المزيد
إنهم يحرفون الكلم عن مواضعه

التاريخ : 11-03-2013 |  الوقت : 10:28:40

كانت جماعة الإخوان المسلمين بعيدة عن الناس، تعمل فى الخفاء، ولا يجتمع أفرادها إلا مع بعضهم البعض سراً، وإن اختلطوا تدثروا برداء التقوى والصلاح، ونثروا عذب الكلام حول الهداية وحسن المعاملة ومساندة الفقراء. وعندما انتقلوا من السر إلى العلن، وتخالطوا قولاً وفعلاً، ومارسوا الإعلام والسياسة بعيداً عن المسكنة والحرمان، عندها انكشفوا.

إن ما نراه اليوم من اتفاق شعبى عربى تجاه جماعة الإخوان المسلمين نتاج طبيعى لبضعة أشهر فقط من التعامل المباشر مع هذه الجماعة، فقد أصبحت سمتها الطاغية تحريف الأقوال، وإنكار الأفعال، وتزييف الحقائق التى يشهد عليها العالم كله، والشعوب العربية مصدومة، خاصة الشعوب التى سلمت ثوراتها وطموحاتها وأحلامها إليهم، فقد كان ظن الناس حسناً، حتى الذين يختلفون معهم من النخب السياسية والفكرية اعتقدوا أن الظروف سوف تغير من طبائعهم، ولكن كما يقول المثل الشعبى «الطبع يغلب التطبع» ومن تربوا على سرية الأهداف والمقاصد، ومن آمنوا بمقولة «الغاية تبرر الوسيلة» مثل هؤلاء لا يمكن أن يتغيروا، ولهذا، ومع كل طلة للدكتور الباحث الإستراتيجيى الذى خاض انتخابات مجلس الشعب المصرى المنحل على قائمة الإخوان، أقول لكم، مع كل ظهور لذلك الدكتور وهو يتحدث بحرقة عن عدم الثقة فى الإخوان، أتذكر يوم فوزه فى الانتخابات، فقد أعلنت النتائج وهو فى الأردن، وصادف أن التقيته فور سماعه بالنبأ، وسألته بعد ان علمت بفوزه ضمن القوائم، وأنه كان على قائمة تحالف الإخوان «كيف تثقون فيمن لا عهد لهم يا دكتور؟» فرد وبحزم «إنهم فصيل مهم على الساحة السياسية، وقد تعلموا من تجاربهم، ونحن وهم كنا نعيش نفس المعاناة فى ظل النظام السابق»، ومرت الأيام فإذا بالدكتور يضرب كفاً بكف، ولا ندرى إن كان يتحسر على مآل وطنه، أم يتحسر على نفسه.
وفى الأسبوع الماضى بدأت أولى جلسات محاكمة المتهمين من أفراد التنظيم السرى الإخوانى فى الإمارات، وحدث شيء لا يمكن أن يصدقه عقل لو صدر من غير هذه الجماعة، فالجلسة كانت إجرائية، تتلى فيها التهم، ثم يطلب القاضى من كل متهم أن يرد على التهمة الموجهة إليه، وعندما جاء دور «أحمد غيث السويدى» قال إن لديه كلاماً قد يكلفه حياته، وطالب القاضى بتوفير الحماية له ولأسرته، ثم فجر المفاجأة بإعلانه نصاً «أننى اتبرأ من التنظيم وأطالب بحله»، فانظروا ماذا فعل أهل التقوى الزائفة، بعد أقل من نصف ساعة من خروج أبناء المتهمين من المحكمة، نسى أولئك آباءهم وركزوا على أحمد غيث السويدى، والمتابع لتغريداتهم المتوالية على «تويتر» يكتشف أنهم يديرون حملة منظمة بناء على تعليمات موجهة من الأعلى، كلهم كانوا يطالبون بحماية السويدى «من الاستبداد والتسلط الذى تمارسه الأجهزة الأمنية ضده»، واستحدثوا مواقع عن «أحمد غيث يستغيث» و«أحمد غيث الشجاع» وركزوا كل كلامهم على أنه طلب الحماية له ولأسرته من القاضى بعد أن بتروا ما قاله، وحرفوا المعنى، وتباكوا على كذبهم وبهتانهم.
وفى الجانب الآخر، تابعت المساجلة المباشرة على الهواء بين محمد البلتاجى والكاتب الأمريكى، وكيف أصر البلتاجى على استصناع حوار جديد يخالف الحوار الذى دار بينه وبين ذلك الكاتب الذى كان مصدوماًَ من التراجع والتحريف، وهذه واقعة جديدة فى مسلسل التراجعات عن الأقوال لكل من ينتمون لهذه الجماعة، سواء كان المتحدث منهم فى مكتب الإرشاد أو مسئولاً تنظيمياً فى فرع من فروعهم، نراهم فى اللقاءات التليفزيونية يقولون شيئا ثم يتراجعون، ولا يخجلون، هم هكذا، لديهم مناعة قوية ضد «العيب» و«الخجل»، وهذا يعيدنى إلى زمن بعيد جداً ، إلى عام 1980، عندما أردت ان أكتب لرئيس لجان الإخوان فى جامعة الإمارات شيئاً حول كذبه وتحريفه للحقيقة، وللمصادفة هذا الشخص ضمن المتهمين فى التنظيم السرى، ولم أجد يومها غير قوله تعالى فى محكم تنزيله «يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون».
واليوم نرى الأمة كلها قد استفاقت على حقيقة الإخوان، وما هزيمتهم فى الاتحادات الطلابية بالجامعات المصرية إلا مؤشر واضح على «صحوة الأمة» فهذه الأمة العظيمة لا يمكن أن تسمح لفئة تناست كل مفاهيم الاستقامة واعتمدت الكذب العلنى مبدأ رئيسياً تعتاش منه، أقول لكم، لا يمكن لهذه الأمة أن تتغاضى عن هؤلاء الذين يحرفون الكلم عن مواضعه.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك