المزيد
من القدس إلى مادبا عبر مغطس السيد المسيح

التاريخ : 28-06-2013 |  الوقت : 01:51:48

وكالة كل العرب الاخبارية : 

مع بدايات ظهور الديانة المسيحية بعيد ولادة السيد المسيح في بيت لحم، وأثناء تجواله بين القرى والمدن، كان النبي يحيى ( يوحنا المعمدان ) الذي كان ناسكا آنذاك " لباسه من وبر الإبل، وعلى خصره منطقة من جلد وكان طعامه الجراد وعسل البر ( متّى 3:4 ) يمهد الطريق لقدوم السيد المسيح من خلال الدعوة إليه والتبشير به على الضفاف الشرقية لنهر الأردن. وتأتي نتائج التنقيبات الأثرية لتدعم التوجه القائل بأن يوحنا كان مقيما في منطقة بيت عينا الواقعة إلى الشرق من نهر الأردن ضمن أراضي قرية الكفرين، وتشتمل هذه المنطقة على أحد الأودية الصغيرة المسمى بوادي الخرار الذي يبعد إلى الشرق من نهر الأردن مسافة أقل من كيلو مترين، حيث دارت في هذا الوادي أحداث هامة في تاريخ بداية الدعوة المسيحية.

1

وحيث أن الاعتقاد السائد لدى عامة الناس هو أن السيد المسيح كان قد تعمّد في نهر الأردن فقد دأب الحجاج المسيحيون الأوائل على زيارة موقع التعميد التقليدي، إلا أن الرحالة والحجاج الأوائل الذين اعتمدوا المنهج العلمي في دراساتهم قدموا لنا شروحات تفصيلية عن الأماكن الدينية المرتبطة بالتعميد، والتي توافق في مضمونها نتائج التنقيبات الأثرية وبعض الآيات الواردة في الكتب المقدّسة. ومن هنا فقد جاءت الأعمال الميدانية لحماية هذه المواقع  والأماكن من خطر الزوال والاندثار الذي تسببه انجرافات الأتربة وذوبان الكثبان الرملية الهشة التي تتكون منها صخور المنطقة، وأمام تحديات الظروف المناخية لوادي الأردن كان على فريق دائرة الآثار الإجابة عن عدد من الأسئلة ومنها أين تقع معمودية يوحنا المعمدان؟ وأين تقع معمودية السيد المسيح؟ وأين تتواجد محطات طريق الحج المسيحي التي سلكها المؤمنون الأوائل؟ وما هي الطرق التي سلكها السيد المسيح أثناء قدومه إلى المنطقة وعودته منها؟ ولكن السؤال الذي قد يجمع كل تلك الأسئلة السابقة معا هو أين يوجد مركز انطلاق الدعوة المسيحية إلى كافة أرجاء العالم؟.

وللإجابة عن هذه الطروحات كان لا بد من العمل الميداني المكثّف وفق أسس منهجية علمية تعتمد الدقة والأمانة والموضوعية في معالجة ما يتم التوصل إليه، فكما نعلم فإن الحجاج المسيحيين الأوائل القادمين من شتّى بقاع العالم لزيارة مدينتي بيت لحم وبيت المقدس لما لهاتين المدينتين من علاقة وثيقة بالأحداث المرتبطة بالسيد المسيح، كانوا يتوجهون بعد ذلك إلى أريحا ليعبروا نهر الأردن إلى الضفة الشرقية، هناك حيث وقف يوحنا المعمدان مردداً والجموع محتشدة حوله ( توبوا لأنه اقترب ملكوت السماوات )، ثم يعمدهم في نهر الأردن إيذانا ببدء مرحلة الإيمان الحقيقي، بعد ذلك ينتقل الحجاج إلى موقع معمودية السيد المسيح قرب نهاية الوادي المقدّس، وادي الخرار، وفي ذلك المكان الذي تتدفق إليه مياه نبع وادي الخرار كان ذلك الحدث التاريخي الهام حين قام يوحنا المعمدان بتعميد السيد المسيح حين جاءه طالبا منه أن يعمّده.

