وكالة كل العرب الاخبارية
على مدار أسبوع منصرم، لم تعلن الحركة الإسلامية عن فعاليات مركزية لمؤازرة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي ورفض الانقلاب العسكري، فيما كانت الفعالية المركزية الأحدث هي التي نظمت قبالة مسجد الجامعة الأردنية الأحد الماضي، وتخللتها هتافات “أزعجت جهات رسمية” بحسب مراقبين.
والسؤال هنا: هل يعني هذا أن الجماعة قررت إعادة إنتاج حضورها المتعلق بالإقليم، وإلى أين ستؤدي حالة الاستقطاب السياسي بينها وبين القوى الأخرى على الساحة الأردنية؟
تلك التساؤلات التي ينتظر مراقبون حسم إجاباتها، ستدشن، كما يرون، لمرحلة سياسية في خطاب الإخوان عقب محطة فاصلة ولدتها تداعيات الأزمة في مصر، ومن قبلها الثورة السورية التي انعكست على خطاب الجماعة بمزيد من التشدد في الإصلاح، وفق دراسة نشرت سابقا.
غير أن تداعيات الأزمة المصرية على إخوان الأردن تبدو أكثر تعقيدا وتأثيرا، نظرا للتقارب التنظيمي والسياسي من جهة، ولنزوح المشهد السوري نحو “تطرف” لا تتوافق عليه القوى الاسلامية المعتدلة المؤمنة بالديمقراطية، كما يقول مراقبون.
وإن كانت الازمة السورية قد أفضت إلى “حدوث طلاق بائن بينونة صغرى” بين الحركة الاسلامية والقوى اليسارية والقومية في البلاد، فإن مراقبين يرجحون حدوث طلاق بائن بينونة كبرى لا رجعة فيه، في ضوء تناحر “المواقف السياسية” في ما يخص المشهد المصري.
ومن هنا، لا ترى قيادات جماعة الإخوان المسلمين “تضاربا” سياسيا بين استمرار التأييد لمرسي ورفض الانقلاب العسكري في مصر، حيث اعتبر القيادي المخضرم في الجماعة الدكتور عبد اللطيف عربيات، أن التخويف من الإخوان “لا مبرر له، وأن الجماعة لم تغير سياستها”.
ويقول عربيات في رد على تلك المخاوف التي يروج لها بعضهم: “الاخوان لا جديد لديهم، سياستهم ثابتة وإصلاحية، إصلاح النظام وليس تغيير النظام، أما التأييد لإخوان مصر فهو تأييد معنوي، لأنه ليس لأحد حق التدخل في شؤون بلد آخر.”
في الأثناء، قلل القيادي عربيات مما قال إنه بعض التصريحات الفردية التي صدرت عن بعض القيادات في الجماعة، في ما يخص الشأن المصري، معتبرا أنها “فردية” ولا تعبر “عن مؤسسية الحركة الاسلامية وقواعدها.”
ويضيف: “بعض التصريحات الفردية التي صدرت لا قيمة لها، ولا جديد لدينا، والاخوان مؤسسة سلمية، ونحن نؤيد معنويا أي مواقف متعلقة بالخارج، وأي تخوفات يحاول البعض أن يروج لها ليست موضوعية ولا مبرر لها.”
ويذكّر عربيات بالتأييد النظري الذي عبرت عنه الجماعة إبان الثورة السورية، فيما رأى أن مواقف الجماعة السياسية “متزنة” وتولي اهتمامها للمصلحة الوطنية، مشيرا الى أن دعم “مرسي سياسيا لا يتعارض مع المطالبة بالإصلاح في الأردن.”
ويرى عربيات ان هناك حاجة للتطوير في أداء جماعة الإخوان المسلمين، على ان يكون ضمن الأطر المؤسسية والرئيسية، فيما رأى أن الحركة لم تتراجع عن نشاطات الاصلاح الداخلي على الساحة.
بدوره، ينفي رئيس مجلس شورى حزب جبهة العمل الاسلامي المهندس علي أبو السكر، تراجع الاخوان عن فعالياتهم المركزية المؤازرة لمرسي، مشيرا الى استمرار الفعاليات وفق تطورات الحدث.
ولا يرى أبو السكر أن الحركة كما يتهمها البعض، تقدم الملف المصري اليوم على ملف الاصلاح الداخلي، قائلا: “الحركة الاسلامية تتعامل مع الملف المصري بتوازن، وكذلك مع الملف الداخلي، لكن سخونة القضايا الإقليمية تفرض نفسها في وقتها ولا تغيير على خطابنا في إصلاح النظام.”
ويؤكد أبو السكر أن الحركة الاسلامية حريصة على علاقاتها بالقوى السياسية الاخرى رغم الاختلاف، وفقا للقاعدة المتوافق عليه بينهما، وأضاف: “لكننا لا نتخلى عن مبادئنا في دعم الثورة السورية أو الشرعية في مصر.”
وتتباين التوقعات بشأن تزايد حدة الاستقطاب بين الحركة الاسلامية والقوى السياسية الأخرى، بحسب تطورات الاستقطاب منذ اندلاع الثورة السورية ومن بعدها الانتخابات النيابية الأردنية، حيث ترى قيادة حزب الوحدة الشعبية المعارض، والمقرب من الاسلاميين، أن “لا طلاق لا رجعة فيه في السياسة”.
ويرفض الأمين العام للحزب الدكتور سعيد ذياب، الحديث عن انفصال سياسي عن الاسلاميين أو حدوث طلاق، رغم التباعد الكبير القائم، فيما رأى بأن الأسباب الرئيسة للتباعد مؤخرا، هي “خارجية” متعلقة بالاصطفافات السياسية، على غرار الموقف حيال إيران وحزب الله، على سبيل المثال كما يشير.
ويعتقد ذياب أن للإخوان في المنطقة مشروعا سياسيا، قائلا إنه ما تزال هناك نقاط يمكن التلاقي فيها، وأن لا طلاق في السياسة، لارتكازها إلى تطورات متغيرة.
في المقابل، يدعو محللون مجددا إلى أن تبعث جماعة إخوان الأردن برسائل تطمينية إلى الشارع الاردني والدولة، بالتزامها السياسي الوطني وترسيخ رؤيتها الاصلاحية المحلية، من دون ان تصاحب ذلك مخاوف من “التوجه نحو أخونة” الدولة، بحسب تعبير المحلل السياسي الدكتور لبيب قمحاوي.
وذهب قمحاوي الذي تحدث بصفته الشخصية، إلى انتقاد الجماعة لإيلائهم الشأن المصري اهتماما متقدما على الشأن المحلي في ما يتعلق بالاصلاح، وقال:” الآن لم يعد هناك قبول لجماعات الاخوان المسلمين في المنطقة… على الإخوان هنا أن يعدوا برنامجا سياسيا واقتصاديا، وما لديهم للآن فقط هو برنامج اجتماعي.”
ويعتقد قمحاوي أن جماعات الإخوان، بمن فيهم إخوان الأردن، ما يزالون تحت تأثير صدمة عزل مرسي، مشيرا إلى أن توتر العلاقات بل وانقطاعها مع القوى الأخرى، أمر واقع.
وفي ضوء ذلك، يبدو أن مؤشرات بدأت تلوح في الأفق، تشي بانفصال وشيك بين الحركة الاسلامية وعدد من القوى السياسية، في مقدمتها الجبهة الوطنية للإصلاح التي يرأسها رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، والتي لم تصدر أي بيانات سياسية أو مواقف بشأن التغيير الذي حدث في مصر.