الربيع العربي .. بين مطرقة الشعب وسندان الحاكم
![]() وكالة كل العرب الاخبارية لبنى مساعده : عندما أضرم (محمد بو عزيزي) النار بنفسه في 17 -ديسمبر -2010 يائسا محتجاً على اوضاعه الصعبة في تونس ، لم يدرك انه أشعل النار بخاصرة البلاد العربية ابتداءاً بتونس الخضراء التي أطلق عليها ثورة الياسمين وانتقلت عدوى النار لمصر ام الدنيا في 25 يناير 2011 لتطال النار بالسنتها ليبيا فاليمن فسوريا الأبية واتفق الشارع العربي أن يطلق على هذه النار اسم (الربيع العربي ) هذا الربيع الذي جذب انظار العالم للشرق الأوسط فتضاربت الاراء بين مؤيد ومعارض ، مستكين ومندفع
تلك الثورات التي جاءت بعد توقف الناس عن الخوف من زعمائهم بعد ان ذاقوا مرارة الظلم والجوع والخوف والبطالة .. فخرجوا الى الشارع غير آبهين ،مطالبين بحقوق هي لهم
واصبح الخوف الأكبر من الطوائف الرئيسية المحركة لتلك البلاد .. فها أنت تجد القبائل الليبية في صراع وتوتر دائم .. كما نرى التوتر بين الاسلاميين والعلمانيين والمسيحيين في تونس
وحتى الآن لا زلنا نتابع الصراع الداخلي بين الاخوان المسلمين وباقي الشعب في مصر !!
الشعوب العربية أثبتت أنها قادرة على التغيير كما حصل في تونس ومصر وليبيا واليمن ، وذلك بإسقاط الأنظمة فيها التي كانت تمارس القمع على شعوبها. واستطاعت الشعوب العربية في هذه الدول أن تكسر حاجز الخوف بهمة الشباب العربي الذي تواصل وتقارب مع بعضه البعض أكثر من أي وقت مضى طلبا للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية من خلال التقاء الحوافز الاجتماعية والاقتصادية مع الحوافز الوطنية والإنسانية والقومية
ولكن السؤال الي يطرح نفسه ... ماذا بعد هذا الربيع ؟؟ وهل ما سيأتي خير مما مضى وما سبب الاضطرابات المستمرة في أولى الشعوب المنتفضة على حكامها .. فها هي مصر وبعد ان اسقطت رئيسها حسني مبارك وانتخبت وبحريتها الرئيس محمد مرسي التابع للاخوان المسلمين .. لم يمر سنة وقامت مصر ولم يهدأ لها بال حتى اسقطت رئيسها المنتخب الجديد ...
فهل كان مخاض الربيع العربي في مصر مخاضا صحيا ً ؟؟ هل كان على عيون أم الدنيا غشاوة !! أم هل اعتاد شعب مصر على الحكم الديكتاتوري ؟؟
ماذا لو وضعنا نتائج ومخاض الربيع العربي على كفة الميزان ... فأيها الذي سيرجح خيرها ام شرها ؟؟؟
فلو تطرقنا الى سوريا وأمعنا النظر في بداية الثورة التي كانت شرارتها في درعا اثر اعتقال تسعة اطفال كتبوا على جدار مدرستهم ( الشعب يريد اسقاط النظام)
وهكذا بدأ مسلسل الربيع العربي في سوريا ولم يكتمل السيناريو الذي امتد لما يقارب الثلاث سنوات وقد يستغرب البعض من سبب امتداد هذه الثورة الى هذه اللحظة دون تمكنهم من اسقاط رأس الحكم ؟؟ على الرغم من سقوط العديد من الضحايا من الرجال والاطفال والنساء وتهجير الكثيرون من ابنائها الى الاراضي الاردنية والتركية والسعودية والمصرية ، ولكن عندما نعرف أن أعداء سوريا اليوم هم أنفسهم أعداء روسيا التقليديين ومنذ الإتحاد السوفياتي وحتى اليوم، وأبرزهم الولايات المتحدة، وحلف الأطلسي"الناتو"، وتركيا، ونادي الأنظمة العربية والإسلامية التي تدور في فلك واشنطن.
أما إيران فقد استطاعت تحويل العراق وسوريا، بعد لبنان، إلى شبه محميات. إنها في سورية المحارب الأول ضد الشعب السوري، وإذا كانت إمكاناتها المالية قد تراجعت بسبب العقوبات، فهناك حكومة المالكي التي اختلقت أزمة مع مسؤولي البنك العراقي المركزي لضمان الهيمنة عليه وضخ المليارات من أموال العراق في الاقتصاد السوري المنهار
وفي كل هذه التناقضات لا زلنا نتساءل و بعد مرور عامين ونصف على اندلاع ثورات الربيع العربي، لا زال قدر لا بأس به من الغموض والإلتباس يلف الموقِـف الأمريكي من تلك الإنتفاضات الشعبية الساعية إلى التحول الديمقراطي والعدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان.
من الواضح ان سياسة الرئيس أوباما إزاء ثورات الربيع العربي، لم تختلف كثيرا عن سياسات الرؤساء السابقين في فترة الحرب الباردة: "انتهاج نفس سياسة ردّ الفعل، التي كانت مُتَّـبَعة عند سقوط حائط برلين، دون تحديد التزام واضح بدعم التحول الديمقراطي في المنطقة بأسرها. والفارق الوحيد هنا، هو أن ردّ الفعل الأمريكي كان آنذاك يتمثل في مساندة من وقفوا أمام الشيوعية. أما الآن، فهو مساندة هذه الثورات، طالما أنها ستواصل علاقاتها الطيّبة مع واشنطن أو مساعداتها للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب والحفاظ على العلاقات الإستراتيجية مع بعض دول الربيع العربي والسلام مع إسرائيل".
ولعلنا نرى من ناحية أخرى ان لم يقتصر تأثير الثورات العربية على البلدان التي حدثت فيها، بل امتدّت تداعياتها لتغمر بلدان الجوار بدرجات متفاوتة.
وتجلت تلك التأثيرات بشكل أساسي على شاشة الإعلام، الذي عرف تغييرات وإصلاحات متنوّعة، من أجل امتصاص الرّوح الإحتجاجية واحتواء الأصوات الغاضِبة، لتفادي تكرار سيناريو الإنتفاضات الشعبية في تلك الدول
إذاً فهي شرعية القيادة الشعبية قبل أي شيء. بالنار والحديد, بالقمع والارهاب, كان بوسع قادة كثيرين في العالم العربي ودول العالم الثالث ان يحكموا شعوبهم عقودا طوال, لكن النهاية مأساوية حتما وقد تجر معها الويلات للشعوب والمثال الليبي حاضر امامنا. في غضون اشهر قليلة شهدنا نهايات مروعة لحكام عرب, احدهم طريدا في السعودية ومطلوبا للقضاء على ما ارتكب من جرائم, والثاني هو وابناؤه في السجن, والثالث مات ميتة شنيعة ومثل بجثته في الشوارع.
فحتى نخرج بمخرجات حقيقية من تلك المرحلة الانتقالية التي يشهدها العالم العربي لا بد وأن تتوازن كفتي الحاكم والشعب
فحتى لو انتصرت على شعبك بالقوة .. أنت مهزوم
تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|