إن اكتشاف المكان الحقيقي لمعمدانية السيد المسيح يثير العديد من التساؤلات، ذلك أن هناك تصور عام بأن تعميد السيد المسيح قد تمّ في نهر الأردن، بينما الاكتشافات الأثرية تشير إلى أن مكان التعميد يقع إلى الشرق من نهر الأردن، وعليه يمكن القول بأن موقع تعميد السيد المسيح المكتشف هو الموقع الحقيقي المدعم بالإثباتات والبراهين العلمية، وأما موقع التعميد الآخر الموازي لمدينة أريحا فقد أصبح تقليديا بسبب قربه من مدينة القدس، ولكن هل هناك ما يؤكد هذه الحقيقة في الكتب المقدسة؟ إن الآيات الواردة في الكتاب المقدس ( الإنجيل ) تؤكد على أن السيد المسيح قد تعمّد في الأردن ( حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليتعمد منه ) ( متّى 3:13 ) وفي آية أخرى ( وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن ) ( مرقس 1:9 )، والآية الأخيرة جاءت من إنجيل لوقا ( ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضا )( لوقا 2:3 )، وفي آية أخرى ( هذا كان في عين عينا عبر الأردن حيث كان يوحنا يعمد ) ( يوحنا 1:28 ) ، وفي آية أخرى يؤكد على أن السيد المسيح قد توجه إلى هذا المكان ( ومضى إلى عبر الأردن إلى المكان الذي كان يوحنا يعمّد فيه أولا ومكث هناك ) ( 40:1).

إن انتقال السيد المسيح إلى بيت عينا حدث شهده الكثيرون، وهذا يبدو واضحا في الآية التي تذكر مجيء تلاميذ يوحنا إليه مستفسرين ( هو ذا الذي كان معك في عبر الأردن ) ؟ ( يوحنا 6:3 )، وهذه دلالة لا شك فيها على وجود مكان التعميد شرقي نهر الأردن. ولقد كانت قوافل الحجاج المسيحيين الأوائل تأتي لزيارة بيت عينا والذي يمثّل وادي الخرار مركزه، حيث كان النبي يحيى يبشر بقدوم السيد المسيح " إن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله " ( سورة آل عمران :39 ). وإلى هذا المكان الذي اعتمد فيه السيد المسيح جاءت أفواج الحجاج والمؤمنين للزيارة والتبرك و أحيانا الإقامة بالقرب منه خاصة أولئك الرحالة الذين قدّموا لنا وصفا مفصّلا عن هذا المكان حيث يقول الرحالة القادم من مدينة بوردو(Bordeaux) في فرنسا، والذي زار المنطقة عام 333م أن مكان تعميد السيد المسيح مرتبط به وقريب من تل الياس ( تل الخرار ) الذي يتم التنقيب فيه حاليا إلى الشرق من نهر الأردن. أما الرحالة ثيودوسيوس (Theodosius ) الذي وفد للموقع عام 530م فيؤكد أن السيد المسيح قد تعمّد في الجانب الشرقي من نهر الأردن، وأن الإمبراطور البيزنطي " أنستازيوس " بنى في هذا المكان كنيسة يوحنا المعمدان، والتي كانت ترتكز على مجموعة من العقود والأقواس حتى لا تتأثر بفيضان نهر الأردن خلال فصل الشتاء. ويذهب آركولف( Arculf ) عام 670م إلى القول بأن السيد المسيح قد تعمّد في الجانب الشرقي، حيث بنيت كنيسة بالقرب من حافة النهر على أربعة عقود وأقواس ترتفع عاليا لتجنب مخاطر فيضان النهر وذلك تخليدا لذكرى تعميد السيد المسيح في وادي الخرار. أما الرحالة القديس ويلبلاد( Willibalad ) فقد وصل إلى مكان تعميد السيد المسيح عام 754م، وشاهد تلك الكنيسة المقامة على الأقواس.

ويشير الرحالة ثيودوريك ( Theoderich ) عام 1172م إلى هذه الكنيسة على أنـها قرب موقع تعميد السيد المسيح وهو بذلك يشير إلى وادي الخرار. أما الرحالة الروسي دانيال ( Danial-)Abbot ) عام 1106م فقد أشار إلى كنيسة صغيرة ذات مذبح تقع على إحدى الروابي في الجانب الشرقي من نهر الأردن على أنها المكان الذي عمد فيه يوحنا سيدنا المسيح. وهكذا يتضح أن موقع العماد  الذي يقع في  وادي الخرار، وأن الكنيسة ( كنيسة يوحنا ) تمثل نقطة العبور إلى هذا المكان المقدس حيث تعمد المؤمنون الأوائل  ، كما أن هذه الأقوال تؤكد على أن معمودية يوحنا الأولى كانت في هذا الوادي وكذلك كان مكان تعميد السيد المسيح. ولقد جاءت الاكتشافات الأثرية في موقع تعميد السيد المسيح لتؤكد أقوال الرحالة والمؤرخين ، فها هي قواعد الكنيسة تظهر ، حيث كانت مجموعة من العقود والأقواس ترتكز عليها ليتم بناء الكنيسة فوقها وذلك لتجنب فيضان النهر الذي يبعد عنها مسافة نصف كيلو متر تقريبا. ولقد كان الكثير من رجال الدين يتسابقون لإقامة كنائس في هذا الموقع تخليدا لذكرى تعميد السيد المسيح، حيث أظهرت ألتنقيبات  كنيسة صغيرة مجاور فرشت أرضيتها بالفسيفساء الملون والرخام المتعدد الألوان على الرغم من أنة لم يتبق منها سوى الندر اليسير. إن بذل الجهد في إقامة كنائس في نقطة قد تواجهها المخاطر (مخاطر الفيضان والدمار ) في أية لحظة استمر دون توقف ،  ذلك أن الحدث الذي تم هنا انفرد به بيت عينا إلى الكهوف التي استخدمها الرهبان الذين كانوا يقيمون في هذه المنطقة حيث حفروا بيوتهم في الصخر، وجعلوا من هذه الكهوف الصغيرة أماكن للإقامة والتعبّد يعيشون ببين صدى ذكريات المؤمنين الأوائل.

ولا يفوتنا الإشارة هنا إلى ما يرويه الرحالة عن وجود كهف الياس ( ايليا )، وكذلك كهف النبي يحيى ( يوحنا المعمدان ) في هذه المنطقة التي شهدت مرور الرسل الأنبياء أصحاب الرسالات السماوية. ثم يبدأ الحجاج بعد ذلك بالصعود التدريجي للضفة الجنوبية للوادي المقدّس ( وادي الخرار جنبات إلى جنب مع صوت خرير مياه الخرار التي أعطت الوادي هذا الإسم، وبين ظلال أشجار الطرفاء والنخيل والقصب والنباتات الكثيفة التي تغطي مجرى الوادي، وأثناء ذلك يمكنهم الاستراحة قرب بركة كبيرة صممت لجمع جزء من مياه وادي الخرار عبر قناة تمتد لتصل إلى هذه البركة وهي أكبر البرك في الوادي، وقد جاء بناء مثل هذه المنشآت المائية لتسهيل حركة الحجاج وتوفير المياه ومن الواضح أن الحجاج كانوا يتوقفون قرب هذه البركة للاستراحة في الموقع المجاور الذي يشرف عليها، حيث تم الكشف عن مخلفات بناء إقليم على أرض منبسطة تشرف على وادي الخرار وعلى نهر الأردن. إن البناء المكتشف يمثل بقايا كنيسة صغيرة أقيمت للعبادة أثناء مرور الحجاج عبر المنطقة، وإن اكتشاف هذه البركة يعتبر حدثا هاما لأنها البركة الوحيدة التي تصلها المياه من نبع وحنا المعمدان وجاء بناء هذه البركة لتسهيل عملية العماد الجماعي للحجاج بعد دخولهم إلى الوادي المقدّس، ومن ثم ينتقلون إلى الكنيسة المجاورة لإتمام العبادة، بعد ذلك يواصل الحجاج رحلتهم نحو معمودية يوحنا وقبل الوصول إلى المعمودية يوجد بناء صغير أقامه أحد الرهبان بالقرب من الوادي ليتقرب إلى الله بالعبادة والتقشف في هذه البقعة المقدّسة، وبعد ذلك تصل قافلة الحجاج إلى تل مار إلياس، حيث يقف المرء متأملا مخلفات العمائر والمباني المنتشرة في كل مكان، وفوق ذلك كله التل الذي يقف شامخا وصامدا، وللوهلة الأولى يخطر في الذاكرة الآية ( حيث كان يوحنا يعمد أولا ) فما زال نبع المياه أسفل التل ماثلا، وصدى خرير المياه  المتدفقة  الذي يتردد صداه بين جنبات هذا الوادي نشطا، وأغصان الأشجار التي توحي بمنظر واحة غناء في وسط برية جرداء وارفة شامخة .

4

إنه ليس كغيره من الوديان ففيه من الميزات والخواص ما يجعله أجمل وديان غور الأردن قاطبة فهو وادي ينخفض فجأة دون أن يتصل بالسهول الشرقية ، ويسير متجها نحو الغرب ليلتقي مع نهر الأردن، وتنساب المياه خلاله لتعطيه الحياة، وأول ما يشاهده الحاج من العمائر فيه كنيسة صغيرة الحجم والتي ، وبالرغم من فقدان بعض أجزائها، إلا أن ما تبقى منها كفيل  بأن يعطي صورة واضحة عن السقف الذي كان محمولا على عقود ، والأرضية الفسيفسائية الملونة التي مثل عليها أشكال الصليب والساحة الأمامية التي تتجه نحو الشمال حيث يتواجد أكبر خزانات المياه لقد كان سقف هذا البناء ذا شكل نصف برميلي وقد تم تسوية السطح العلوي وفرشه بأرضية من الفسيفساء الأبيض. ثم  يشاهد الحاج إلى الشرق من الكنيسة بناءا صغيرا تم بناؤه باستخدام حجارة نهرية متوسطة فرشت أرضيته بالفسيفساء الأبيض الملون ومن الواضح أن لهدا البناء علاقة بالعبادة التي كانت تتم في الكنيسة المجاورة وبقرب الحافة الشمالية لهذا البناء ما زالت بقايا  النظام المائي واضحة المعالم فقد كان يتم سحب المياه العذبة من وادي غرابه الذي يقع على مسافة كيلو مترين إلى الجنوب من وادي الخرار حيث تم الكشف عن أنابيب الفخار التي صممت لهذا الغرض وما زالت في مكانها، كما كشف عن أحواض الترسيب والمخصصة لتنقية المياه وعن خزان كبير آخر يبلغ عمقه ما يزيد عن سبعة أمتار كما امتدت القنوات لتصل إلى الخرار لتغذي برك التعميد والأحواض المتواجدة على التل وقد أحيط التل بجدار حجري لحماية المباني المقامة على قمة سفوحه،  وتم الكشف عن كنيسة متوسطة الحجم في الجزء الشمالي منه، وكنيسة أخرى في الجانب الغربي، وبقايا أرضية فسيفسائية في الجانب الشمالي الغربي، وهذا بدوره يؤكد مدى الجهد الذي بذل في سبيل إقامة هذه المباني، كمال أقيم حوض تعميد في الطرف الجنوبي ، وحوضين آخرين في الطرف الشمالي، ولا زالت بقايا القناة ماثلة على قمة التل بين بقايا الغرف التي أقامها الرهبان الأرثودوكس منذ مطلع القرن الثاني عشر.

5

وقد يتساءل المرء لم تقام كل هذه الأبنية على تله صغيرة منخفضة في طرف الوادي صخورها هشة، وعوامل الطبيعة تركت تأثيرها الواضح عليها؟ ويأتي الجواب بأن القداسة والطهارة التي يحظى بها هذا المكان هي التي جعلت الأباطرة والرهبان يتسابقون لإقامة الأبنية الدينية على هذا الموقع تبركا به وتقربا من الله سبحانه وتعالى، حيث ورد اسم الراهب ( روتوريوس ) رئيس دير تل الخرار على أحد النقوش المكتشفة على التل، وفي أسفل أطراف التل الشمالية الشرقية والغربية ما زالت الأشجار التي تستقي من نبع الخرار.

