تتصدر قضايا الخلافات الزوجية المرافقة لمتابعة الرجل رياضته المفضلة، كلما حل موسم رياضي جديد، إذ ترى المرأة أن هذه الطقوس ليست مهمة بالنسبة للرجل، والزوج يعتبرها قسطاً من الراحة في قضاء أوقاته المخصصة للترفيه والتسلية.
يجيب الخمسيني علي واصفاً شعور زوجته أثناء مشاهدته للمباريات قائلاً: "الآن بعد كل سنين العشرة، باتت زوجتي تشجع الفرق التي أشجعها".
ويكمل "لم يدر بيني وزوجتي خلاف ذات يوم على مشاهدتي للرياضة أو تشجيعي لنادٍ معين، بالرغم من قضائي فترات مطوّلة وراء شاشة التلفاز أهتف لأنديتي المفضلة".
وفي حديثه المملوء بروح الشباب لـ 24، يلفت علي إلى احترام زوجته للوقت الذي يشاهد فيه الرياضة، معلقاً "يعلو صوتي أثناء تشجيعي، وأحياناً لا أتقبل الحديث مع من حولي انسجاماً مع تفاصيل المباراة، إلا أن زوجتي تحترم متابعتي لرياضتي المفضلة، باعتبارها جزءاً من مشاهدتي لما أحب".
الأب قدوة أطفاله
"تتلمذ أبنائي على حضور المباريات معي، حتى باتت جزءاً من الطقوس العائلية التي يألفونها برفقتي ووالدتهم"، يشير علي إلى أهمية تقبل زوجته لحضور المباريات، معتبراً أنه السبب في تنشئة أطفال متقبلين ومقتدين بوالدهم الذي يتابع المباريات عن كثب.
من جانبها، ترى شيماء (26 عاماً) أن كثيراً من خلافاتها وزوجها، حدثت بسبب متابعته لشتى أنواع الرياضات، وتقول: "المتابعة تحفزه ليبدي ردود أفعال غريبة وغير سليمة برأيي كما الصراخ".
وتضيف "في كأس العالم، شكلت ظاهرة تشجيعه لمنتخباته المفضلة"، وبحسب شيماء تداخل التعصب للمنتخب الذي يشجعه والذي برأيها "أيضاً كان محل خلاف بينهما".
"لم نصل إلى حل، بشأن خلافاتنا التي تتكرر مشاهدها في أغلب المباريات" تتحدث شيماء لـ 24 عن خلافاتهما الناشئة بسبب متابعة زوجها لكرة القدم.
تداخل الأطراف على مناطق الراحة
خبيرة العلاقات الأسرية غادة مجركش، تؤكد أن كثيراً من المشاكل الزوجية تنشأ بسبب عدم إدراك الزوجين للحياة التشاركية والخصوصية، معتبرة "أنه حتى في الزواج علينا عدم مناقشة الأمور الخاصة لأحد الأطراف على أنها أمور مشتركة".
وتضيف "مثلاً قد تكون المباراة أو القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى، هي الوقت الذي يجد فيه الرجل راحته، بالتالي شعور المرأة بحرية التعدي على هذه المساحة يعتبر اقتحاماً للخصوصية".
المشاكل الزوجية التي تتولد بسبب متابعة مباراة أو لعدم تأدية الزوج أحد الواجبات البسيطة ليست السبب الرئيسي للخلافات الزوجية، إذ تعتبر مجركش أن "هذه الكواليس تنبئ بعدم التفاهم بين الأطراف والتقصير في جوانب عديدة تتجلى في مشاهدة الرجل للمباراة".
تقول مجركش لـ 24: "علينا قبل نشوء الخلاف، أن نسأل أنفسنا هل نحن على وفاق كأزواج؟، هل زوجي مقصر في واجباته الزوجية والأبوية؟".
إذ تعتبر "أن الخلافات التي تنبع من حضور مباراة أو غيره، هي مشاكل موجودة احتاجت عوامل لتفعيلها"، وتشير مجركش إلى الحلول التي تحد من الخلافات الزوجية بسبب الرياضة قائلة: "علينا أن نفكر كيف نختلف بعيداً عن مفهوم الخلاف؟".
تحولات المجتمع سبب الخلاف
الباحث والكاتب في علم الاجتماع المغربي محمد قنفوذي يقول لـ 24: "إن التحولات الكثيرة التي أسلفتها التغيرات الاجتماعية على أدوار النساء والرجال داخل مفهوم الأسرة، خلفت الكثير من اختلاف أدوار الطرفين داخل العلاقة".
وبرأيه "المسؤولية القصوى الملقاة على عاتق الرجل تستوجب حصوله على أوقات المتعة والترفيه، ما يجعل الرجل يتجه لملء هذه الأوقات بمشاهدة المباريات في المقهى أو مع الأصدقاء".
يلفت قنفوذي أيضاً إلى أن "الرياضة عموماً في المجتمعات الشرقية، هي رياضة ذكورية، خاصة كرة القدم، باعتبارها الرياضة الأكثر شعبية في أوطاننا".
تشهد الحركة الرياضية النسوية اهتماماً بالغاً في عدد من الدول العربية، من خلال إشراك السيدات في حضور المباريات، أو تشكيل الفرق الكروية النسوية أو ولوج ملاعب كرة القدم وغيرها، وفقاً لقنفوذي.
يعتبر قنفوذي "أنه في الوقت الذي نلمس فيه إقبالاً ضعيفاً من قبل النساء على متابعة ومشاهدة مباريات كرة القدم، فإن الجمهور الأوسع هو من الذكور"، ويضيف "عدم تقبل الاختلاف بين الأزواج، سواء في رغبة حضور مسلسل أو مباراة، السبب وراء الخلافات والصدامات الزوجية".