الاحتفالات السنوية بيوم الاتحاد دائما مبهرة، والتقنيات وأدوات الإنتاج من الأفضل عالمياً، وحلم كل شركة عالمية متخصصة في هذا المجال هو المشاركة في إنتاج احتفالات الدولة بيوم الاتحاد.
ربما إحدى الرسائل هي إلقاء الضوء على من شارك في سنوات التأسيس ليدرك الشباب دور الأجيال التي سبقته والتي وضعت ركائز الإنجاز الذي يرونه اليوم أمامهم.
من خلال الشرح وتفصيل البدايات والإمكانيات البسيطة المتاحة آنذاك سنساعد الشباب على تخيل وإدراك كيف كافح أجدادهم من أجل لقمة العيش. كان صراعاً من أجل البقاء. إضافة إلى ذلك فإن سرد قصص الإماراتيين في تلك المراحل قد يجعل الشباب أكثر حرصاً على ما هو بين أيديهم.
أحد أبناء جيل التأسيس، وهو سبعيني إماراتي له قصة جديرة بأن تروى. التقيته أول مرة في مدينة العين قبل عدة أسابيع في أحد المجالس، يبدو في السبعينات من العمر، كان جالساً عندما سلمت عليه. جلست بجنبه، وعرّف بنفسه: "محمد المعمري"، ثم أكمل "عميد ركن متقاعد".
بعد الانتهاء من ديباجة السلام الإماراتية المعروفة، سألته عن سنوات عمله في القوات المسلحة، فرد قائلاً بصوت واثق: "عملت في سلاح المدفعية وكنت مديراً للتدريب العسكري".
يتوقف فجأة عن الحديث، وينظر إليّ بتواضع الكبار ويدنو مني ليقول هامساً: "أنا يا ولدي من حمل علم الدولة في طابور العرض العسكري في الذكرى الأولى ليوم الاتحاد".
في طريق عودتي مساء من دار الزين إلى أبوظبي، ظللت أفكر في رمزية أن ترفع علم الدولة في الذكرى الأولى في 2-12-1972، خصّ الله المعمري ـ أطال الله عمره ـ بشرف كبير، فمن هو هذا الرجل؟
هو العميد ركن متقاعد محمد شمل المعمري من مواليد 1947، التحق بالعسكرية في سنة 1969، وعندما رفع علم الإمارات كان برتبة ملازم ثاني وعمره 25 سنة.
المعمري درس اللغة الإنجليزية في بريطانيا وأنهى دورات عسكرية عليا كدورة القيادة والأركان ودورة قائد كتائب مدفعية وأخرى للمظليين وغيرها الكثير.
في المرة الثانية، التقيت المعمري في احتفال القوات البرية باليوبيل الذهبي لتأسيس مدرسة المشاة، هذه المرة رأيته جالساً على كرسيه المتحرك بين أقرانه ورفقاء دربه العسكر، وأتذكر كيف كان قادة وكبار ضباط القوات المسلحة بالأخص المتقاعدين المخضرمين يسلمون عليه بكل ود وتقدير. لمسة الوفاء في أبهى حللها.
وشهد الحفل سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي، وسمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، وأحد خريجي الدورة هو شقيقهم الأصغر الشيخ زايد بن محمد بن زايد ال نهيان.
صورة أحفاد الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه في مدينة زايد العسكرية في مناسبة كهذه، هي رسالة تقول: "على العهد باقون".