المزيد
المرحلة الأخيرة من الأزمة السورية قد بدأت..هل سيتم التقسيم؟

التاريخ : 04-04-2013 |  الوقت : 01:24:02

كنا قد كتبنا بداية العام الماضي، تحت عنوان:" الإستعداد لما هو قادم في الأزمة السورية فهو الاصعب 2/2" مقالين متتالين تم الحديث فيهما عن عوامل تفاقم الأزمة السورية وتوقعاتنا لمراحل تطور الأزمة بما فيها الزيادة المتسارعة والكبيرة المتوقعة لعدد السوريين اللاجئين الى الأردن وكان عدد اللاجئين السوريين وقتئذ عند الكتابة لا يتجاوز الـعشرة آلاف لاجيء وحينها توقعنا في المقال الثاني أرقام اليوم من مئات الألوف من اللاجئين السوريين في ضوء المصالح وعوامل التداخل وتعقد الإشتباكات المحلية والإقليمية والدولية.

   وقد تنبأنا بالمرحلة الثالثة التي نمر بها حالياً ونعتقد أنها الأخيرة من مراحل تطور الأزمة السورية وتفاقم أزمة اللاجئين السوريين والتي تسير حالياً نحو ذروة النهاية نتمنى أن لا تكون الأسوء في تاريخ الدولة السورية وهذه المرحلة قد بدأت للتو بزيادة مضطردة للاجئين السوريين بأرقام كبيرة جداً تصل الى ثلاثة آلاف لاجيء في المتوسط اليومي ونتوقع خلال الأسابيع القادمة نزوح جماعي بشكل أكبر مما هو عليه الوضع الحالي وذلك مع إشتداد الإقتتال الداخلي واستخدام الأسلحة بشكل عشوائي وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء الاردني النسور بإنفجار الأوضاع.

   المرحلة الثالثة قد بدأت بعدما لجأ سكان قرى وأحياء كاملة في المدن السورية الى الدول المجاورة او الى الداخل السوري وقد صرح مسؤول أممي الشهر الماضي بأن اكثر من عشر قرى كاملة في محافظة درعا تخلو من السكان تماماً وقد لجأوا الى الاردن.

   لقد بدأت المرحلة الأخيرة بعدما أخذت أطراف الدولة ومحافظاتها التي ثارت تباعاً تتخلص من قبضة النظام السوري والسلطة المركزية في دمشق وتخضع لسيطرة قوات الجيش الحر والقوى والفصائل والتنظيمات الاسلامية المقاتلة الأخرى، ففي الجنوب في محافظة درعا مثلاً يكاد الجيش الحر وأهالي المنطقة من أبناء العشائر الحورانية أن يحكموا قبضتهم على هذه المحافظة في الوقت الذي تضاءل فيه تواجد قوات النظام وسلطته على مناطق الجنوب.

   لعلنا نكتب عن هذه المرحلة وفي النفس مرارة لإعتقادنا أنها اشد المراحل والفصول وأخطرها على الدولة والشعب السوري من قتل وتشريد مع دخولنا فصل الربيع الحقيقي بإتجاه الصيف الحار وتوقعاتنا بأن يكون بين ثنايا هذه المرحلة وخلالها نهاية حكم النظام الاسدي.

   في هذه المرحلة القلوب ترتجف من سقوط سوريا في هاوية التقسيم والتقطيع الى أقاليم  جغرافية وعرقية ودينية متناحرة تابعة لتوجيهات ومصالح أطراف محلية وإقليمية ودولية جرى الحديث كثيراً عن هذا السيناريو، فهو الشرق الأوسط الجديد بعينه الذي أخذ يترسخ على أرض الواقع رويدا رويدا في المناطق العربية وضمن مخططات وأهداف إستعمارية وإسرائيلية تهدف لتقسيم سوريا الى دويلات ضعيفة متناحرة لا تهدد حدود الكيان الاسرائيلي الشمالية، وهنا لا نضع اللوم على غيرنا بما آلت إليه أوضاعنا ، بل هي العلاقة السيئة التي تحكم الحاكم بالحكوم لدى دول "الربيع العربي" والتي مهدت لمثل هذه التدخلات والتهديدات بالتقسيم والتجزئة.

