لم تكن الإمارات مجرد دولة ثرية تستخدم دولاراتها من أجل مواقع ومكاسب سياسية سرعان ما تنهار، بل هي دولة تريد أن تصنع مستقبلها على خطى ثابتة، أو لنقل لتصنع مستقبلها إلى ما بعد النفط . فالتفكير الاستراتيجي في تطوير تكنولوجيا الطاقة البديلة نموذجا - تعمل الامارات لترسيخه وتعظيم فوائده ليس في الدولة نفسها بل في العالم باسره ، فمركز (مصدر ) للتكنولوجيا والطاقة البديلة يعتبر من أحدث وأعظم المراكز العالمية ، وهو استشراف لمرحلة ما بعد النفط، وتعزيز للوجود، ليس الإماراتي أو الخليجي في العالم، بل والعربي، حيث تنفذ الإمارات مشروعات للطاقة البديلة في بريطانيا واستراليا زادت على 1000 ميجا وات. سألنا وزيرة التجارة الخارجية عن تنفيذ مثل هذه المشروعات في الدول العربية ، فكان الابتسامة والترحاب عنوانين دفعانا إلى الدعوة لترجمتهما . لكن السؤال من يقرع الجرس .؟
مشكلة ومعضلة واقعنا الاقتصادي هي الطاقة ، والعجز المتوقع لشركة الكهرباء في العام الحالي 4 مليارات والحبل على الجرّار رغم خطة الحكومة السعرية لعام 2017 التي يتحملها المواطن وحده من دون شريك.
السؤال المطروح ؛ أين خلية التخطيط الاستراتيجي في البلد للتعامل مع مثل هذه المشكلة التي نتحدث عنها منذ سبع سنوات ، أين بدائلها ، وأين الخطوات العملية غير رفع الأسعار ، خاصة وأن المقومات الرئيسية والمغرية لأصحاب المال متاحة ومتوفرة؟ فمن يقرع الجرس ؟ هل فكّر أحد بطرح نمطية التفكير الخليجي، خاصة الإماراتي في عملية التمويل والمشاركة في المشروعات؟ ما طرحته شركة الحامد بالائتلاف مع الصينيين لتوليد 900 ميجاوات في اللجون وعلى طريقة الـ (BOT) لن يكلف الدولة شيئًا، خاصة أن السعر المقدم لبيع الكيلواط أقل من السعر الذي يباع للشركة الوطنية من التوليد ، فإذا قدمت الإمارات وجبة سلسة بسيطة لمعالجة مشكلة الطاقه، فلِمَ ننتظر؟ ولِمَ هذا التأخير؟
الإخوة في الإمارات مهتمون جدًا جدًا بواقعنا الاقتصادي وغيورون جدًا جدًا على المصالح الأردنية، لكنّهم يريدون جوابًا وحراكًا وعملا جادًا وصادقًا ونظيفًا ، فإذا توفرت لنا الطاقة من استثمار أردني بقيمة 15 مليار دينار (فابو زيد خالنا )، خاصة أننا سنوفر عن طريق إخوتنا في الإمارات هذا المبلغ الضخم، واستثماره في مواقع أخرى تزيد من مستوى الحراك الاقتصادي الأردني المحدود .
نعم؛ نحن نعرف أن ملفات سوداء متعددة بحاجة إلى التطهير في الأردن، وأن أيادي طويلة بحاجة إلى بتر، لكن هذا الأمر يشير إلى قلة مرفوضة ومنبوذة ، بينما يقدر المواطن الأردني الغيور الاستثمارات العربية، خاصة الإمارتية التي تحرص وبشكل علني وصادق على شفافيتها نظرا للتوجه الإمارتي الصادق لدعم ومساعدة الأردن ، فإذا أساءت بعض الإدارات التعامل مع جزء من هذه الاستثمارات فقد اساءت لنفسها، غير أن الحقيقة تتطلب أن نُعلي صرح الإخوة في الإمارات بإصرارهم على تقديم كل ما يمكن للنهوض بالاقتصاد الأردني من دعم مباشر للموازنة أو لمعالجة مسألة النازحين السوريين، إضافة لحجم الاستثمار الهائل الذي يقدمونه من باب الأخوة والمحبة والشرف العربي الأصيل، ولا شيء غير ذلك، فهذا مشروع المعبر ومرسي زايد بالذات المثال الأقوى على حجم الفائدة التي سيحصدها الأردن ، وعلى نور ونصاعة وبياض الصفحة الإماراتية في الوقوف مع الأشقاء . فاستثمار ما يزيد على 10 مليارات دولار في مشروعات مختلفة يؤشر على توفير 17 ألف فرصة عمل وعلى حركة اقتصادية نشطة، حيث تعظم القيمة الاضافية لمثل هذه المشروعات الرائدة، فهذه مشروعات الواحة وريجنسي سانت وريزيدنس بمبالغ زادت على 197 مليونا، بصمات حية على الكيمياء المنسجمة بين الدولتين قيادة وشعبا وتوجها . . دعونا نتعامل بشفافية مع مثل هذه المشروعات الخليجية ودعونا لا نطعن بالخاصرة ، شريطة محاسبة المسيء ، فالاساءة لمشروعات استثمارية واضحة المعالم والاهداف وبأسلوبها الشفاف وبقلب عربي صادق يحتاج من شرفاء الوطن وابنائه اليعربيينى إلى أن يدفعوا ويعظموا هذه المواقف النبيلة ومحاسبة كل من له مطامع خاصة وغايات فردية فيسيء هنا ويشوه الصورة هناك ، فلا يجب ان تأخذنا العزة بالاثم ، ولا بد من ننصف الاشقاء في الامارات بالذات ومثلها الكويت والسعودية على جل المواقف العربية وتقديرهم لما يجري في هذا البلد .
عدنان سعد الزعبي رئيس هيئة التحرير في صحيفة العرب اليوم