أن تقف بجانب الأردن وتسانده في إستقبال آلاف اللاجئين من إخوتنا السوريين في محنتهم وتسهيل استضافتهم على أرض عربية طالما كانت مثالاُ لنصرة الأشقاء وداعماً للسلم العالمي من خلال الرسالة الإنسانية التي اختارتها نهجاً ورؤية ودستوراً..وليس بغريب على بلد الهاشميين هذا الوقوف بكل شهامة وإباء وتقديم الدعم القريب لإخوانهم السوريين اللاجئين واستضافتهم بكل ترحاب وود ورحمة، فالتاريخ الطويل المشرف للأردن الارض والشعب والقيادة عناصر وحلقات متصلة بعضها ببعض عنوانها وطن الشجاعة والصمود والرسالة.. انه وقوف الواجب من هذا البلد الكريم الذي تميّز ودافع عن الحق العربي وما زال يحمل مشعل حضارة امتدت من آلاف السنين لأمم العالم.
نحن في الامارات نسجل عالياً ونقدر هذا الدور المتميز الذي يحمل رايته الأردن الشامخ.. بل نقف معه في نفس الخندق.. نشد على يده.. نسانده ونؤيده بما نستطيع ونخفف عليه هذا الجهد الكبير الذي يحمله دون مِنةً ودون شكوى ودون تقصير.. فقدر الاردن العزيز ان يكون الحاضن الحنون للاشقاء وقت الصعاب وما أثقلها لولا همة الوطن وهمة رجاله ونشمياته والاصرار الدائم على تحمل المسؤوليات الجسام.
المخيم الإماراتي الاردني الجديد وقبله المستشفى الميداني الإماراتي الذي يستضيف يومياً أكثر من 700 مراجع ومريض وكذلك مراكز الاستقبال المتعددة على الحدود بأطقم إسعافات ومواصلات نقل وآلاف الطرود الغذائية والصحية تبرهن على صدق توجهنا الانساني بوضع أيادينا بأيادي الأردنيين الخيّرة والكريمة نساهم معهم في بحر مساهمات الأردن الإنسانية الكبيرة، وهذا واجب الإمارات الأول ونحن ماضون على تعزيزه.
ونحن إذ نسجل للأردن تقديرنا وإعتزازنا بما يقوم به تجاه الأشقاء رغم تزايد اعداد اللاجئين بشكل كبير، فإننا ندعو الجميع الوقوف مع الأردن ليتمكن من أداء رسالته ومهامه الإنسانية على أكمل وجه، فالأردن المملكة والشعب يتحمل الكثير من الاثقال والاعباء والجهد الذي لا يمكن عده ووصفه والذي يشكل عبئاً اقتصادياً ومعيشياً كبيراً وضغطاً هائلاً على موارد الدولة المحدودة.
لقد أنيط للقوات المسلحة الأردنية الباسلة التعامل على تأمين سلامة إخوتنا اللاجئين السوريين على طول حدود تبلغ حوالي 378 كلم، وبكل طاقات قوات حرس الحدود وبدفع قوات إضافية معززة، وقد كان لي شرف أن أرى التعامل الراقي والمسؤول والرعاية التي يحظى بها الضيوف اللاجئون بالإنسانية والرحمة والعطف و منهم ذوو الاحتياجات الخاصة والمرضى وكبار السن والاطفال والجرحى والمصابون.. ولا يسع أي شاهد على هذه الأحداث والوقائع إلا أن يقف إجلالاً وإحتراماً لهؤلاء الضباط والجنود البواسل، الذين يصلون الليل بالنهار رغم الظروف المناخية السيئة والتي عانوها منذ بداية الشتاء وبرودته وثلوجه وأوحاله... ومن يتعرف على هؤلاء الرجال الذين عاهدوا الله على حماية الوطن وإسعاف المحتاج وتطبيب الجريح وغوث اللاجئ للوطن كالعميد الركن حسين الزيود (أبو راشد) القائد الميداني الشهم وأخوانه الضباط من أمثال العميد غالب الحمايدة (أبو أنس) والعميد حسن الهياجنة والعميد محمد الحباشنة والعميد حسين العضايلة والعقيد الطبيب سالم الزواهرة ومجموعته الطبية المسعفة والمقدم نواف الطهراوي والرائد عادل الكساسبة والملازم ابوحمّاد وغيرهم كثر من ضباط وجنود الواجب المقدس في خندق الولاء للوطن والفداء دون تمييز يقودهم رجل من رجالات الوطن المخلصين بقيادة إنسانية رحيمة الفريق أول الركن مشعل محمد الزبن رئيس هيئة الاركان المشتركة ورجاله الأكفاء من أمثال اللواء عوني العدوان والعميد مرشد المساعيد وغيرهم كثر تساندهم كواكب أردنية من قيادات في الأمن العام كالفريق أول الركن حسين هزاع المجالي مدير الأمن العام واللواء محمد الزواهرة والعميد الدكتور وضّاح الحمود والعقيد غازي طلال جمعة وغيرهم من فرسان الامن العام ومن الجانب الآخر يقود مدير عام قوات الدرك الفريق الركن توفيق حامد الطوالبة رجالات الدرك النشامى الساهرين على حماية الوطن وأمن المواطنين الذين لا يغمض لهم جفن .. القائمة طويلة من الضباط والجنود وددت لو عددتهم واحداً واحداً ولكن العذر فالابطال من العيون الساهرة كثر في هذا الوطن العزيز.
هذه هي الأردن برجالها وناسها، تتوجها قيادة ملكية فذة وغيوره لا تدخر وسعاً في توفير كل ما من شأنه النهوض بهذا الجيش وتطويره وتحديثه، فجلالة سيدي الملك عبدالله الثاني- حفظه الله ، وقد سعى منذ آلت إليه الراية الهاشمية المظفرة إعداد هذا الجيش إعدادا شاملا ليستوعب كل ما هو جديد ومتطور يعتمد على العلم والتكنولوجيا الحديثة كي يساير بذلك احدث الجيوش في العالم وكي تكون القوات المسلحة الأردنية غاية في الاحتراف والتميز ولم ينسى جلالته البعد الانساني لهذا الجيش في حفظ السلام حول العالم ومشاركاته الانسانية في أكثر بقاع الارض خطورة وسخونة، ولا شك بأن التخطيط السليم والبنّاء والتوجيهات السديدة المستمرة للقيادة الاردنية الحكيمة كان لها الدور الرئيسي للمكانة المتميزة والسمعة العطرة التي تتبؤها القوات المسلحة الاردنية في العالم، ساعد على هذا النجاح والتميز رواداً من القادة العسكريين الأردنيين الذين تعاقبوا على مفاصل التاريخ العسكري الاردني وإداراته العديدة وهم يسطرون نجاحاً تلو النجاح، فكانت حقاً أمانة ومسؤولية كبيرة حملوها بكل كفاءة واقتدار وإخلاص.
إنه الدستور الذي وضعه الراحل الكبير الملك حسين بن طلال طيب الله ثراه عندما خاطب الجيش الأردني، قائلاً:" أيها الأخوة، جيش رسالة وجيش قضية، رسالة تجديد نهضة الأمة العربية وحماية هذه النهضة، وتدعيم الحق العربي، ومساندة الأمة العربية في كل بقاعها، والحفاظ على أخلاق الإسلام الذي جعل من العروبة قاعدة لحضارة حية خلاقة عظيمة، تقوم على الخلق والإيمان قبل القوة المادية والثروة والغنى".
سيبقى- بإذن الله، الجيش العربي الاردني الباسل أداة لحماية الوطن الذي يفتح ذراعه للسلام والاستقرار والملاذ الآمن للمستجير .. حمى الله الأردن وأدام عليه نعمة الأمن والأمان والازدهار.
سعادة الدكتور عبدالله ناصر سلطان العامري
سفير دولة الامارات العربية المتحدة في الاردن
سفير غير مقيم في دولة فلسطين