معرض إكسبو الدولي 2020 يـتألق في «دبي - مدينـة ميناء بامتداد العالم»
![]() وكالة كل العرب الاخبارية : تضفي استضافة إمارة دبي لمعرض «إكسبو الدولي 2020» المزيد من التفرد والتميز لهذا الحدث العالمي الذي يمثل علامة فارقة في تطور مسار تقدم البشرية، فمثل هذه الاستضافة تكسب هذا المعرض العالمي أبعاداً جديدة ذات دلالة على تطور التاريخ الإنساني، فهو يعد شهادة على إحياء دور المدن العالمية في توجيه دفة الاقتصاد العالمي. وكان الملمح المميز لهذه المدن هو امتلاكها موانئ تنهض بأدوار مهمة في حركة التجارة الدولية، ونجحت دبي في هذا المجال بأن تألقت مكانتها بوصفها «مدينة ميناء على امتداد العالم»، خصوصاً في ظل بدء مرحلة جديدة من التجارة الفائقة السهولة والمستدامة المرتكزة على الموانئ، وفي هذا المجال، تؤكد دولة الإمارات على إمكانيتها في تطوير قدراتها لتبني استراتيجيات مبتكرة لعالم المستقبل من خلال امتلاكها لمجموعة متطورة من منشآت شحن البضائع وأنظمة المترو من دون سائق، واستخدامها المتزايد للتكنولوجيا الحديثة. وفيما تواصل دولة الإمارات تعزيز إمكانياتها على صعيدي التجارة والسياحة، تساعد مراكز النقل المتقدمة في الدولة على رفد هذا التوجه؛ ومن الأمثلة التي تشهد على ذلك هو مبنى «الكونكورس A»، الأول من نوعه في العالم الذي صمم خصيصاً لاستقبال طائرات «إيرباص A083» العملاقة، والذي تم افتتاحه في «مطار دبي الدولي» بداية هذا العام ليبدأ معه فصل مثير جديد في قطاع السفر الجوي بدبي. ارتبط تاريخ إمارة دبي بالملاحة والتجارة البحرية على مر القرون بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي كبوابة بحرية لعبور تجار منطقة جنوب شرق آسيا وسواحل إفريقيا الغربية. ولكن النقلة النوعية الأبرز بدأت منذ أربعة عقود مع تأسيس الاتحاد الذي شكّل نقطة تحوّل رسمت ملامح إحدى أنجح الطفرات الاقتصادية في القرن العشرين. وبدأت دبي مسيرة النهضة الشاملة استناداً إلى نموذج تنموي متكامل قائم على التناغم بين رونق الحداثة وغنى التراث، محققة بذلك نجاحاً غير مسبوق ضمن مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية وفي مقدمتها القطاع البحري. مرحلة جديدة وينبئ توجه الاهتمام العالمي إلى الممرات اللوجستية المتكاملة المرتكزة على الموانئ ببدء مرحلة جديدة من التجارة الفائقة السهولة والمستدامة. وفي هذا السياق تحدث سلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس إدارة «موانئ دبي العالمية» حول أهمية هذه المنهجيات المتطورة لتأمين الاحتياجات اللوجستية في مستقبل الاقتصادات العالمية بقوله: «يمكن القول إن الممرات اللوجستية المرتكزة على الموانئ تسهم في رفد «التواصل التجاري وصناعة المستقبل» من خلال الاعتماد على أسلوب مستدام للتجارة والأعمال والبيئة على حد سواء. ولا يعتبر هذا المصطلح حديثاً بطبيعة الحال، بل يمكن تعريف هذه الممرات بأنها تشكل مركزاً للتوزيع داخل الميناء خلافاً للمراكز الواقعة بعيداً عنها، وهي تسهم في استقطاب الشركات إلى الأسواق التي تقدم خدماتها فيها مما يقلل المسافة التي تستغرقها عملية شحن البضائع. وتعمل الشبكات اللوجستية الحديثة والمعقدة على ربط المناطق النائية دون أن يقتصر اهتمامها فقط على الموانئ البعيدة». وتابع حديثه بقوله: «ويقوم هذا النهج بشكل أساسي على مفهومي التكامل والاستدامة الضروريين من أجل الحفاظ على الطبيعة طويلة الأمد لمشاركة القطاع مع المجتمعات التي نعمل فيها». ورداً على سؤال بشأن الأهمية المتنامية لهذا النهج التشغيلي، أجاب سلطان أحمد بن سليم بقوله: «يبدو تعليل هذا النهج اليوم من الناحية الاستثمارية أقوى من أي وقت مضى من حيث إنشاء مراكز للتوزيع داخل الموانئ أو قربها بدلاً من شحن الحاويات ونقلها إلى مخازن بعيدة ومن ثم توزيعها مجدداً إلى الأسواق، وهو ما يضاعف معظم الأحيان من المسافة الفاصلة بينها ويزيد عدد العاملين الذين تتطلبهم عملية نقل البضائع. فضلاً عن زيادة المخاطر الأمنية والتكاليف. وتسهم هذه المراكز في توفير الأموال، وزيادة كفاءة عملية جرد البضائع المخزنة، وخفض التكاليف من خلال توفير الوقت المطلوب لتسويق خطوط الإنتاج الرئيسية والتقليل من وسائل النقل المطلوبة، الأمر الذي من شأنه رفع مستوى الكفاءة عبر تسريع وتيرة عملية تجهيز المنتجات. كما تساعد هذه المراكز على تقليل المسافات التي تحتاجها عملية نقل البضائع، فضلاً عن تحقيق الأهداف البيئية عبر المساهمة في التقليل من ازدحام الطرق، وخفض الانبعاثات الغازية، والحد من مستوى التلوث البيئي». خدمات لوجستية متكاملة واستعرض سلطان بن سليم أمثلة للخدمات اللوجستية المرتكزة على الموانئ بقوله «يتضمن مشروع «لندن جيتواي» الذي نقوم به تطوير ميناء جديد بمياه عميقة وطاقة استيعابية تصل إلى 35 ملايين حاوية نمطية، وذلك على الضفة الشمالية لنهر التيمز شرقي لندن؛ ومن المقرر افتتاح الميناء في الربع الأخير من عام ،2013 حيث سيقع بمحاذاة أكبر مجمع لوجستي مرتبط بشبكة سكك حديدية في أوروبا مع مساحة تصل إلى 9,25 ملايين قدم مربع ووجود 15 مليون مستهلك ضمن نطاق مسافة لا تتجاوز 80 كلم عن الميناء». واستدرك في استعراضه لأمثلة أخرى للخدمات اللوجستية المرتكزة على الموانئ بقوله: «وفي موقع آخر، من المتوقع أن يحدث مشروع توسعة قناة بنما عند انتهائه نقلة نوعية في أنماط الخدمات اللوجستية المتبعة، حيث تعمل الموانئ الإقليمية المجاورة على تطوير منشآت تخزين جديدة إدراكاً منها بأن الحالة الاستثمارية لعملية التوسعة ستجعل من نهج الخدمات اللوجستية المرتكزة على الموانئ عامل جذب للمزيد من الاستثمارات ولاسيما مع توفر المساحات المتاحة للتطوير». وبقدر ما ينطوي هذا النهج على تحديات، فإنه بالقدر ذاته يتيح الكثير من الفرص، وهو ما يأتي سلطان بن سليم على ذكره بقوله: «إن الطريقة الوحيدة لتبسيط آليات عمل سلاسل التوريد العالمية هي من خلال تعزيز كفاءة الموارد البشرية التي تعتبر واحدة من الأصول الأكثر أهمية لأي مشروع تجاري؛ إذ لا يمكن لعمليات شحن البضائع والخدمات اللوجستية أن تستمر دون التواصل والتنسيق بين فرق العمل ورؤسائها المختصين لضمان تحقيق الكفاءة العالية في مختلف عمليات سلسلة التوريد. وتشكل الممرات اللوجستية المتكاملة منصة تجمع فرق العمل من مختلف المؤسسات، وتمكنهم من تقديم الحلول ومعالجة القضايا التي تتعدى نطاق الحدود التقليدية. كما يسهم العمل الجماعي في الاستفادة من المهارات المختلفة لحل المشكلات التي لطالما وجدت المؤسسات صعوبة في حلها بشكل منفرد ». وتبرز الفائدة الرئيسية لهذا النهج في توثيق عرى التواصل والتعاون بين الأمم، ويسلط سلطان بن سليم الضوء على هذا البعد بقوله: «يسهم ازدهار التبادل التجاري بين الدول في إزالة الحواجز بين الشعوب، وتلاقي الثقافات المختلفة، وتعميق أسس التفاهم المتبادل فيما بينها، ناهيك عن أثره على الأجيال القادمة من حيث توفير فرص العمل وتأمين سبل العيش ضمن مجتمعات مشتركة تتحلى بالطموح والأمل. ويجب علينا جميعاً أن نسهم في توثيق عرى التواصل والتعاون بين الأمم لنصل في نهاية المطاف إلى ما نصبو إليه ». وبالفعل، يتوافق «ميناء جبل علي» بدبي الذي تم بناؤه - والكلام مازال له - بالكامل مع نموذج الخدمات اللوجستية المتكاملة المرتكزة على الموانئ. وستشكل «مدينة دبي اللوجستية» (DLC) حلقة الوصل بين «ميناء جبل علي» ومجمع الخدمات اللوجستية في المنطقة الحرة ومطار «دبي وورلد سنترال» الجديد. وتسهم «مدينة دبي اللوجستية»، الممتدة على مساحة 200 كلم مربع، في ربط أكثر من 6.500 شركة مع منح شركات الشحن ممراً خاصاً للتنقل بين الميناء والمطار خلال 30 دقيقة. ويصنّف ميناء جبل علي من بين أكبر 10 موانئ للحاويات على مستوى العالم، ووصل عدد الحاويات التي تمت مناولتها في الميناء عام 2011 إلى 13 مليون حاوية نمطية (قياس 20 قدماً). تلتزم موانئ دبي العالمية - الإمارات بتقديم خدمات عالمية المستوى، مع إضفاء لمسة خاصة تميزها عن غيرها وذلك بهدف تلبية توقعات العملاء بل وتخطّيها. وتتجلى حقيقة الدور القيادي العالمي الذي تنهض به إمارة دبي بوصفها «مدينة ميناء علي امتداد العالم» في قيام موانئ دبي العالمية بتشغيل أكثر من 60 محطة بحرية عبر قارات العالم الست، وتقوم بمناولة أحجام كبيرة من الحاويات تشكل حوالي 80% من عائداتها. كما تتولى الشركة حالياً تنفيذ 11 مشروعاً جديداً وتوسعات كبيرة في 10 بلدان. سلسلة التوريد وتهدف موانئ دبي العالمية إلى تعزيز فعالية سلسلة التوريد لعملائها من خلال تقديم خدمات إدارة الحاويات والبضائع السائبة وغيرها من بضائع المحطات البحرية بكفاءة وفاعلية، ولديها جهاز وظيفي ملتزم ومتمرس يضم أكثر من 30.000 موظف يخدمون عملاء في عدد من أكثر اقتصادات العالم نشاطاً وديناميكية. وتستثمر الشركة على نحو مستمر في البنية التحتية للمحطات البحرية والمرافق والموظفين، وتعمل بشكل وثيق مع العملاء وشركاء الأعمال لكي تقدم لهم خدمات نوعية في الحاضر والمستقبل، حيث وحينما يحتاجونها. وفي تبني هذه المقاربة المرتكزة على العملاء، فإن موانئ دبي العالمية تنتهج مبدأ تعزيز العلاقات الثابتة وتقديم مستوى متفوق من الخدمة، كما يتجلى في صفوة مرافقها في ميناء جبل علي في دبي، والذي اختير كـ «أفضل ميناء بحري في الشرق الأوسط» لـ 18 عاماً على التوالي. وقامت موانئ دبي العالمية في العام 2011 بمناولة ما يقارب 55 مليون حاوية نمطية (قياس 20 قدماً) من خلال محفظة أعمالها التي تمتد من الأميركتين إلى آسيا. وسجلت زيادة في مناولة الحاويات إلى 65 مليون حاوية نمطية خلال عام 2102، وذلك بفضل مجموعة من مشاريع التطوير والتوسع المؤكدة التي تملكها الشركة في أكثر الأسواق نمواً، والتي تشمل الهند، والصين، والشرق الأوسط، من المتوقع أن تنمو الطاقة الاستيعابية الإجمالية لموانئ دبي العالمية لتبلغ حوالي 103 ملايين حاوية نمطية بحلول العام 2020 تماشياً مع متطلبات السوق. وتسعى موانئ دبي العالمية - الإمارات انطلاقاً من موقعها كمشغل رائد لميناء الحاويات في المنطقة، إلى تحديث مرافقها باستمرار بهدف تقديم أفضل مستوى ممكن من الخدمات إلى مستخدمي الميناء. ولقد وفّرت أنظمة البوابات الآلية إلى جانب الابتكارات التقنية الأخرى التي نقدمها فوائد وتسهيلات كبيرة لعملائنا، ونحن ملتزمون بمواصلة تأديتنا لدور محوري في تمكين وتحقيق مشاركة أكبر للمجتمع التجاري في دبي بجميع الوسائل المتاحة. وتجدر الإشارة إلى أن «موانئ دبي العالمية»، كانت قد أعلنت في 2011 عن رؤيتها المتعلقة بميناء السفن السياحية في ميناء راشد التي تهدف إلى أن يصبح الميناء قادراً على استقبال 7 سفن عملاقة للرحلات البحرية في وقت واحد، وشهد ميناء السفن السياحية الذي تشغله «موانئ دبي العالمية»، نهضة سريعة. أبوظبي ودبي مدينتان عالميتان تألقت الإمارات في فضاء الأسواق الصاعدة ليست بوصفها نمراً اقتصادياً بازغاً فحسب، ولكن كذلك لكونها تعبر عن مولد جيل جديد من المدن العالمية التي شكلت على مدار الحقب التاريخية المختلفة مفاصل حركة التدفقات التجارية والمالية بين مختلف مناطق العالم، وتضم الإمارات مدناً عالمية وهي أبوظبي ودبي والشارقة، في حين تعد الثانية والثالثة مدناً عالمية في حد ذاتها، وسطرت المدن العالمية الثلاث في الإمارات مسيرة بزوغ الدولة كنمر اقتصادي خليجي يتقاطع في بعض ملامحه وقسماته مع النمور الاقتصادية الآسيوية الأخرى، ولكنه احتفظ بقسمات متميزة أكسبته خصوصية متفردة. وقد تألق دور المدن العالمية في دولة الإمارات، فمن جانب ركزت مدينة دبي رؤاها الاقتصادية حول دورها التقليدي كمركز للتجارة والنقل في منطقة الشرق الأوسط، وتهدف الآن إلى توسيع هذا الدور ليشمل تأدية وظائف عالية القيمة المضافة في خدمات تكنولوجيا المعلومات والشركات وأنشطة البحوث والتطوير والسياحة، وتتبع مدينة أبوظبي الاستراتيجية نفسها ولكن مع تركيز أكبر على الصناعات كثيفة رأس المال، وتمتلك الشارقة اقتصاداً أصغر، ولكن رؤيتها الاقتصادية تتمحور حول إرساء نفسها كقاعدة تصنيع إقليمية لجذب المشروعات المتوسط والصغيرة الحجم بشكل كبير. وفي الوقت نفسه، تهدف المدينة كذلك إلى توسيع صناعات النفط والغاز لديها، وتطوير صناعة السياحة الثقافية، فضلاً عن القيام بوظائف القيمة المضافة العالية لأجل الحصول على جزء من السوق لأجل وظائف مقار قيادات الشركات وخدمات الشركات ويتوازى مع ذلك، تطلعها لأن تصبح مركزاً للتعليم العالي في الإمارات والمنطقة. ومن زاوية الطموحات الإقليمية والاستثمار الدولي، تمتلك المدن الثلاث في الإمارات وضعاً مميزاً لدرجة معينة، ويتمثل في عدم قدرة المنافسين المحتملين على مجاراتها في توليفة الحوافز المقدمة من جانبها والتي تشمل إلى جانب الاستقرار السياسي والاقتصادي، وجود بنية تحتية بالغة التطور والحداثة، ومنشآت لدعم الأعمال تتميز بالجودة والحيوية. وقد نجحت المدن الثلاث في ترسيخ مكانتها كمقر إقليمي من الطراز الأول لتقديم خدمات للشركات، فضلاً عن ترسيخ مواقعها كمقاصد سياحية وتجارية، بحيث صارت مصنفة ضمن فئة الجيل الجديد من المدن العالمية. نتاج العولمة ويجسد هذا الجيل الجديد من المدن العالمية تطورات عمليات العولمة، وما رافقها من تفاعلات وانعكاسات مهمة بالنسبة لأفق نمو وتطور المدن، بيد أن مردود هذه التفاعلات لم يأخذ شكل القالب الواحد، نظراً للتباينات الموجودة فيما بينها نتيجة لاختلاف الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والتنظيمية الموروثة، وبالتالي، تميز المسار التنموي لكل حالة من الحالات بالخصوصية والتفرد، وهو ما يؤشر على طريق المدينة نحو الإقليمية والعالمية يحكمه مجموعة متنوعة من العوامل، كتلك الخاصة بالموقع الجغرافي والموارد المتاحة ومزايا الخدمات والإنتاج المحلي. ويتقاسم الجيل الجديد من المدن العالمية صفة أنها في الأصل «موانئ»، وهو ما يجعل سكانها أكثر تطلعاً إلى الخارج. وينطبق هذا الأمر على الإمارات التي ارتبطت على مدار حقب التاريخ بحركة ازدهار التجارة بين الضفة الغربية من الخليج العربي والبلدان الواقعة فيما وراء مياه الخليج المفتوحة. وهو الأمر الذي ساعد على ازدهار التجارة في هذه البقعة الجغرافية من العالم، وساهم كذلك في مزج مجتمعات هذه المنطقة بثقافة التطلع إلى ما وراء البحر، وطبعها ببصمات شكلت نسيجها الثقافي حتى الآن، وهي قبول التنوع والتعدد الثقافي والتسامح مع ثقافات الشعوب الأخرى الذي يعد أحد المكونات الرئيسية لثقافة المراكز المالية العالمية المزدهرة، وتقدم سنغافورة نموذجاً إضافياً يدلل على صحة هذا الافتراض، كما أن هونغ كونغ استفادت من موقعها القريب من الصين الشعبية الدولة الأم. ويعتبر التوجه التصديري أحد ملامح الجيل الجديد من المدن العالمية، فجميعها من دون استثناء اعتمدت على استراتيجية نمو تتجه إلى الخارج، فمن جانب، قطعت المدن العالمية الثلاث في الإمارات خطوات مهمة ومؤثرة على مسار التنمية الاقتصادية على مدى السنوات القليلة الماضية، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى قيام هذه المدن بتوفير بيئة تنظيمية كفئة وفعالة، ومن المتوقع أن تلعب الخدمات دوراً ضخماً في اقتصاد هذه المدن خلال المديين المتوسط والطويل، وذلك مع النمو السريع للقطاعات الخدمية كالنقل البحري والجوي والخدمات اللوجستية والسياحة الطبية والأدوية والعقاقير وتكنولوجيا المعلومات. وهو ما ينسجم مع رؤية كلية وشاملة تهدف إلى تحويل الإمارات إلى مركز لممارسة الأعمال على المستوى الإقليمي وحتى على المستوى الدولي، ولأجل إنجاز مثل هذه الرؤية، تلتزم الحكومة بسياسات حرية التنقل (دعه يعمل دعه يمر) وإقامة علاقات مشاركة بين القطاعين العام والخاص، كما تصدرت أجندة الحكومة على مدار العقدين الماضيين قضية التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط، وذلك من خلال التركيز على الصناعة والخدمات. ويعتبر كذلك قطاع التصنيع أكبر القطاعات الاقتصادية غير النفطية، ويضم هذا القطاع صناعات الأسمنت والسيراميك والمنسوجات والملابس والأدوية والذهب والمجوهرات، فضلاً عن القطاعات الفرعية الأخرى، وجاء نمو قطاع التصنيع نتيجة لزيادة الطلب الناتج عن الزيادة السريعة في عدد السكان، وزيادة العرض المتجه نحو التصدير، وذلك مع توسع المناطق الحرة والاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويتقاسم الجيل الجديد من المدن العالمية ملمحاً آخر، وهو اعتماد نماذج التنمية على توفير بيئة قانونية وتنظيمية مواتية للأعمال، وفي هذا السياق، تمتلك العديد من الدول في أفريقيا وأميركا اللاتينية أنظمة قانونية تنص على الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لكن هذه الدول تعاني من الإخفاق في التنافس مع نظيراتها الأقل جاذبية من الناحية القانونية. حيث تتعلق التنافسية بشكل أكبر بما هو يدور على أرض الواقع بشكل يومي أكثر مما يتعلق بتشييد وضع مثالي على الورق. ويتجلى هذا الأمر بكل تعبيراته في المدن العالمية الثلاث بدولة الإمارات، حيث قادت التطورات المتلاحقة إلى تبني سياسات وأطر تنظيمية قائمة على السوق الحرة. وإيجاد بيئة أعمال مواتية للنمو الاقتصادي، وهو الأمر الذي ساهم في جذب هذه المدن للشركات الدولية ذات السمعة والشهرة العالمية. استراتيجية بحرية تحقق التطور والنمو المستدامين تنهج