الجامعات الأردنية المسلحة ..إنها أزمة أخلاق المجتمع برمته
![]() وكالة كل العرب الاخبارية إن ظاهرة العنف في "الجامعات الأردنية المسلحة"، أقصد الجامعات الأردنية الأكاديمية والبحثية والتطبيقية المنتشرة في مختلف محافظات المملكة، هي غاية في الخطورة ليس فقط على المستقبل التعليمي والدراسات المتوسطة والعليا بل على أمن وإستقرار المجتمع الأردني وعلى السياحة التعليمية اذا صح التعبير. وفي الواقع ان ظاهرة العنف الجامعي ظاهرة موجودة في السابق، لكن نسقها وحدتها أخذ يتزايد وبشكل متسارع، حتى اتضح ان هنالك معضلة تكمن باننا نتعامل مع مجتمعات ومدن داخل مدن ، فهناك ادارات وامن للجامعات هي مسؤولة عن ادارة وحماية الجامعات بالدرجة الأولى ، وفي حالة الطواريء يتم الاستعانة بالاجهزة التنفيذية والامنية من خارج إطار الجامعة. ومن باب حبنا لهذه الصروح والمؤسسات العلمية الشامخة في عطائها وسمعتها التعليمية الرائدة التي استطاعت استقطاب آلاف الطلاب العرب والأجانب كذلك لإنتمائنا لثرى الوطن الغالي ، فإننا يجب أن نبحث جميعاً عن الأسباب والدوافع التي أدت لبروز هذه الظاهرة وأهم الحلول الناجعة والإرشادات للتخلص من هذه الآفة الخطيرة في المجتمع. وخلال تجربتي كطالب في جامعتي مؤتة في محافظة الكرك جنوباً وفي جامعة آل البيت في محافظة المفرق شمالاً وترددي على الجامعة الأردنية في العاصمة وجامعة اليرموك في اربد، أجد بأن من اهم الأسباب المؤدية للعنف الجامعي هي ثقافة طالب الجامعة نفسه، التي لا نستطيع ان نفصلها عن ثقافة المجتمع برمته، فأولاً دعونا ننظر الى طريقة نشوء وتربية الطالب في البدايات داخل اسرته وحارته ومدرسته وبيئته ضمن القرية او البادية او المخيم او المدينة والتي ترعرع فيها. وهنا يكمن التسآؤل هل نقدم للجامعات الاردنية طلاب دراسات متوسطة وعليا مؤهلين لدخولها في النواحي السلوكية ولا اقصد التعليمية؟ ثم ان هل الاسس التي يتم اعتماد وقبول الطلاب في الجامعات هي عادلة ونزيه بين كافة مواطني وفئات المجتمع؟ هل معيار الكفاءة هو الذي يحكم الطلاب في عمليات القبول؟ لا اظن ذلك، ومن هنا لا يجوز ان نضع من هو ليس اهلاً ولا يستحق ان يكون ضمن افراد وطلاب الجامعة ضمن بوتقة الحرم الجامعي وذلك لأن مستواه التعليمي لا يؤهله لدخولها وبالتالي فإن سلوكه واهتمامه سينصرف الى امور اخرى يعوض ما هو مفترض ان يكون عليه، وربما ان علاقته ستمتد مع من هم خارج الجامعة ممن يتمتعون بذات السلوك العدائي غير المنضبط، وقد اكتشفنا في العديد من المرات دخول هذه الفئات الى حرم الجامعات بالتنسيق مع اصدقائهم الطلاب في الداخل وافتعالهم للمشاكل والعنف داخل الجامعات. حقيقة يأتي أغلب الطلاب بسلوك غير ناضج وغير مؤهل لمرحلة واجواء الجامعات، فيذهب هذا الطالب لتعويض هذا النقص الحاد والضعف في مجال التأقلم، بهدف اثبات واظهار الذات على حساب الاجواء التعليمية والاكاديمية داخل الجامعة مبتعداً عن المشاركة في الانشطة والفعاليات والمنتديات الجامعية الابداعية والثقافية والتعليمية وغيرها ، وهنا اطالب مراكز الدراسات داخل الجامعات وخارجها بالبحث والتحري عن هذه المعادلة تحديدا واجزم باننا سنجد بأن أغلب الطلاب الذين يتجهون للعنف هم ذاتهم الذين لا ينخرطون بانشطة الجامعة واي فعالية او لجنة او منتدى او مشروع طلابي داخل الجامعة، كما انني اختلف مع الكثير هنا ممن يربطون ما بين العنف الجامعي وإنتماء الطالب الى شلة طلابية او عشائرية او مناطقية او فئوية داخل الجامعة، فهذا صحيح اذا كانت هذه الفئة متعصبة وعلى درجة متدنية من الاخلاق والوعي، لكن القول الدقيق بأنه لا ضير بأن يتجمع الطلاب ضمن شلة او ابناء عشيرة او منطقة في الجامعة على أن يكون هذا التجمع واعي ومؤدب ومنفتح يحترم الآخر ويستفيد منه سلوكياً وتعليمياً وحضارياً. كما ارى بأن هناك فجوة وانزلاق في معيار الأخلاق والتعامل بين الشاب والفتاة في المجتمعات خارج الجامعة وهذه الفجوة تنتقل مع الطلاب الى داخل حرم الجامعة بحيث يجد الطالب نفسه"عنتر ابن شداد" او "قائدا للحروب العالمية" بمجرد دخوله الجامعة، وهذا سيؤدي حتماً لإنحراف الطلاب في سلوكهم واهدافهم التي دخلوا الجامعات من اجلها، وقد ساعد على هذا الانحراف عدم جدية العديد من الجامعات في فرض معاير صارمة لنجاح ورسوب الطلاب، حتى سادت بين صفوف طلبة الجامعات، مقولة : " من دخل بيت ابي سفيان فهو آمن" اي من حصل على قبول في جامعة أردنية فحتماً سيتّخرّج، وفي ذهن أغلب الطلاب ايضاً انه بالواسطة لا بالمعدل سيحصلون على وظيفه مرموقة داخل اجهزة ومؤسسات الدولة ، وبذلك غابت الحكمة والنهج القويم عن الجامعات،" بأن من جدّ وجد"، لاّن كثيراً ممن جدّوا لم يجدوا الا المرار. سنخطأ العلاج اذا ضننا ان هذا المرض يكمن داخل الجامعات، وأجزم بان هذه الآفة تأتي من الخارج من المجتمع ككل ، ولنا اكبر دليل على مشهد العنف وعدم قبول الآخر في أهم مؤسسة اجتماعية سياسية تمثيلية لصفوة ونخبة المجتمع الا وهو مجلس النواب ، في مشاهد نرى فيها الكلام البذيء والمصارعة الرومانية والحرة واشهار السلاح واختلاف الرأي الذي يؤدي الى ركل الآخر وتخوينه وتكفيره، في أبشع صور لم نترك لابنائنا وإخواننا الطلبة شيئاً حسناً لأن يقتدوا به. نعم انها قضية مجتمع برمته في السلوك والتربية وليس في مستوى التعليم والتدريس انه انحطاط واضح وناقوس خطر دق من زمن بعيد في المدارس والمعاهد والجامعات وفي المستشفيات وفي النقابات وفي المؤسسات والبلديات وفي الشارع والحي وفي كل مناحي الحياة، انها قضية سلوك وتربية منذ النشأة أدت بشكل حتمي لهذا العنف. لذلك نحن بحاجة لحلول ناجعة شاملة للسلوك التربوي للطلبة منذ النشأة وهذا يأتي بالتوعية والتثقيف عبر وسائل الاعلام وداخل الاسرة الواحدة وتعزيز النشاطات الاجتماعية والتطوعية في المجتمع ، وبإدخال مناهج ومساقات جديدة تعزز مفاهيم التربية والولاء الوطني وقبول الآخرين على اختلاف مذاهبهم ومناطقهم وفئاتهم وهذا يتطلب ايضاً تحقيق اسس العدالة والمساواة واحترام معيار الكفاءة