المخاض العسير
![]()
يري بعض المفكرين والمتخصصين في الشأن العربي أنتحولات البلاد العربية ظاهرة عدم الاستقرار تمثل نتاجاً متوقعاً لأي تحولات عصية مازالت في طور التبلور، وأن ما يحدث في مصر بصفة خاصة يعبر عن حالة المخاض العسير. البعض الآخر يهون من ظاهرة التحولات ذاتها ولا يرى في تغير نظم الحكم في بلاد «الربيع العربي» مؤشراً على ولوج المنطقة العربية مرحلة جديدة في تطورها أو نهاية لمرحلة الاستبداد، وهم يشيرون إلى أن الديمقراطية تتطلب ثقافة مناهضة لثقافة الاستبداد الضاربة جذورها في المجتمعات العربية، ومن ثم فليست التحولات إلا صراعاً على السلطة وإعادة إنتاج للاستبداد برؤى جديدة.
وهناك مؤشرات قوية تؤكد أن نمط الاستبداد العربي خرج من دائرتة المحلية إلى العالمية، منذ أحداث الـ11 من سبتمبر، وأنه بات أحد أهم المخاطر التي تواجه العالم منذ نهاية الحرب الباردة، ومن ثم فلابد من نهاية لهذا الاستبداد والدفع نحو التحولات الديمقراطية حتى وإن كانت تحمل بعض المخاطر المؤثرة. ضمن هذا السياق يظهر لنا الدِّين بأعتباره أهم عوامل التغير في المنطقة العربية، بل العامل الذي مازال يشكل تحدياً يواجه المنطقة بأكملها. فعملية فك التشابك بين الدين والسياسة ليست بالعملية الهينة في ثقافتنا العربية، ولا مفر من الانتقال إلى مرحلة جديدة من الصراع بين قوى الأسلمة السياسية، فهي اليوم تعيش أشكالاً من الصراع الحاد الذي قد يقود إلى تبلور مفهوم الدولة الوطنية في المنطقة العربية. وهنا ترى مؤسسة «راند» أن ظاهرة الإسلام السياسي تشكل واقعاً جديداً في كثير من البلاد العربية وأنه على العالم الغربي التعاطي معها. وهذا ما يفسر الموقف من جماعة «الإخوان المسلمين» بين الساسة الغربيين. فالغرب يرى ضرورة تحديث العلاقة بين الإسلام والدولة في البلاد العربية، وهي عملية يتعذر القيام بها من قوى اجتماعية لا تأخذ بالإسلام كنهج سياسي، وربما تجربة التحديث الليبرالية العربية في الخمسينيات كافية لإثبات ذلك. وهنا ينبغي التأكيد على أنه رغم كون الإسلام موجوداً منذ قرون طويلة، فإن ما تم اكتشافة هو أثر الإسلام السياسي، كما اتضح منذ وصول أصولية إسلامية إلى مركز الحكم في إيران وتنامي حركات أصولية شعبية في دول أخرى مثل الجزائروتونس ومصر وبعض من بلاد الخليج العربي. إذن هناك مرحلة تنافس بين الأصوليات الإسلامية، وهي مرحلة تقود إلى بلورة مشروعات وطنية جديدة تحد من غلواء العنف الأصولي الذي مازال يقلق العالم.
وفي الجانب الآخر نجد أن بعض نظم الحكم العربية مازالت تراهن على العامل الديني في التربية السياسية، بينما يحاول العالم إحداث نقلة نوعية في علاقة الدين بالسياسة، والحد من تنامي الأصولية الدينية التي أصبحت السيطرة عليها خياراً من الخيارات المطروحة.
ويبدو أن ملامح التحالفات تنحو منحى جديداً خلاصته أن الحركات الإسلامية تمثل حليفاً للنظم التقليدية، وذلك لقدرتها المحتملة على تطوير الفتوى الدينية لكي تتلاءم مع العصرنة كما يراها الغرب.
لذلك، فقد يحتد الصراع ويزداد في المنطقة العربية بعد رحيل النظام السوري، وقد تبدأ مرحلة جديدة تشهد مواجهات مع الحلفاء التقليديين
والاتحاد
وكالة كل العرب الإخبارية : تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|