التصعيد الطائفي
![]() باتت الصراعات في بعض الدول مذهبية بحتة بكل أسف انتقلت الصراعات الداخلية التي شهدتها مؤخرا العديد من الدول العربية الكبرى من الصراع الديني بين المسلمين والمسيحيين إلي الصراعات الطائفية والمذهبية بين المسلمين أبناء أمة لا الله إلا الله محمدا رسول الله، خير أمة أخرجت للناس، الأخطر هو تحول صراعات الفتاوى والكلمات إلي صراع بالدم وقتل الأرواح التي حرمها الله إلا بالحق، ولعل ما شهدته مصر أخيرا من جريمة قتل بشعة بإحدى قرى الجيزة والتمثيل بالجثث، هي جريمة مستحدثة علي المجتمع المصري الذي لم يعرف الغلو الديني والطائفي والمذهبي على مدى تاريخه، ولكن بكل أسف ظهرت بوادر الخلاف وتصاعدت مع صعود التيارات الإسلامية للحكم بعد سرقتها لثورة الشباب السلمية بالدعم الأمريكي المطلق، من أجل تحقيق أهدافه في تمزيق وتقسم الدول العربية الكبرى والصغرى أيضا بيد أبنائها من خلال إحياء وإثارة الصراعات الدينية والطائفية والمذهبية القديمة والتاريخية بين أبناء الوطن الواحد لتمزيقه. وبقدر ما أحدثه مقتل شيعة مصر من ردود فعل غاضبة ومقتلهم بأيدي متطرفين منتمين بكل أسف للإسلام وهو بريء منهم، المؤسف أن هذا الحادث الدخيل علي مصر جاء بعد حملات التهديد والوعيد التي أطلقها عدد من قادة التيارات الدينية ومن بينها بكل أسف قيادات من حزب الحرية والعدالة الحاكم بمصر الإخوان المسلمون في محاولتهم لامتصاص الغضب الشعبي بعد فشلهم في إدارة البلاد والدعوة لمظاهرات حاشدة يوم الأحد المقبل 30 يونيو لدعوة الحكام الجدد للتخلي عن السلطة هذه الأزمة وهذا الاحتقان الشعبي في مصر والذي تدفعه عديد من القوي المتطرفة لإشعال الحرب الأهلية لتدمير ما تبقي من مصر أو يستمروا في حكم البلاد بالدعم الأمريكي المطلق. المهم أن التيارات الإسلامية الجديدة الحاكمة بعد فشلها في اللعب علي وتيرة الفتن الطائفية بين مسلمي ومسيحيي مصر الذين اتحدوا علي مدي التاريخ في نسيج قوي للأمة المصرية المدنية المعتدلة دينيا وتجسدت وحدتهم في ثورة 1919 عندما رفعوا وحدة الهلال مع الصليب وأن الدين لله والوطن للجميع هذه الوحدة الوطنية التي حافظت علي نسيج الأمة المصرية عبر تاريخها جاءت ثورة الربيع العربي لتهدمها وتحول بالقوة مصر المدنية إلي دولة دينية متطرفة حليفة لأمريكا محافظة علي أمن إسرائيل علي حساب القضايا القومية الكبري وفي مقدمتها قضية العرب الأولي فلسطين رغم رفعهم لشعارات القدس خط أحمر إلا أنهم من خلال تحالفهم مع التنظيمات الإسلامية المتطرفة بغزة وفي مقدمتها حماس بعد نجاحهم في تحقيق هدنتها مع إسرائيل ويتحول الصراع أمام الرغبة الأمريكية إلي الجبهة السورية لدعم المعارضة وفتح أبواب الجهاد بالنفس والأموال والسلاح وبدلا من الدعوة لمؤتمر وطني لإنقاذ مصر من مشاكلها المتعددة التي فشل الحكام الإسلاميين الجدد في حلها دعوا باسم الأمة المصرية حلفائهم من التيارات الإسلامية الموالية لهم لمؤتمر لنصرة سوريا بعد القرار الأمريكي الغربي بتسليح المعارضة يتبارى قادة الإخوان والسلفيين والجهاديين وغيرهم في إلقاء الاتهامات للمعارضين لسياساتهم من أبناء الشعب المصري وإطلاق الدعوات لتكفيرهم وإقامة الحد عليهم وقتالهم ولم يقف الأمر علي ذلك بل امتد لوصف من يخالفهم في المذهب والعقيدة بالأنجاس في إشارة للإخوة الشيعة من أعضاء حزب الله الداعمين للحكم العلوي القريب لهم في سوريا بالدعم والرعاية الكاملة من إيران الشيعية، هذا التطور الكبير لتحول الصراعات في المنطقة إلي المحطة الثانية من أجل تحقيق الهدف الأمريكي الإسرائيلي الأكبر وهو إشعال الحرب الكبري في المنطقة بين جناحي الأمة الإسلامية السنة والشيعة والقضاء علي ما تبقي من أمة عربية وإسلامية بالمنطقة إلي جانب ما يخطط له من إقامة الدولة الكردية الكبري واقتطاع أراضيها من العراق وسوريا وتركيا وإيران بالإضافة إلي إقامة دولة الامازيج في دول المغرب العربي ولعل ما يشهده الجنوب الليبي حاليا خير شاهدا علي ذلك وما بين ما يشهده الجنوب اللبناني حاليا من صراعات قتالية بين المسلمين السنة والشيعة من أعضاء حزب الله وانعكاسات استمرار الحرب الدموية