خلجات في ... زمن الهزائم ؛؛؛
![]() ذات صباح ؛؛؛ من أيام فصل الشتاء .والبرد يهز كيانات الابنية الخرسانية . في هذا الجو المتلبد والمليء بالغموض ، إنتابني إحساس غريب جاهدت فكري على أن أصفه ولو ببضع كلمات ولم أستطع . غير أنه إحساس غير مريح البتة . ولأن إرثنا الثقافي الجمعي مليء بالأفكار المظلمة والتشاؤم حتى من أقل الأشياء بساطة ... رشفت قهوتي على عجل ومزاجي ليس له طعم ولا لون ولكن رائحته نتنه أنفرتني من نفسي . نهضت على غير عادتي ، وبقطرات قليلة مسحت وجهي ولم أفعل كالمعتاد طقوسي المملة بأن أحلق ذقني وأغتسل وأقف أمام المرآة دقائق كفيلة بأن أخرج بعدها من بيتي وأنا في كامل أناقتي . يومها حتى زوجتي وأولادي اندهشوا من منظري المزري ولأنني رب الأسرة لم يكن هناك أي تعليق على ألسنتهم ولكن كل اللوم والنقد بل حتى القرف كان من خلال نظراتهم الوجلة المستكينة . لأنهم لا يستطيعوا إجتياز الخط الاحمر وهو خط وهمي وضعه أباء زمن الهزائم يمارسوا من خلاله دور رب الاسرة المتسلط والذي لا يقبل النقد ولا الاعتراض . ولأن هزائمنا ما زالت تلاحقنا كضلنا أمارس أنا بدوري ما تعلمته من خلال ثقافتي الرجولية ؛؛؛ والتي أصبحت ثقافة وجدت رواجاً عند الكثيرين . خرجت من بيتي لا أعرف لي وجهة أتوجها لم يكن عندي أي فكرة عن المكان الذي أرجوه . نظرت أمامي في الشارع ووجدت جاري واقفاً يربط رباط حذائه تلكئت في المسير لا أعرف ما بي غير أني لم أطيق السلام عليه ولا حتى النظر اليه رغم لطافته ودماثة أخلاقه .ولكني خجلت أن يرى تلكئي فأتممت المسير على ثقل . وقبل أن أصل إليه بخطوات قليلة . إستند ونظر إلي نظرة سريعة وأدار وجهه ومشى أمامي كأنه لم يلحظني البته . عندها عرفت أنه يعيش نفس الاحساس الذي أعيشه أو أكثر . بعدها وقفت للحظات أفكر في سلوكي ومزاج جاري وخشيت أن أبتسم لنفسي. وعدت لمنزلي وجلست في نفس الزاوية من الصالة المخصصة لي والتي يجلس بها إبني الأكبر أثناء تواجدي خارج المنزل ويمارس دور الفرعون على إخوته الاصغر سناً ، بنفس الإيقاع والوتيرة التي أمارسها ولكن بسلاسة أكثر مني . وصارحت نفسي بصمت لماذا ما زلت أعيش مع هزائم أبائي وأجدادي وهزائمي وأنقلها لأبنائي . هل من العدل أن نورث هزائمنا للأجيال القادمة . صحيح أننا نعيش في زمن النكبات والهزائم زمن الانكسار .هل صحيح أن اليوم أحسن من الغد والغد أحسن من الذي يليه ؛؛؛ وبأن الأيام تجرنا رغماً لأسفل سافلين . يا الله ما هذا التشاؤوم .... لماذا أتنمر على هزائمي وإنتكاسات جيلي . عندها وجب الوقوف . ثم عدت لحالي وقت ما إستيقظت بمزاجي السيء ، وجلست وحدي أمام التلفاز أقلب بين القنوات علني لا أحضى بهزيمة تضاف لسجل الهزائم والانكسارات اليومية . لأتهيأ ليوم جديد كالذي سبقه ؛؛؛ وهلم جرى . تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|