مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024، يشهد تدفق أموال المانحين الجمهوريين تغييرات لافتة في الأسابيع القليلة الماضية، حيث يلعب المال دوراً كبيراً في الانتخابات، فكلما أنفق المرشح ملايين الدولارات على حملته، باتت فرصته أكبر.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أنفق حاكم فلوريدا رون ديسانتيس ومؤيدوه أكثر من المرشح الأوفر حظاً الرئيس السابق دونالد ترامب، والرئيس الحالي جو بايدن وغيرهم من المرشحين، مما أدى إلى تأجيج معركة إعلانية سياسية تكلفت بالفعل 250 مليون دولار.
ويحتل حاكم فلوريدا المرتبة الأعلى في الإنفاق مقارنةً بزملائه الجمهوريين ترامب وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هايلي، بالإضافة إلى خصمهم الديمقراطي المحتمل جو بايدن.
وبغض النظر عن المناظرات المحتدمة بين المرشّحين الجمهوريين في السباق إلى البيت الأبيض، يحتفظ ترامب بتفوق هائل في استطلاعات الرأي الكبرى، متفوقاُ على أقرب منافسيه بنحو 50 نقطة، وفقاُ لاستطلاعات التي جمعها موقع "FiveThirtyEight.com".
وبحسب الصحيفة، تركز الإنفاق على الإعلانات بشكل وثيق في ولايتي أيوا ونيوهامبشاير، الولايتين اللتين تصوتان مبكراً في سباق الترشيح الجمهوري – في 15 و23 يناير (كانون الأول) على التوالي، واللتين اعتادتا على تغطية الإعلانات السياسية.
وأوضحت الصحيفة، أنه تم إنفاق 34% من إجمالي أموال الإعلانات في ولاية أيوا و19% في نيو هامبشاير، وتمثل هذه الولايات مجتمعة ما يزيد قليلاً عن 1% من سكان الولايات المتحدة.
ولكن المرشحين الجمهوريين الرئيسيين اختاروا أهدافاً مختلفة قليلاً، حيث أنفق ديسانتيس بشكل أكبر في ولاية أيوا، في حين تفضل هيلي ولاية نيو هامبشاير مقارنة بالمجموعة، ويأمل المرشحون أن يحققوا أداءً جيداً في هذه الولايات لتحقيق الزخم في السباقات التي تراقب المرشح الذي سوف يحصل على عدد أكبر من مجموع الأصوات الانتخابية على مستوى كل ولاية، ليصبح مرشحاً رسمياً خلال مؤتمر الحزب الجمهوري في يوليو (تموز).
وبعد اختيار مرشحي الحزبين وبدء الحملة الانتخابية، فإنه من المتوقع أن تنتقل المعركة الإعلانية إلى الولايات الحاسمة، بما في ذلك أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا وبنسلفانيا وويسكونسن.
وبشكل عام، أدى الإنفاق المؤيد للجمهوريين إلى تضاؤل الإنفاق المؤيد للديمقراطيين، حيث يخوض الجمهوريون منافسة كبرى شرسة، بينما يبدو الديمقراطيون متأكدين عملياً من ترشح بايدن.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن استطلاعات الرأي بشكل فردي، يتبع الطبقة العليا من الجمهوريين، حاكم ولاية داكوتا الشمالية، دوج بورجوم، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، مصيفةً أن السيناتور الجمهوري تيم سكوت والفرق الداعمة له أنفقوا مئات الآلاف على الإعلانات، وتصدر في مرحلة ما قائمة المرشحين، لكن سكوت انسحب من السباق في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد فشله في إعطاء دفع لحملته الانتخابية لينال ترشيح الجمهوريين.
وقالت الصحيفة إن الحملات الإعلانية تعكس الرسائل التي يلقيها المرشحون في خطاباتهم المثيرة للاهتمام، مضيفةً أن حملة ديسانتيس كانت الأكثر بثًا، حيث انتقد حاكم فلوريدا سياسات الرئيس الديمقراطي الحالي على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، مع تسليط الضوء على خططه الخاصة باللجوء إلى الجيش لشن ضربات ضد عصابات المخدرات في المكسيك، والتي تشكل تهديداً متزايداً، وتثير المخاوف على جانبي الحدود.
وفي هذه الأثناء، تركز حملة نيكي هايلي على ملف السياسة الخارجية، الذي تعتبره ميزتها التنافسية، حيث كانت تعمل كسفيرة لدى الأمم المتحدة في عهد ترامب.
وفي حين، انتقدت إعلانات هايلي المنتشرة الأخرى، أعمار العديد من القادة السياسيين الأمريكيين مثل الرئيس الحالي بايدن البالغ من العمر 81 عاماً ، مؤكدةً على خبرتها في السياسة الخارجية داخل إدارة ترامب، تتهم إعلانات حملة ترامب الأكثر بثاً، ديسانتيس بـ "الانحياز إلى الليبراليين" والمخاطرة بمواقف محافظة بشأن عضوية المحكمة العليا، وقوانين الأسلحة والعفو، فيما أكدت إعلانات أخرى للمشاهدين أن ترامب "سيبقينا آمنين"، مع الإشارة بشكل خاص إلى تنظيم داعش الإرهابي وإيران وأفغانستان، وانتقدت السياسة المالية لديسانتيس.
وبالرغم من هيمنة ترامب على استطلاعات الرأي، كان حضوره نادراً في الحملة الانتخابية. ونظراً لأنه لم يحضر المناظرات، فقد عقد عدداً أقل بكثير من التجمعات الانتخابية المميزة له مقارنة بمنافسيه.
وقالت الصحيفة، أن "العبارة الأكثر انتشاراً في جميع إعلانات الحملات الترويجية هي "أمريكا""، مضيفةً أن "هذا الخريف شهد إنفاقاً مكثفاً على البث الإعلاني، لكن هذا الإنفاق تراجع بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة، ولكن يمكن لسكان أيوا ونيو هامبشاير أن يطمئنوا إلى أنه سيكون هناك الكثير من الإعلانات السياسية على أجهزة التلفزيون الخاصة بهم مع اقتراب أيام الانتخابات".
وأشارت الصحيفة في ختام تقريرها، إلى أنه بعد الولايتين الأمريكيتين أيوا ونيو هامبشاير، هناك منافسات جمهورية كبرى في الولايات الأمريكية بما في ذلك نيفادا وكارولينا الجنوبية في فبراير (شباط) ، وعشرات أخرى في مارس (آذار)، بما في ذلك المقرر عقدها في ما يسمى بالثلاثاء الكبير، يوم 5 مارس (آذار) المقبل