والعطاء لتبوء المقاعد الدارسية والوظائف والمناصب القيادية، حتى يسير المجتمع ومؤسساته بمنهج سليم يرضي الجميع ويجعلهم بعيدين عن الظلم والغبن الذي اثر على اسس الولاء والانتماء لدى الجميع. وفي الجامعات لدينا بعض النصائح المتعلقة بالدعم اللوجستي لتخفيف حدة ظاهرة العنف داخل حرم الجامعات، من خلال استخدام البوابات الالكترونية للجامعات واستخدام بطاقات الطلاب الالكترونية للدخول بحيث يتم منع غير الطلاب وغير المعنيين من دخول الجامعات، كذلك لا بد من التشديد في منع ادخال اي من انواع الاسلحة والمواد غير الدراسية حتى المخلة بالآداب الى داخل حرم الجامعات ووضع عقوبات رادعة وجذرية لمن تمسك بحوزته هذه الاشياء، ويحتاج ذلك لنشر الكميرات في القاعات وكافة مرافق الجامعات، وهذه العقوبات يجب ان تسري منذ البداية بحيث تأخذ شكلاً وقائياً تجاه اي طالب يمارس اي سلوك غير سليم داخل الجامعة، وهذا يتطلب اعادة تأهيل وتدريب امن الجامعات للقيام بواجباتهم الامنية والتعامل النفسي مع الطلاب ، وعلى ادارة الجامعات ان تضع في خططها الاساسية اقامة نشاطات توعوية وتنظيمية للطلاب واعادة تأهيل سلوكهم لتعزيز قيم الانتماء للجامعات والوطن وومتلكاته العامة، حتى يدرك الطالب ان زميله الطالب وكافة المرافق العامة داخل الجامعة ومحتوياته هي جزء منه. وفي نفسي ما اقوله هنا عن ماض جميل في جامعة مؤتة وقد تخرجت منها في مرحلة البكالوريس عام 1996 وعدت لها عام 2000 بعد طول مدة وانقطاع وكنت حينها اكملت درجة الماجستير من جامعة آل البيت وذهبت لأقابل المشرف على رسالتي وكان حينها الدكتور عبدالفتاح الرشدان الذي كان يدرّس في جامعة مؤتة، وعندما وصلت الجامعة ، واتذكر جيداً كم كنت حزينا تائهاً وقد انهمرت دموعي لأني لم ارى أصدقاي وإخواني ورفقة عمري الطلاب ممن درسوا وسكنوا معي وامضينا أجمل اللحظات والايام معاً هنا وهناك داخل وخارج حرم الجامعة أصدقاي وإحبتي هم : من عمّان وجنين والقدس والكرك والطفيلة ومعان واربد والسلط من العائلات الكريمة واتذكر من سكن معي لاربع سنوات انهم إخواني من عائلة العبوشي والعمري والدويكات والمياس والشامي وخليفات، فأرواحنا تعلقت مع بعضها ، لكن هو قطار الحياة وحده الذي سيمضي بذكرياته الجميلة او الحزينه ، فكل واحد سار في دربه استجابةً لقدر الحياة، لكنهم جميعا ً ما زال محل سكناهم في قلبي وان اختلفت اقاماتهم، فمنهم الآن وراء البحار والمحيطات في استراليا وامريكيا وفرنسا ومنهم في الخليج يدرس ويعمل، فحقا لم اجد في ذلك الموقف الا دمعوعي تساندني على فراقهم، ولم تبقى سوى اطلال ومرافق الجامعة اتذكر من خلالها محطاتنا ووقفاتنا الجميلة بجنب كل لبنة وطريق وحيز المكان، نعم انها واقع اصبحت ذكريات لتكون جزء من كياني ووجداني ، فكيف لنا ان ندمر انفسنا ومستقبلنا بل نقتل انفسنا !!! فلنتقي الله يا اخوتي الطلاب . يوسف ابوالشيح الزعبي yousefaboalsheeh@hotmail.com ![]() تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|