المزيد
كم «ديكارت» نحتاج حتى نستيقظ؟

التاريخ : 22-06-2013 |  الوقت : 11:15:51

«نحتضن كل شيء لكننا لا نعانق إلا الهواء» «مونتيني»..

في عالم اللخبطة، والخربطة، والهرطقة، والشطط، والحطط، واللغط، والغلط، نحتاج إلى قانون ما يحدد مستوى هذا الضجيج وهذه الفوضى العارمة التي زلزلت، وخلخلت، وبلبلت، وجلجلت، وزنجلت، وقلقلت، ومزقت، وفرقت، وشتت، وفتت، وجعلت الأفكار طرائق قددا، والأوطان فرقاً بددا، نحتاج إلى أكثر من رينيه ديكارت الذي وضع للإنسانية أول طريقة نحو تحديد المسار الاجتماعي، والعلاقة بين الإنسان والإنسان، وبين الإنسان ومحيطه الكوني.

نحتاج إلى أكثر من ديكارت يضع حداً لهذا التهور الأخلاقي والتضور الفكري والانهيار القيمي بحيث أصبح الإنسان أشبه بالأحجار المتصادمة، بفعل طبيعة حمقاء وعصبية، نحتاج إلى أكثر من ديكارت، يضع لنا في الشك بما يجري كطريقة منهجية تقودنا إلى اليقين، وتضعنا عند منطقة الأمان النفسي الذي لا تشوبه العصبيات ولا الأنانية ولا تصادم مصالح ذاتية على حساب الكل.

اليوم وفي ظل هذا المجون الفكري، والعقائدي، وكأن العالم العربي يستعيد خبال العصور الوسطى فيحرق كوبرنيكس، وجيردانو ويعزل دنيف جاليلو، ويلاقي بيكولا دي تو الأمرين جراء رفضهم بؤس التفكير، ورجس الانتماء وعبوس التقليد الجهنمي الذي ساد تلك العصور، وكأنه فجأة ينسحب على عصرنا وفي منطقتنا بعد أن استدعت مجموعات وأنظمة فكرة رفض الآخر واعتناق، مبدأ «أنا ومن بعدي الطوفان».

اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين، نواجه موجة التمزق الذاتي، وضمور الفكرة واختلال العقيدة، فأصبحت العصابات تدير عجلة المذابح ومحاكم التفتيش، تفتش حتى في فصيلة الدم تنبش حتى في نسيج الجسد عن لون الانتماء إلى هذه الفرقة أو تلك، اليوم صرنا نفكر في الشيعي والسني والمسلم والمسيحي، دون أن نفكر في الوطن، لأن في غياب الفكر يغيب معه التفريق بين الصواب والخطأ تغيب الحقيقة، ولا يضيع سوى الوطن ومقدراته ومنجزاته. إذاً فهل نحن بحاجة إلى ديكارت جديد يعيدنا إلى صواب الفكرة ويخرجنا من صهد الجفاء، والجفوة التي حلت بشعوب وأنظمة تطورت نسلاً من فيض الاحتمالات المبتورة والأفكار المعذورة والعقيدة المهدورة، والثقافة المدحورة، والقيم المطمورة، والضمائر المهجورة، والعقول المأسورة، والأحلام المقبورة، والآمال المكسورة.

هل نحن بحاجة إلى ديكارت عربي، يواجه عصابات اللغو واللهو، والسهو، والعبث، والعدمية، بعقل صاف يحترم الإنسان، ويحفظ الأوطان، عقل محب لا كاره.




تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك