هاتفني وزير الداخلية، الدكتور عوض خليفات، بصدد مقالي ” تسونامي التجنيس والتوطين”، وعلى الإثر، التقينا في مكتبه. وكان، كعادته، لطيفا وكريما. وأوضح لي، في حديث صريح جدا، جوانب مهمة للغاية من الملف موضع النقاش، لكن ما استطيع نشره من هذا الحديث، هو توضيحه الآتي، يقول الوزير:
أولا، لم يصدر، منذ توليت حقيبة الداخلية في الحكومة الحالية، أي قرار بمنح أو سحب الرقم الوطني، في إطار تعليمات فك الارتباط مع الضفة الغربية. وهي تعليمات سيادية نافذة. وإذا حدث أن أحدا استعاد رقمه الوطني خلال هذه الفترة، فسيكون من بين الأشخاص المشمولين بقرار سابق لحكومة الدكتور فايز الطراونة، وتأخرت إجراءات معاملاتهم أو تأخروا هم في إنجازها،
ثانيا، لم تعد إعادة الأرقام الوطنية للمتظلمين من صلاحيات وزارة الداخلية أصلا، بل من صلاحيات مجلس الوزراء الذي يتخذ قراراته بهذا الشأن بناء على توصية لجنة وزارية، وذلك وفقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في عهد حكومة الدكتور معروف البخيت الثانية،
ثالثا، لم أقم، شخصيا، بأي مشاورات سياسية من أي نوع مع النواب أو ممثلي الكتل النيابية، لا بصدد ترشيحي لرئاسة الوزراء ولا بأي صدد آخر،
رابعا، راجعني نواب توسطوا بشأن إعادة أرقام وطنية، فأحلت الطلبات المعنية إلى اللجنة، أسوة بما نفعله مع أي متظلّم؛ فوساطة النائب ـ أو سواه ـ لا تعلو، عندنا، على حق أي انسان في التظلّم، والنظر في التظلمات لا يخضع للوساطة، بل للأسس والمعايير الموحدة بالنسبة للجميع، ولقرار اللجنة المعنية وأخيرا لقرار مجلس الوزراء،
انتهى توضيح الوزير. وبقي أن أوضّح ، من جهتي، أنني لم أتقصّده شخصيا، فأنا أقف خارج دهاليز السياسة اليومية ولعبتها، لكنني أقف بالمرصاد، كما كنت دائما، لكل مساس بالأمن الوطني للدولة الأردنية، أيا كان مصدر هذا المساس، وبغض النظر عن الأسماء والمواقع.
وأنا لم أشكّك، مطلقا، في وطنية الدكتور خليفات وإخلاصه، وإنما تساءلت عن صحة أخبار مقلقة حول عمليات تجنيس، والأهمّ حول مشاورات سياسية تتضمن موضوع التجنيس. وبنفيها الصريح المعلَن، أكون حصلت على مرادي.
بقي أن يتمثّل كل من رئيس الوزراء، الدكتور عبدالله النسور، ورئيس مجلس النواب، المهندس سعد هايل السرور، بالدكتور خليفات؛ فيدفع الأول عن نفسه، علنا، شبهة التفاوض مع إحدى الكتل النيابية حول التجنيس مقابل الرئاسة، ويدفع الثاني عن المجلس السابع عشر شبهة الميول التوطينية من خلال إصدار بيان عن البرلمان يؤكد التزامه بتعليمات فك الارتباط ورفضه للطروحات التي تمس الأمن الوطني الأردني، من مثل مساعي تجنيس أزواج وأبناء المواطنات الأردنيات، والذين تبين أن عددهم يتجاوز ال 700 ألف وليس 500 ألف كما كنّا نعتقد.
نكرر، في النهاية، أن هناك حلا قانونيا ينهي، كليا، مشكلة الأرقام الوطنية، سحبا ومنحا، هو المتمثل في تضمين تعليمات فك الارتباط في قانون الجنسية، بحيث يصبح الملف كله في عهدة القضاء، لا في عهدة الإدارة والسياسة.