وقد سبقنا إلى وصف نبع وادي الخرار عدد من الحجاج والرحالة المؤرخين، فمنهم الرحالة أنتونيوس (560م)Antonius الذي أشار إلى وجود نبع مياه إلى الشرق من نهر الأردن بالقرب من هذا التل، أما بيزنزا(Piacenza) الذي ذكر هذا النبع فاشار إلى أن يوحنا المعمدان كان يعمد قربه، ويذكر اركلوف ( Arcluf) عام 670م مشاهدته لهذا النبع الذي كان متعارفا عنه لدى عامة الناس بان يوحنا المعمدان كان يشرب منه، أما الراهب أيباس ( Epiphanius).

عام 675م فقد أشار إلى نبع يوحنا المعمدان الذي يتدفق من كهف على مسافة اقل من ميل إلى الشرق من نهر الأردن، ولكن الرحالة الحاج الروسي دانيال  ( Danial) عام 1107م أكد بان هذا النبع ذي الماء العذب يمثل المنطقة التي عاش فيها يوحنا المعمدان، وانه يقع إلى الشرق من نهر الأردن على مسافة رميتي سهم على حد قوله. ويطلق الرحالة جون فوكاس (Phocas) عام 1185م اسم نبع يوحنا المعمدان على هذا النبع الذي يقع خلف نهر الاردن، ويقصد بذلك الجانب الشرقي.

ومما لا شك فيه أن نبع الخرار الحالي كان اسمه نبع يوحنا المعمدان، هذا النبع المقدس الذي يقع في المكان الذي كان يوحنا يقيكم ويعمد فيه، وإليه جاء السيد المسيح. نعم كانت هنا معمودية يوحنا الأولى.

6

وبعد أن يشرب الحجاج من هذه المياه ويتبركون بلمسها، وبعد أن تتجول أبصارهم في هذا الوادي، يغادر الحجاج الوادي وأنظارهم مشدوهة إليه، وقلوبهم متعلقة بالذكريات التي تحوم حوله، وبالأخص قول السيد المسيح " لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ". ويسير الحجاج على طول امتداد قنوات المياه الفخارية التي تم إنشاؤها لتلبية احتياجات الحجاج من الماء أثناء سفرهم. وعلى بعد مسافة كيلو مترين من الوادي المقدس " الخرار " يصل الحجاج إلى وادي غرابه، وهنا أقيمت أيضا برك ضخمة للمياه، ومباني للاستراحة والإقامة، وقد تم التنقيب في بعضها و اكتشاف أجزاء هامة منها، ثم يتابع الحجاج مسيرهم إلى الرامة حيث يوجد التل المشهور بآثاره وعمائره، إنه تل الرامة إحدى محطات طريق الحج، وقد تم التنقيب فيه والكشف عن بقايا أرضيات فسيفسائية ربما كانت تمثل بقايا كنائس يستخدمها الحجاج للعبادة، و لا غرابة في أن يستخدم الموقع حاليا كمقبرة لأنه اعتبر مكانا مقدسا و طاهرا منذ مئات السنين.

ويتابع الحجاج طريقهم نحو مادبا عامة وجبل نبو خاصة صاعدين خلال السفوح الجبلية والمسالك الوعرة التي تفرضها جغرافية المنطقة على الحجاج حتى يصلوا إلى قمة جبل نبو، حيث نهاية رحلة الحج، فيقفون هناك يتأملون تلك الوديان والجبال التي قطعوها في سبيل الوصول إلى هذا المكان الزاخر بالأحداث التاريخية. وتتجه أبصارهم نحو الجنوب من مادبا لعلهم يشاهدون منطقة مكاور أو ما يسمى بالمشنقة، حيث قضى يوحنا المعمدان حياة قاسية في هذا المكان، ذلك النبي الذي وصفه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بأنه الشهيد ابن الشهيد، وسلّم عليه الله سبحانه وتعالى بقوله " فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا " سورة مريم : 15. هذه ذاكرة مكان أنه المغطس ومحيطه المقدس على الأرض الطاهرة المباركة، أرض المملكة الأردنية الهاشمية.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك