المزيد
العلاقات الإماراتية المصرية وغبار المغرضين

التاريخ : 30-06-2013 |  الوقت : 12:24:23

منذ قيام الاتحاد الذي أرسى دعائمه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كانت الفلسفة الأصيلة التي أكدها القادة أيضاً مع دعائم الاتحاد الراسخة، هي أن علاقات الإمارات مع الدول العربية مقدمة على جميع أولويات العلاقات، ولها من المكانة الأثيرة في طبيعة الشعب والحكومة الإماراتية ما يجعلها عصية على أي غبار متناثر بين الحين والآخر، قد يعكر صفو هذه العلاقات أو يشي بنوع من الجفوة في مسيرتها.

بل كان، رحمه الله، ينظر إلى الهم العربي ببالغ القلق الأبوي والحرص الأخوي، حتى إن الخلافات في العالم العربي بين الأشقاء كانت كفيلة بأن تقض مضجعه وتنغص سعادته، وتأخذ من جهده وتفكيره الجانب الكبير حتى يتم تجاوزها ورأب الصدع في مسيرتها.

ففي إحدى أدبياته الخالدة يستذكر التاريخ قوله رحمه الله: "إنني منذ بداية خلافات العالم العربي إلى يومنا هذا لم أبت ليلة واحدة مسروراً، وأسعى دائماً وأود أن أبذل الجهد وأصرف المال من أجل ألا يختلف الشقيق مع شقيقه".

هذه الروح الأبوية والأخوية عالية المستوى، تركت ظلالها على مسيرة دولة الإمارات وأبناء الإمارات وقبلهم قادتها والحكومة الرشيدة، فظلت العلاقات الإماراتية مع الأشقاء العرب ثابتاً أصيلاً لا تنكفئ القلوب عنه، ولا تقصر الأيادي عن الأخذ به والشد من أزره، ويظهر برهانه في الرخاء والتعاون والصلات، كما كان يظهر في الشدة والوقوف أمام الأزمات.

ومما ترجم هذه الفلسفة الراسخة في فكر المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، تلك المقولة الشهيرة حين أعلن وقوفه إلى جانب مصر وسوريا في الحرب ضد المحتل الإسرائيلي، حيث قال: "ليس المال أغلى من الدم وليس النفط أغلى من الدماء العربية"، وأمر بقطع النفط عن جميع الدول التي تساند إسرائيل، وأعلن يومها: "إننا على استعداد للعودة إلى أكل التمر مرة أخرى، فليس هناك فارق زمني كبير بين رفاهية البترول وبين أن نعود إلى أكل التمر".

ومصر خاصة لها من المكانة الأثيرة في قلب العرب جميعاً والإمارات على وجه الخصوص، ما تشهد له مسيرة العلاقات بين البلدين والشعبين عبر العقود السابقة، وكانت على الدوام نموذجاً للأخوّة العربية، ولها من ثبات المنطلقات ورسوخ التوجهات ما يضمن دوام التقدير بين البلدين والشعبين، وأصالة الاحترام المتبادل والحرص على التواصل المستمر والتنسيق، لترسيخ الأسوة الصالحة في العلاقات العربية - العربية.

لا شك أن الغبار لا تخلو منه أجواء أي علاقات، مهما كانت راسخة أصيلة ثابتة بين الدول والإخوة الأشقاء، وهي سنة كونية تحكم سير أي نوع من الشراكات والتعاون والتعاضد، ولكنها تبقى في حدود الغبار المتناثر الآيل للزوال والسقوط مع أول رذاذ مطر أصالة وتاريخ هذه العلاقات، بشرط ذكاء الاحتواء من الطرفين والرغبة الصادقة في إزالة ما شاب صفوها، بالحد بأسرع ما يمكن من مصدر هذا الغبار المغرض، والضرب على يد الراغبين في تمييع العلاقات أو تصدير الأزمات، أو النيل من تعاون وأخوة عمرها مئات السنين.

ولكن مع ذلك يحسن أن نقول إننا شعب الإمارات، كما تعلمنا من قيادتنا الرشيدة أن الصفح والعطاء قيمة إنسانية عظيمة لا يستطيعها إلا العظماء، فإننا نوقن تماماً أن حصوننا عالية جداً بارتفاع قيمنا وأخلاقنا وثوابتنا، ولن تستطيع أبداً أن تؤثر فيها، فضلاً عن أن تخرقها أو تحطمها، خربشات "صغار" على الجدران، أو الراغبين في تصدير تجاربهم الفاشلة إلى الآخرين، تحت أي عباءات أو خلف أية أقنعة، وأن يتجرأ من لا يمثلون إلا أنفسهم أن ينثروا سمومهم هنا وهناك، محاولين بضغائنهم قطع ما وصله التاريخ وتجذر في النفوس، وإننا وأمام هذه النماذج، نجد أنفسنا قد أنيطت بأعناقنا مسؤولية الذود عن حياض الوطن، حتى وإن كانت كلمات لا يُلقي صاحبها لها بالاً ولا يعرف لها بعداً.

يعزّ علينا بلا أدنى شك أن يحاول البعض وضع "عقده" في مسيرة العلاقات الإماراتية المصرية، وأن يتجاهل حرص الملايين من أبناء مصر وتقديرهم لمكانة الإمارات في ماضي وحاضر مصر، إلا أننا نعلم أن الأخوّة الأصيلة بين الشعبين، والعلاقات على مختلف الصعد الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، أثبت وأرسخ وأقوى من أن تشوش عليها أغبرة وأهواء أصحاب النوايا والأفكار المشوشة.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك