما لوّح البنتاغون الأمريكي بإمكان إقامة منطقة حظر جوي فوق الأراضي السورية، ورفع الأوروبيون حظرهم عن تصدير الأسلحة للمعارضة السورية قبل أيام، أعلنت روسيا أنها ملتزمة بتوريد صواريخ ( أس 300) للنظام السوري، ودفعة جديدة من طائرات (الميغ 29). إزاء كل ذلك، يتأكد من جديد أن "الكباش" الدولي حول سورية لايزال في ذروته، تماماً مثلما هو بين النظام والمعارضة، ما يعني بالضرورة أن نظرة الطرفين للحل السياسي لاتزال على طرفي نقيض، وأن المؤتمر لن يكون أكثر من منصة صراع جديدة، قد يلجأ المتصارعون، مضطرين، لتمديده و بالتالي إعطاء مزيد من الوقت لأنفسهم، عسى أن يحدث ما يقلب الطاولة رأساً على عقب. الائتلاف السوري المعارض، الذي أعلن على لسان رئيسه المؤقت جورج صبرا، أنه سيتشاور مع الأصدقاء والحلفاء بأي خطوة يتخذها، لا يخالف أبداً النظام السوري في هذا الإجراء، حيث من المؤكد أن الأخير ينسق أيضاً مع حلفائه في موسكو وطهران كل خطوة يخطوها. وكما أسلفنا لايزال التوافق الدولي والإقليمي الذي من الممكن أن ينتج حلاً سياسياً، لايزال بعيداً. وهو ما يعني أن المأساة السورية مرشحة للتفاقم أكثر. وأن السوريين يهيئون أنفسهم لهذا السيناريو، سواء أكانوا في المناطق التي يسيطر عليها على النظام أو تلك التي تسيطر عليها المعارضة. تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|