"براء".. خرجت تبحث عن لعبة فأصبحت "لعبة" لتجار البشر
وكالة كل العرب الاخبارية
لم تدرك الفتاة العشرينية من ذوي الإعاقة، براء (اسم مستعار)، أنها ستكون "لقمة" سهلة لممتهني جرائم الاتجار بالبشر في محافظة الزرقاء.
خرجت براء التي تعاني من تخلف عقلي متوسط الدرجة من منزل والدها إلى الشارع بحثا عن لعبة تمارسها مع فتيات في عمرها الحقيقي الذي لا يتجاوز 6 سنوات، فيما عمرها الحقيقي 23 عاما
وبما أنها غير مدركة لأفعالها، استجابت براء لدعوة سيدة وزوجها وركبت سيارتهما الجميلة باحثة عن رحلة في حيها، ولتشتري الحلويات والعصائر.
وكون براء سهلة الانقياد والتغرير بها، لم تتردد من التوجه الى منزل أم وديع التي طلبت منها البقاء فقط ليلة واحدة حتى تلعب معها وتحضر لها "أشياء زاكية".
كانت ليلة واحدة تحولت خلالها براء إلى ضحية استغلال جنسي من قبل الأربعينية أم وديع، تلك السيدة التي تمتهن "الدعارة" هي وزوجها منذ زمن طويل.
ومقابل بضع دنانير، أدخلت أم وديع إلى منزلها 5 أشخاص، وبدأوا بممارسة الجنس مع براء بالتناوب، وفضوا غشاء بكارتها "عنوة"، بحسب ما وثقه ملف القضية مؤخرا، ولم تكتف أم وديع التي تاجرت بجسد براء عند هذا الحد، بل نقلتها في الليلة ذاتها الى منزل آخر بناء على طلب زبون جديد لم يدرك أنها من فئة "المعاقين"، فجسدها الناضج يخفي عقلها الطفولي.
وبعد عدة شهور من عودة براء الى منزلها أغمي عليها، وتم إسعافها ليتبين بأنها حامل في الشهر السابع، بحسب قول شقيقتها رنين (اسم مستعار)، التي وقعت في صدمة كبيرة من هول الخبر.
ولم تعرف براء كيف تعبر عن تفاصيل الاعتداء الجنسي عليها، ومن هو والد طفلها غير الشرعي، حتى بدأت التحقيقات الأمنية، وألقي القبض على أم وديع التي تاجرت بجسد براء، وكان زوجها كان قد توفي أثناء البحث عنهما.
أما آخر زبون واسمه أحمد (اسم مستعار) فقد أخضعه المدعي العام لإجراء فحوص مخبرية لمعرفة اذا ما كان هو الأب البيولوجي للجنين أم لا، بيد أن تقارير إدارة المختبرات والأدلة الجرمية أكدت أن هذا الشخص ليس كذلك.
ورغم ذلك، جرم القضاء الزبون أحمد بتهمة "مواقعة أنثى لا تستطيع المقاومة بسبب عجز نفسي وعقلي"، بالأشغال الشاقة، بينما تم تثبيت تهمة الاتجار بالبشر على أم وديع وزوجها.
وتعتبر قضية براء واحدة من بين عشرات الفتيات من الأشخاص ذوي الإعاقة سواء العقلية أو الجسدية، اللواتي يتعرضن لاستغلال جنسي، ما يكشف عن هشاشة الحماية لهذه الفئة الضعيفة، بحسب خبراء لـ"الغد"، الذين تجددت مطالباتهم بحماية هذه الفئة مع اقتراب اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر الذي يصادف الشهر المقبل.
وبالطبع، انطبقت الأفعال التي قامت بها أم وديع مع التعريف القانوني لجناية الاتجار بالبشر، والمتمثلة بـ"قيامها بنقل المجني عليها في مركبتها برفقة زوجها المتوفى وإيوائها وتمكين أشخاص من ممارسة الجنس معها مقابل مبالغ مالية، واستغلال حالتها العقلية، بما يشكل بحقها جميع أركان وعناصر جناية الاتجار بالبشر وفقا لأحكام المادة (3) من قانون الاتجار بالبشر، وبدلالة المادة (101) من قانون العقوبات".
وبالعودة الى قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، المادة(30) للعام 2017، فإن أم وديع قامت بارتكاب "ما يعد عنفا"، وهو "كل فعل أو امتناع من شأنه حرمان الشخص ذي الإعاقة من حق أو حرية ما، أو تقييد ممارسته لأي منها، أو إلحاق الأذى الجسدي أو العقلي أو النفسي به على أساس الإعاقة أو بسببها".
وفي السياق، لم تأخذ محكمة الجنايات الكبرى بشهادة المجني عليها براء، فروايتها يعتريها "التناقص والريبة والشك، حيث لم تتعرف على الأشخاص الذين مارسوا الجنس معها في منزل أم وديع".
كما استثنى القاضي شهادة والدها وشقيقتها أيضا كونها "سماعية من المجني، ولأنها جاءت بعد سبعة أشهر".
وفي هذا الصدد، يرى أمين عام المجلس الأعلى لشؤون ذوي الإعاقة الدكتور مهند العزة، أن الجهات القضائية المختصة تتولى توفير الحماية اللازمة للمبلغين والشهود وغيرهم ممن يقومون بالكشف أو التبليغ عن حالات العنف المرتكبة ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك بالتركيز على عدم الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بهويتهم، وأماكن وجودهم.
كما أكد الخبير القانوني العزة في تصريح سابق لـ"الغد" أن الثقة من قبل الأهل والشهود، ما تزال "شبه معدومة"، بسبب احجام الناس عن التبليغ، لافتا الى أن التعاون مع إدارة حماية الأسرة كبيرة، غير أن المشكلة تكمن في آلية التبليغ، ورفض الشهود التعاون.
من جهتها، أكدت مديرة جمعية أمهات النور لدعم وتأهيل المكفوفين إسراء صلاح، أن ذوي الإعاقة يتعرضون إلى عدة أنواع من العنف، بما فيها الجسدي، في ظل هشاشة برامج الحماية الخاصة بهم، رغم وجود قوانين واتفاقيات دولية عصرية.
وترى أن تثقيف الأهل بكيفية التعامل مع أولادهم ضحايا الاعتداء، وتشديد العمليات الرقابية على المراكز الخاصة والحكومية لذوي الإعاقة من قبل الجهات الرسمية، وتغليظ العقوبات بحق المعتدين، كلها حلول من شأنها أن تردع أي إنسان يفكر بالاعتداء على هذه الفئات الضعيفة.
ويفكر الأهالي أو الشهود مليا قبل التبليغ عن أي حادثة اعتداء جنسي، فالثقة باسترجاع حقهم "شبه معدومة"، فضلا عن أن هذه القضايا تتطلب وقتا في القضاء ونفقات مالية لوكلاء الدفاع تفوق قدرات الأهل المالية، وأغلبهم من ذوي الدخل "المعدوم"، وفق قول صلاح لـ"الغد".
وفي الشهر الماضي، أسدل الستار على قضية"المعاقة" براء ونفذت بحق المجرمة أم وديع أشد العقوبات وهي "وضعها بالأشغال المؤقتة لمدة 11 سنة والرسوم والنفقات، محسوبة لها مدة التوقيف"، بالإضافة الى اتهامها بجنحة "قيادة أنثى ليواقعها شخص مواقعة غير مشروعة"، وجنحة "التكسب من البغي"
الغد