أحدث"الربيع العربي" انقلاب كبير على الواقع الاقتصادي المتردي بالأساس في أغلب الدول العربية، فكانت في آن واحد، سبباً لتراجع الأداء الاقتصادي، كما كانت نتيجة لميراث اقتصادي مليء باختلالات هيكلية مزمنة في كافة القطاعات الاقتصادية، وتراكم في الديون، وزيادة مفرطة في عجز الموازنات، وانتشار البطالة بين الشباب. وأكثر ما ساهم في تردي الاوضاع الاقتصادية فيث بلاد الربيع هو استحواذ فئة من الأثراياء واصحاب النفوذ السياسي على اغلب المقدرات المالية وثمار التنمية ... أما الفئة الفقيرة ومحدودة الدخل فلم تتمكن من تحقيق أهدافها في مستوى معيشة مناسب، لهذا كانت النتيجة الحتمية بأن تنامت الدوافع التي أدت إلى اندلاع ثورات دول “الربيع العربي”. ومن المهم أن نؤكد أن هناك جانباً كبيراً من الأسباب الأخرى، التي تبدو دائماً في السياق ذاته ولا ينبغي إغفالها على المستويين الاقليمي والعالمي، وهي تنامي الفجوة التنموية بين البلدان العربية والدول المتقدمة خلال السنوات القليلة الماضية. قبل الشروع بمعرفة الآثار الاقتصادية الناجمة عن الربيع العربي كان لا بد من معرفة الأسباب الاقتصادية الداخلية والخارجية التي أدت لاندلاع ثورات الربيع العربي وما ان نتحدث عن الاسباب الداخلية التي قادت لاندلاع الثورات لا بد ان نذكر الاختلالات الداخلية في البلاد العربية الذي يتمثل في تآكل مكانة الطبقة الاجتماعية المتوسطة التي تعتبر الأساس لكل اقتصاد دولة وأدى تهميش فئة الشباب المتعلم وزيادة نسبة البطالة لحدوث حالة من الفراغ والاحاتقان الداخلي الذي أدى لاندلاع الثورة ومن أهم واكبر الاسباب التي أخلّت باقتصاد الدول العربية هو استغلال موارد الوطن لمصلحة فئة محدودة تعيش علي حساب الفئات الاخري. مما أدى الى سيطرة نفوذ الرأسمالية التي لا تعمل إلا لمصالحها ولا تخدم مصالح الفئات الاخري من الشعب وحتى لو حدث اصلاحات على وجه العموم فهي لم تكن الا اصلاحات اقتصادية ضئيلة وضعيفة إلى جانب اجراءات غامضة وغير واضحة ضد الفساد. ننتقل سريعا لاهم الاسباب الخارجية المؤثرة في الاقتصاد العربي التي نستطيع اجمالها بان الاصلاحات الجذرية التي نادت بها الحكومات العربية كانت بتأثير مباشر من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي منذ فترة ثمانينيات القرن الماضي التي لم تؤت ثمارها وبقيت في غالب الأحيان غير مكتملة في العديد من الانشطة القطاعية وبالاخص الاجتماعية. ومن ناحية أخرى ضعف التدفقات التحويلية نتيجة انهيار اسعار السلع الأولية التي تصدرها البلاد النامية ومن ثم فإن الارتفاع الحاد، في الاسعار العالمية للغذاء، بخاصة ان تونس، مصر، ليبيا، اليمن وسواها، تعتمد على الاستيراد من الخارج، لتأمين جزء كبير من حاجاتها، وما ساعد على تفاقم الاحتجاجات، وصولا الى الثورات الشعبية، كل هذه العوامل أدت بشكل او بآخر الى حدوث مشاكل اجتماعية في البلدان العربية قادت لانداع الثورات في بعضها كتونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ويرى المحللون أن الاردن والجزائر والمغرب تأثرت اقتصاديا بالربيع العربي بسبب ما يمكن ان يواجهه الاداء الاقتصادي في هذه البلدان من اضطرابات اجتماعية ومن ناحية أخرى نرى أن دول مجلس التعاون الخليجي الأوفر حظا من حيث قلة تأثرها بالحيثيات الاقتصادية بعد استعراض الاسباب لا بد من القاء الضوء على الاثار السلبية والايجابية من الناحية الاقتصادية على دول الربيع العربي ومن أهم الآثار السلبية خسارة البورصات العربية حوالي 49 مليار دولار حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومن ناحية أخرى نجد ارتفاعا ملحوظا بمعدلات البطالة فبعد ان كانت نسبة البطالة بعام 2010 تقدر ب 11،9% لتصل عام 2011 الى 12,4% ولان نغفل أن انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية في المنطقة العربية، بنحو 83 %، إلى أقل من 5 مليارات دولار، وذلك لتعطل دورة الإنتاج في عدد من تلك البلدان، ما أثر في حجم الصادرات، وتراجع السياحة إلى أدنى مستوياتها، وارتفاع البطالة والنقص الحاد في الوارد من العملات الأجنبية فرأس المال الأجنبي بات يتخوف من ولوج المنطقة العربية في الوقت الحالي لقناعته بأن هذه المنطقة غير مستقرة سياسيا، باستثناء تلك الاستثمارات التي تتدفق نحو قطاعات يعتبرها الغرب إستراتيجية كالنفط والغاز. وبالمقابل كان هناك عددا من الآثار الايجابية التي لا نستطيع اغفالها نتيجة اندلاع ثورات الربيع العربي ومن أهمها : فتح الباب أمام رجال الأعمال لفرص جديدة للشركات الخاصة وأزاحت المصالح المتجذرة وفتحت الساحة أمام لاعبين جدد حيث يتوقع ان الربيع العربي قد يساعد على إدخال اقتصاد شمال إفريقيا إلى سلسلة التوريدات العالمية. وهذا قد يدفع العالم العربي إلى نمو اقتصادي غير مسبوق. ونرى ان المصرفيين في بلاد الربيع العربي باتوا يتمتعوا بحرية اكبر في الاقراض دون التدخل السياسي ومن اهم هذه الآثار تنامي دور النقابات المهنية فبعد أن كانت مقيدة أو مسيسة في عهد الأنظمة السابقة اكتسبت الثقة بعد الثورات. ومن خلال الإضرابات حصل العمال على أجور أفضل في أنحاء المنطقة في العام الماضي من المغرب إلى الأردن. وتشكلت أيضا نقابات جديدة في مصر وتونس. من هنا نستطيع الاستنتاج جازمين أن لا علاقة موثوقة بين الربيع العربي والثورات واقتصاد الدول فقد كان هناك آثارا سلبية وايجابية فدراسة ألمانية تؤكد أن مصر وتونس حققتا معدلات نمو مذهلة كما أن الحكومات في البلدين طبقت إصلاحات اقتصادية ناجحة للغاية". وأضافت "في نفس الوقت لم تواجه الإصلاحات الظروف الاجتماعية حيث تزايد معدل الفقر وتنامى الشعور باليأس والإحباط، خاصة بين الشباب والمجتمعات الريفية". ختاما على الدول العربية ان تعمل باقصى طاقتها لاستعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى دولها من أجل جذب الاستثمار الأجنبي إليها واستعادة القطاع السياحي لنشاطه المعتاد ووضع استراتيجيات اقتصادية تساعد على النهوض باقتصاديات هذه الدول ومعالجة المشاكل الاقتصادية التي أدت لقيام الثورات.