إمارة دبي استراتيجية تكفل لها استمرار تألق وتطور مكانتها بوصفها «بوابة العالم البحرية» على أسس مستدامة، بعدما وصلت إلى مصاف الدول المتقدمة عالمياً في الصناعة البحرية بمختلف المجالات المتعلقة بالموانئ وتشغيل وصيانة وبناء السفن والأحواض الجافة والتمويل والتأمين وغيرها. ولعلّ الخطوة الأبرز لمواصلة تجسيد الأهداف الطموحة لـ «خطة دبي الاستراتيجية 2015» تتمثل في إطلاق «استراتيجية القطاع البحري 2011-2015» التي جاءت نتاج التعاون المثمر والبنّاء بين «سلطة مدينة دبي الملاحية»، الجهة الحكومية المسؤولة عن عمليات الإشراف وتنظيم وإدارة مختلف الجوانب المتعلقة بالقطاع البحري في دبي، و30 جهة حكومية لوضع أسس واضحة لتحسين مستوى العمليات التشغيلية والخدمات الملاحية وفق أعلى معايير الكفاءة والتميز وبالتالي ترسيخ مكانة دبي كمركز بحري عالمي من الطراز الأول. وتكمن أهمية استراتيجية القطاع البحري 2012-2017 باعتبارها الخطة الأولى المتمحورة حول تنظيم وتطوير وتعزيز القطاع البحري بإشراف فريق عمل متكامل من أبرز الخبراء والمختصين استناداً إلى أعلى معايير التعاون والتميز والإبداع في القيادة وخدمة العملاء وتطوير الثروة البشرية وحماية البيئة بهدف دعم الجهود الرامية إلى إيجاد قطاع بحري متجدد وآمن وقادر على دفع عجلة التنمية الاقتصادية ومواصلة مسيرة التميز والريادة تجسيداً للرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبما ينسجم مع أهداف «خطة دبي الاستراتيجية 2015». ركائز استراتيجية وتستند استراتيجية القطاع البحري في دبي إلى رؤية واضحة تتمثل في تعزيز ريادة دبي كمركز بحري رائد عالمياً عبر التركيز على تنظيم وتطوير وتعزيز كل مكونات التجمع البحري في الإمارة لإيجاد بيئة متكاملة من شأنها تعزيز مساهمة القطاع البحري في دعم الاقتصاد المحلي. ولتحقيق هذه الغاية، ارتكزت الاستراتيجية البحرية إلى 3 ركائز رئيسية تتمثل في: تنظيم القطاع البحري، وتطويره وتعزيزه. 1 -تنظيم القطاع ينطوي تنظيم القطاع البحري على تطوير وإصدار اللوائح التنظيمية والتشريعات البحرية القادرة على مواكبة المتغيرات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي وتحديث البنى التحتية البحرية والارتقاء بمستوى الكوادر البشرية القادرة على المنافسة عالمياً فضلاً عن تقديم خدمات متكاملة في مجال التأمين والتمويل والتوريد والغطاء القانوني والوساطة والتشغيل والصيانة والعمالة وفق أعلى معايير الجودة العالمية لتلبية احتياجات وتطلعات قاعدة العملاء. ويتمحور تطوير القطاع البحري حول إيجاد بيئة بحرية متكاملة وآمنة ومتشعبة قادرة على توفير منتج بحري ذكي ومستدام وعلى مستوى عالٍ من التنافسية والقدرة على الاستجابة بسرعة وفعالية لمتغيرات السوق وتحقيق رضا العملاء، وبالتالي المساهمة في استقطاب وتشجيع المستثمرين الإقليميين والدوليين على الاستفادة من الفرص البحرية الواعدة المتاحة في إمارة دبي. 2 - تعزيز القطاع يبدأ تعزيز القطاع البحري بتطبيق معايير الاستدامة التي تعتبر ركيزة أساسية لإيجاد بيئة بحرية آمنة في دبي. ولتحقيق الاستدامة، تستند استراتيجية القطاع البحري 2011-2015 إلى تطبيق أفضل الممارسات البحرية الحديثة المتوافقة مع المعايير البحرية العالمية وأعلى مستويات السلامة البحرية. 