   منطقياً، ما يهمنا على الصعيد الاردني بالدرجة الاولى هو إقليم حوران الواقع في الجنوب السوري؛ هذا الاقليم الذي يؤثر ويتأثر مباشرة بما يجري على الساحة الاردنية حتى أن قسم كبير من اللاجئين السوريين في الاردن هم من هذه المحافظة. يمتلك هذه الاقليم ثروات المياه والزراعة ويعتبر المخزون الإستراتيجي من المياه لسوريا والاردن والكيان الاسرائيلي بشكل جامع عبر نهر اليرموك وبحيرة طبريا ، فضلاً عن مكونه السكاني العشائري المنسجم تماما والممتد الى المكون العشائري في لواء الرمثا وحوران  الأردن في الشمال، كذلك هناك علاقات تجارية وإجتماعية وثيقة مع شمال الاردن.

   لذلك نعتقد بما لا نتمناه بانه في نهاية هذه المرحلة وبعد تكريس فكرة الأقاليم السورية المجزأة وربما الاقتتال الداخلي ، فإن سكان إقليم حوران السوري سيتوجهون في رغبتهم الى طلب المساعدة الأردنية في التنمية وإعادة الإعمار والإدارة وربما تخرج أصوات حورانية عديدة راغبة بالإنضمام الى المملكة الاردنية الهاشمية في سيناريو محتمل، ينسجم ذلك مع سيناريو آخر أخذت تتحدث عنه بعض الأوساط هنا وفي الخارج عن المملكة الأردنية المتحدة وأن هناك مخطط لأردن ذو مساحة كبيرة في شرق أوسط جديد يتم فيه توطين الفلسطينين بعد ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، كذلك أجزء من جنوب سوريا والشمال الغربي للسعودية وغرب العراق في المنطقة السنية، تحصل المملكة الاردنية المتحدة من خلال التوسعة على المياه والإمكانات والموارد الطبيعية من الأقطار المحيطة بحيث تكون المملكة قادرة على الحياة دون الإعتماد على الغير، يسبق ذلك إعفاء الأردن من كافة ديونه الداخلية والخارجية.

   في الحقيقة إن قابلية تطبيق وتنفيذ مثل هذا السيناريو في غاية الصعوبة وذلك لأنه يتطلب موافقة ورضى الشعوب التي تدير الأوضاع حالياً في المناطق العربية بشكل يفوق أي قرارات للحكام والمسؤولين في تنفيذ ما رسم خارجياً من خطط وترتيبات للمنطقة، ومن هذا المنطلق فإن سيناريو تبعية إقليم حوران الأكثر قابلية للتنفيذ خلال الفترة القادمة، على الأقل لأننا نتحدث عن واقع منسجم وتوافق شعب واقليم.

وهنا نذكّر بان الثوابت والمباديء الأردنية دولةً وشعباً الموروثة عن الثورة العربية الكبرى عام 1916 مروراً بتأسيس نواة الجامعة العربية عام 1945 وحتى اليوم ستكون أساساً لرفض أردني بالمطلق لأي فكرة أو مخطط تساهم في تقسيم سوريا حتى لو كانت هناك مصلحة إستراتيجية أردنية كبرى في تنفيذها، من حيث حل مشكلته في المياه والزراعة سيما الاكتفاء الذاتي من القمح والسياحة الخضراء وما الى ذلك، وهذه الإمكانات متوفرة في محافظة درعا ذات المساحة الكبيرة (والتي يتجاوز عدد سكانها المليون واربمعئة الف وتبعد عن مدينة الرمثا الأردنية 6 كلم تحديداً) كما ان للمحافظة موقعاً استراتيجياً شمال الكيان الاسرائيلي بحيث تستطيع محافظة درعا التحكم بجزء كبير من مياه الكيان الاسرائيلي عبر منابع ومصادر المياه في اراضي المحافظة سيما في وادي الرقاد وشلالات تل الشهاب وغيرها، كذلك الإمساك بشريط حدودي شمال الكيان الاسرائيلي مما يجعلها تمتلك ورقة استراتيجية تكتيكية أمنية على هذه الحدود، ومن هنا يجب على الأردن الإعلان رسمياً بشكل مسبق بأنه ليس مع سياسة الحاق أي جزء من سوريا الشقيقة الى أي كيان دولي وذلك حفاظاً على دولة سوريا العربية الكبرى وان تعود بقوتها للصف العربي المعتدل تحديداً، أما إذا طلب من الاردن المساعدة في التنمية والاستقرار داخل سوريا فيما بعد، فهذا هو ديدن الاردن ولن يتوانى عن ذلك.

   ثمة قضية أخرى في غاية الخطورة أخذت تبرز بوضوح في هذه المرحلة تحديداً مع تزايد أعداد اللاجئين السوريين، فمزيداً من الكلف والتداعيات التي تثقل كاهل الدولة والشعب الاردني معاً خاصةً في الشمال، ففي هذه المرحلة تحديداً أخذ يتبدل التعاطف مع اللاجيء السوري الى قلق كبير لدى المواطن الاردني بسبب تدهور أوضاعه المعيشية والأمنية والإجتماعية كافة الناتجة عن مزاحمة اللاجئين السوريين، هذا القلق سواء الرسمي او الشعبي أخذ يبرز أكثر مع تزايد أعداد السوريين في الأردن لأرقام كبيرة وصلت الى نصف مليون لاجيء سوري تقريباً بالاضافة الى مئات الالوف من السوريين المتواجدين أصلاً  قبل الأزمة، بالتالي اصبح هناك عبء على الدولة الاردنية وموازنتها بسبب كلف الايواء والغذاء والصحة والتعليم والامن وغيرها، قدّرها رئيس الوزراء النسور بنحو 480 مليون دولار وتوقع ان تتجاوز حتى نهاية العام المليار دولار، في حين ان هناك أعباء مباشرة على المواطنين الأردنيين خاصة في مناطق الشمال، هذه الاعباء تنوعت بين إرتفاع الاجور واسعار الخدمات والمواد الغذئية واستحواذ السوريين على فرص العمل وتوقف التجارة البينية بين أهالي الشمال الاردني مع الجنوب السوري، فمثلاً في مدينة الرمثا لوحدها اكثر من 5 الاف سيارة نقل ركاب وبضائع بين البلدين فيما يسمى (بحارة) هؤلاء متوقفون عن العمل حالياً، كذلك شلل عمل الاسواق التجارية في المدن الأردنية الشمالية.

   ومن هنا فإن الدعوة لصانع القرار الأردني والمسؤولين بالتنبه لحقوق الدولة الأردنية والمواطنين معاً التي تضررت كثيراً جراء أزمة اللاجئين السوريين في الأردن منذ اكثر من سنتين وضرورة مطالبة الأردن رسمياً بعد إنتهاء الحرب في سوريا المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتعويضات مالية مباشرة للدولة وتعويضات مالية أخرى للمواطنين والمجتمعات المحلية المتضررة من كلف استضافة اللاجئين السوريين، هذه المطالبة هي حق يجب أن لا تكون على إستحياء بل يجب ان تكون من خلال ملف قانوني متكامل وفق أسس ومرتكزات واضحة وجلية ولنا شواهد كثيرة على مثل هذه المطالبات للحصول على تعويضات قدمتها دول وفئات متضررة من تداعيات الحروب.

   ومن هنا فإن تصريحات رئيس الوزراء النسور الأخيرة حول توجه الحكومة الاردنية لإعلان محافظات الشمال منطقة منكوبة والتوجه الى الامم المتحدة بهذا الوضع، يجب ان يسبقه تجهيز ملف التعويضات الاردني بشقيه الحكومي والشعبي للحصول على ضمانات دولية وقانونية لمساعدات تتناسب مع تداعيات وإنعكاسات الحرب في سوريا على الاردن.

 

يوسف ابوالشيح الزعبي

yousefaboalsheeh@hotmail.comوكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك