صحيح انه لا يوجد جهاز حكومي ناجح في أي دولة من الدول المعاصرة إلا ويمتلك من البيروقراطية ما يؤهله من مراكمة العمل والانجاز، لكن ذلك لا يتحقق إلا إذا كانت هذه البيروقراطية شابة ومرنة، ولديها القدرة على إصلاح نفسها بنفسها، سريعا وبذكاء، ومن دون الكثير من الأوراق، بل ومن دون كثير من المتاعب.
نظرياً البيروقراطية هي إحدى أدوات نجاح الدول المتينة، لكن ماذا عنا وقد تحولت بيننا أو حوّلها بعضنا إلى سلاح لتدمير الإنتاجية والاستثمار، وقنابل موجّهة عن قرب للفتك بكل خطوات الدولة للنهوض، حتى تحول كثير من جهازنا الإداري إلى مانع متين للتطور، وجدار معيق لنهضة الدولة واقتصادها.
فهل الحل في القضاء على البيروقراطية أم تحويلها إلى جهاز إداري ناجح، عبر تصفير أدواتها المعيقة؟
أنا هنا أتحدث عن تصفير البيروقراطية الحكومية. في الحقيقة هذا شعار سبق وأطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
في دولة الامارات العربية المتحدة نجح الأشقاء في إلغاء ألفي إجراء حكومي خلال عام، وعمدوا إلى تخفيض نسبة الخدمات الحكومية إلى نسبة 50% وأعادوا هندسة مئات الخدمات الحكومية، ثم أنهم وضعوا حوافز لفرق العمل التي تنجح في تقليل الاجراءات، كما أعلنوا عن مكافآت تحفيزية تصل لمليون درهم إماراتي (200 الف دينار) للموظف أو لفريق العمل الذي يتفوق في تقليل وشطب الاجراءات غير الضرورية. أما الهدف - وكما قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نفسه - هو تسهيل حياة الناس وخدمتهم.
أليس هذا ما أعلنه صراحة جلالة الملك عندما أطلق مسارات الإصلاح بشقيها السياسي والاقتصادي وان هاذين المسارين لا يكتملان دون إدارة عامة كفؤة، توفر أفضل الخدمات للمواطنين وتعتمد التكنولوجيا الحديثة وسيلة لتسريع الإنجاز ورفع مستوى الإنتاجية.
نحن لا نريد أن نخترع العجلة من جديد، بل نريد حلولا.. فمن هو المسؤول عن عجزنا عن الوصول إلى حلول سريعة لمعالجة البيروقراطية المعيقة؟ الجواب الحكومات هي المسؤولة عن ايجاد الحلول خصوصا ان كثير من الإجراءات تكون من ضمن الأنظمة والتعليمات التي تصدرها الوزارة نفسها ومسؤول عنها الوزير بالدرجة الأولى.
نحن اليوم بأمس الحاجة لتقليل بل تصفير البيروقراطية التي اصبحت هي المنفر الاول للاستثمار وذلك من خلال مراجعة سير العمل في الدوائر الحكومية المختلفة، ومن خلال ايضاً مراجعة الأنظمة والقوانين، والاهم معالجة التداخلات بين الوزارت التي تجعل المستثمر يطوف ايام وأسابيع من اجل إتمام معاملة!
الغدوكالة كل العرب الاخبارية