3 - ثمرة التعاون البنّاء تتمتع استراتيجية القطاع البحري في دبي بأهمية خاصة باعتبارها مبادرة مشتركة بين فريق عمل متكامل من أبرز الخبراء والمختصين من 30 هيئة حكومية في الإمارة بإشراف «سلطة مدينة دبي الملاحية»، وتوجيهات ودعم الأمانة العامة للمجلس التنفيذي في إمارة دبي. الإمارات نمر اقتصادي خليجي صار ينطبق على الإمارات وصف «نمر اقتصادي» الذي التصق دائماً بالدول الآسيوية الواقعة على المحيط الباسيفيكي، وربما يتقاطع نموذج الإمارات في التنمية في بعض قسماته مع دول النمور الآسيوية، وربما يمتلك ملامحه المتفردة والمتميزة، وهو ما يجعل وصف «نمر اقتصادي خليجي» التوصيف الأكثر ملاءمة للتعبير عن أوجه تميز وتفرد النموذج الإماراتي. داعب حلم الانضمام إلى «نادي النمور الآسيوية» مخيلة الكثير من الدول في داخل المنطقة وخارجها، وصارت أساليبها ونماذجها في التنمية موضع إعجاب وتقدير على الصعيدين المحلي والإقليمي. ولكن ظل إنجاز هذا النموذج على أرض الواقع مستعصياً على دول المنطقة من مشرقها إلى مغربها، وذلك على الرغم من أن الجميع على معرفة يقينية بعناصر الاستراتيجية أو «الوصفة» - إذا جاز التعبير - التي تكفل تحقيق هذا النموذج. بيد أن الإمارات هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي نجحت في الربط بين التخطيط والتطبيق، بحيث صارت الخطط والرؤى الاقتصادية ليست مجرد تصورات مثالية عن المستقبل بل واقعاً محفوراً على الأرض، وهو ما جعلها تكتسب شهرة في مختلف الأوساط. الثقة بالمستقبل يبعث نجاح النموذج الاقتصادي الإماراتي على التفاؤل بالآفاق المستقبلية للمنطقة العربية، حيث إنه برهن على أن النجاح أمر غير مستعص بالنسبة للمنطقة العربية، وأن الشفرة الجينية لهذه المنطقة ليست ضد التقدم، بل قادرة على تسجيل قصص نجاح أسوة بالشعوب الأخرى في العالم المتقدم. وبالتالي، فإن النموذج الإماراتي يقدم دليلاً حياً على أنه بمقدور المنطقة أن تثب وثبات النمور في تحقيق تطلعاتها وأهدافها، بحيث يصبح نجاح الإمارات في الحصول على لقب «نمر اقتصادي خليجي» مجرد بداية وليس نهاية مطاف. وينصرف اصطلاح «النمور الاقتصادية الآسيوية» في أدبيات التنمية الاقتصادية الدولية إلى مجموعه دول جنوب شرق آسيا التي حققت نمواً اقتصادياً بمعدلات سريعة ومرتفعة مثيرة وملفتة للأنظار بما يشبه قفزات النمور في سرعتها لتمتد قوتها لسنوات عديدة قبل أن تصل إلى مرحله الشيخوخة. فمن المعروف أن النمور تسير بخطوات وثابة إلى الإمام. كما إنها تسير مرفوعة الرأس، شامخة في تطلعاتها إلى المستقبل. ويضفي هذا الحال عليها نوعاً من التفاؤل في حياتها. وهذا هو سر التسمية.
«دبي كانت محطة على الطرق التجارية بين الشرق والغرب لكنها الآن محطة نهائية تبدأ منها الطرق المؤدية إلى الجهات الأربع، دول العالم الأوسط تحتاج إلى عاصمة اقتصادية، ولا نعتقد فقط أننا نستطيع القيام بهذا الدور لأننا نمتلك البنية الأساسية ذات المستوى العالمي، بل لأننا نؤدي قسماً مهماً منه الآن، وسنواصل تطويره في المستقبل إلى أن تتحول دبي إلى عاصمة اقتصادية للمنطقة». من أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لقد نجحنا في دبي، وتمكنا من بناء بيئة أعمال صديقة تلبي للمستثمر تطلعاته، سواء من تسهيلات متميزة، مثل الإعفاء الكامل من ضرائب الدخل والشركات، أو عبر توفير بنية تكنولوجية ذات درجات كفاءة عالية، أو تجهيزات عقارية، أو خدمات حرفية ومهنية، أو مرافق خدمية تلبي احتياجاته هو وأفراد أسرته جميعاً". ![]() ![]() تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|