التي تشهدها سوريا والتي راح ضحيتها أكثر من مائتي ألف قتيل وجريح إلي جانب آلاف النازحين والمهجرين لدول الجوار وغيرها ليتحول الشعب السوري لأول مرة في تاريخه الحديث إلي لاجئ بعد أن فتح أبوابه واحتضن آلاف اللاجئين من الفلسطينيين والعرب وغيرهم، والأخطر هو ما يسعى الجميع إلي تحقيقه بإرسال المزيد من الأسلحة لتحقيق المزيد من الدمار والدماء الطاهرة التي تسال يوميا من أبناء الوطن الواحد من الجيش والشرطة والمعارضة كلهم مواطنون من حقهم جميعا الحياة الحرة الكريمة وليس هدم المعبد بأيديهم علي الجميع وأن الوفاق الوطني بالكلمات والحوار العقلاني هو الطريق السليم للخروج مما يخطط لنا جميعا من المحيط للخليج بهدم أوطاننا بأيدينا بعد فشل الاستعمار الحديث في تمزيقنا بقوات احتلاله ولعل ما شهدته الشقيقة العراق من تمزق زرعت بوادره القوات الأمريكية خلال فترة الاحتلال والغزو الذي تعلمت منه الإدارة الأمريكية عدم التضحية بأبنائها وتحقيق أهدافها عن بعد من خلال حلفائها الجدد التيارات الإسلامية السنية عدوة الأمس الإرهابية حليف اليوم الذي سرعان ما ستنقلب عليهم بعد تحقيقهم لأهداف الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الشرق الأوسط لدعم الجهاديين في مواجهة نظم ديكتاتورية هشة غير قادرة علي إحداث التحول الديمقراطي الحقيقي وهو السبب الذي أعلنت الإدارة الأمريكية لدعم ثورات الربيع العربي التي انحرفت بها بدعم للتيارات الإسلامية السنية لقيادتها في تونس من خلال حزب النهضة الإسلامية بقيادة راشد الغنوشي الذي فشل أيضا في إعداد دستور توافقي للبلاد وهو ما دعا الشباب التونسي لاستعارة المنهج المصري بتنظيم حركة تمرد تونسية لإقصاء الحكام الإسلاميين الجدد، المهم أن الرؤية الأمريكية لإقامة علاقات جيدة مع القوي الإسلامية لم تجن من خلفها إلا النقد العنيف مما سيؤثر عليها في الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد ثلاث سنوات عام 2016 بخسارة الديمقراطيين من حزب أوباما وذلك علي الرغم من متابعة خلايا الأزمة في البيت الأبيض لتطورات ثورة الغضب التي ستنطلق في مصر الأسبوع المقبل ضد الرئيس مرسي مطالبين بتنحيه وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وإعداد دستور توافقي للبلاد وأمام حالة التخبط الذي تعاني منه الإدارة الأمريكية أمام تداعي الثورات في جميع دول الربيع بلا استثناء نجد أن مخاوفها من تنامي قدرات حزب الله ودعمه للنظام السوري والذي اتضح جليا في استرداد النظام للقصير من المعارضة وهو ما يمكن أن يؤثر علي أمن الحليف الاستراتيجي إسرائيل في المقابل نجد أن تقوية جبهة النصرة المتطرف وما يمثله من تهديد لتوسع شبكة القاعدة وارتباطها بما يحدث بمنظفة الأنبار بالعراق من احتجاجات سنية علي ممارسات الحكم الشيعية. وأمام المخاوف تدعو واشنطن إلي دعم السلاح للقوي المعتدلة في الجيش السوري الحر رغم مخاوف البعض من الأيدي التي سيصل إليها السلاح الأمريكي أخيرا. علي الجانب الأخر نجد حرب الوكالة بسوريا بالدعم الأمريكي من حلفائها الإسلاميين الجدد هدفها الأساسي تحجيم مكاسب موسكو في المنطقة بعد دعمها لصمود الرئيس السوري بشار الأسد وتعتبر وجوده مسألة مصيرية للوجود الروسي في المنطقة. المهم وسط دراما المؤامرات الخارجية وانهيار الأوضاع بغالبية دول المنطقة لابد من إنقاذ الشعوب من دوامات العنف وأنهار الدماء الطاهرة التي تسال وهو ما يمكن تحقيقه بالعودة إلي الجذور والتطبيق السليم لتعليم الأديان السماوية لنبذ العنف والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وليس بالقتل بالوكالة لتحقيق أهداف الآخر ومصالحه وهو يتطلب بالدرجة الأولي تحكيم سلاح العقل وإتاحة الفرصة لظهور تيارات وطنية جديدة من الشباب توقف المصالح العابرة للحدود التي ترسمها الدول الكبري لبناء مجتمعات عربية واعية أقل ميلا للانقياد للفتن ودعوات التطرف باسم الدين وهو ما يدعونا جميعا إلي نوبة بل إلي نوبات صحيان سريعة لإنقاذنا من شرور أنفسنا ومن مؤامرات الآخر الذي يسعى الي تدميرنا بأيدينا فهل نتحرك؟ تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|