وكالة كل العرب الاخبارية
دخلت مفاوضات رفع سقف الدين الأميركي اللحظات الحاسمة، في وقت ترتفع فيه المخاطر بشأن عدم التوصل لاتفاق قبل الوقت المُحدد، وبالتالي فشل الحكومة في سداد بعض المدفوعات، بما لذلك من تداعيات سلبية واسعة المدى على الأسواق، وبما يعيد للأذهان ما حدث في العام 2011 عندما خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة على المدى الطويل من الدرجة الممتازة (AAA) إلى الدرجة (AA+).
وفي حال تعثر المفاوضات الحالية، فإن التصنيف الائتماني للولايات المتحدة ينتظر ضربة جديدة، بعد أن أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عن وضع واشنطن تحت المراقبة السلبية، تمهيداً لخفض تصنيفها في حالة عدم إقرار رفع سقف الدين.
أكدت فيتش في بيان لها أنّها ستراقب عن كثب تطورات وضع سقف الدين العام الأميركي، وإذا لم تدفع الولايات المتحدة ديوناً تُستحق في 1 أو 2 يونيو، فسيتم اعتبارها متخلّفة عن السداد، وستصبح الديون اللاحقة التي تستحق في غضون 30 يوماً "بالغة المخاطر" ما يعني أن درجة هذه الديون ستصبح "CCC".
وضعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف ائتمان الولايات المتحدة (AAA) تحت المراقبة "من أجل خفض محتمل"، إذا فشل المشرعون في رفع سقف الدين.
أكدت الوكالة، في بيان لها، أنها "تتوقع" قراراً صائباً من جانب الولايات المتّحدة في الوقت المناسب.
وقالت إن تصنيف البلاد قد يُخفض إذا لم ترفع الولايات المتحدة حد الدين أو تعلقه في الوقت المناسب.
الوكالة حذرت من أن "الفشل في التوصل إلى اتفاق (...) سيكون علامة سلبية على صعيد الحوكمة بشكل عام ورغبة الولايات المتحدة بالوفاء بالتزاماتها في آجالها المحددة".
وسقف الدين هو المبلغ الذي يمكن أن تقترضه وزارة الخزانة مع نفاد أموالها؛ من أجل الوفاء بالتزاماتها المختلفة، على اعتبار أن نفقات الحكومة أعلى مما تحصل عليها.
يصل حالياً حد الدين إلى 31 تريليون دولار. وفيما تُعد مفاوضات رفع سقف الدين ممارسة تشريعية روتينة خلال السنوات الأخيرة تحظى بمزيد من الشد والجذب في بعض الأحيان، وبما لذلك من انعكاسات على الأسواق، فإن وزارة الخزانة الأميركية تتوقع نمو الدين الأميركي بمعدل 1.3 تريليون دولار سنوياً خلال العقد المقبل.
ومع تضاعف ديون الولايات المتحدة بنحو ستة أضعاف ما كانت عليه بداية القرن الـ 21، فإن المسؤولية تقع مشتركة على الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بعد أن دأب كل منهما على الاقتراض لتمويل عديد من الأنشطة، بدءاً من التدابير المجتمعية والتخفيضات الضريبية ووصولاً إلى تمويل الحروب.
ماذا يعني خفض التصنيف الائتماني؟
من جانبه، يقول المحاضر بمدرسة كويستروم للأعمال التابعة لجامعة بوسطن، مارك وليامز، إنه "ليس من الجيد أبداً أن تقوم وكالات التصنيف الائتماني بتخفيض ديون البلدان أو الشركات عموماً".
ويضيف: "تشير هذه التخفيضات إلى أن احتمالية التخلف عن السداد، وأن مدى القدرة على سداد الديون قد انخفض.. ومع زيادة مخاطر التخلف عن السداد تستجيب الأسواق بفرض مزيد من الرسوم على الاقتراض".
وفيما يخص الولايات المتحدة الأميركية، أفاد الأكاديمي المختص في إدارة المخاطر والذي يتمتع بخبرة ثلاثة عقود، بأن إعلان وكالة فيتش الأخير في سياق التحذير من خفض التصنيف الائتماني "أمر مقلق؛ لأن السياسيين من خلال عدم توصلهم إلى اتفاق بشأن سقف الدين، يضعفون الوضع المالي العالمي للولايات المتحدة، ويزيدون من تكلفة الاقتراض".
ويشير إلى أنه في أغسطس 2011 خفضت وكالة ستاندرد آند بورز ديون الولايات المتحدة، حيث كانت الحكومة تعاني من الكثير من عدم اليقين المالي، ويضيف:
استجابة للمخاطر المتزايدة حول الجدارة الائتمانية وعائدات السندات الأميركية، زادت تكلفة جمع الأموال.
في كل عام تعوض حكومة الولايات المتحدة تريليونات العجز بين الإيرادات والمصروفات عن طريق إصدار سندات جديدة.
نظراً لاعتماد حكومة الولايات المتحدة على سوق السندات، فإن تكلفة الاقتراض المتزايدة هذه ستؤثر سلباً على الاقتصاد ودافعي الضرائب.
في العام 2011 خلال مفاوضات مطولة حول سقف الديون، خفضت وكالة ستاندرد اند بورز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، لكن وكالة فيتش لم تفعل ذلك حينها.
تبعات "ثقيلة" على واشنطن
يثير محللون تقديرات "متشائمة" لجهة تأثير أي خفض مُحتمل للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأميركية على استقرار اقتصادها وبما يؤثر بالتبعية على الاقتصاد العالمي. وطبقاً للاستاذ بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، جوناثان أرونسون، فإن تبعات ذلك سوف تثقل واشنطن ربما لعقود قادمة، لجهة زعزعة الثقة في قدرتها على الوفاء بتعهداتها فيما يخص سداد الديون.
ويشير أرونسون إلى أنه "إذا تخلفت الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالديون ولو لبضعة أيام-في ظل الأزمة الراهنة التي لم يتم التوصل لحل بشأنها بعد في ضوء التجاذبات السياسية القائمة بين الحزبين- فإن وعد أميركا بسداد ما تدين به سيكون موضع شك لعقود قادمة (بالنظر كذلك إلى العامل النفسي المرتبط بعدم الثقة أو عدم اليقين)".
ويعتقد الأستاذ بجامعة كاليفورنيا المتخصص في الاقتصاد السياسي الدولي، بأنه تبعاً لذلك فإنه "لا يمكن استعادة الثقة بمجرد تحطيمها"، وبما يعني أن واشنطن قد تدفع فاتورة ذلك التخبط لسنوات.
سكاي نيوز عربية