إذا كانت الإمارات تخطو خطوة نوعيَّة في الفضاء فهي بداية لاقتصاد جديد ومتنوع
لا تزال الإمارات تفتح الآفاق، وتشحذ العقول والهمم، وتخلق الفرص نحو التنمية المستدامة، فهذا سلاحنا في معركة التقدُّم، العلم هو القاطرة لا شك في هذا، والحمد لله قطعنا فيه شوطًا كبيرًا، بل أشواطًا وقفزات هائلة، استجابةً لضرورة دعم سياسة التنويع للموارد الرافدة للاقتصاد الوطني؛ فقد أنشأت الإمارات برنامجًا للطاقة النوويَّة، وأرسلت رائدًا إلى الفضاء، كما أرسلت مسبارًا إلى المريخ، والآن ينطلق رائد فضاء في أطول مهمة فضائيَّة في تاريخ العرب تحمل مهمة (طموح زايد) وهي تخطِّط باستمرار لثورة علميَّة تخدم اقتصاد المعرفة، الذي يستند إلى الرهان على الشباب العربي .. في إطار مساعي الإمارات للريادة في مجال الفضاء، للتمكين نحو مستقبل مستدام.تبدأ مهمة الإمارات العلميَّة الفضائيَّة القادمة، حيث تستعدُّ لمعانقة الفضاء من جديد. فبطموح زايد ينطلق رائد الفضاء سلطان النيادي إلى محطة الفضاء الدوليَّة، في أطول مهمة فضائيَّة في تاريخ العرب، مما يؤكد أن قيادتنا تسعى دائمًا لاستئناف حضارة العرب العلميَّة، لتصبح بيئة حاضنة في مجال ريادة الأعمال والابتكار، وتحويل المؤسسات التعليميَّة إلى مراكز بحوث علميَّة متخصِّصة. ولا مبالغة في القول إننا أمام تجربة سيترك نجاحها وانتصاراتها العالميَّة أكبر الآثار في العالم أجمع؛ نظرًا إلى موقع الإمارات على خارطة العلم المعاصر، ورصيدها القيمي وتحضرها وانفتاحها. كل هذا بفضل الثقافة القياديَّة العظيمة لدولة الإمارات، التي تعتبر المسرِّع التاريخي نحو التغيير النوعي والتحول الفارق.. التي وفَّرت حزمة ثريَّة من الانعكاسات الثقافيَّة الإيجابيَّة التي سهَّلت الطريق إلى اختراق أبناء الإمارات العديد من المجالات الحيويَّة، وأهمها دعم قطاع الفضاء، وما نشهده بل ما يشهد لنا به العالم.
فإذا كانت الإمارات تخطو خطوة نوعيَّة في الفضاء، فهي بداية لاقتصاد جديد ومتنوع، اقتصاد يُضاف إلى اقتصادنا الأصيل في مجال النفط، وإن مجرَّد ورود اسم الإمارات والمنطقة العربيَّة على خارطة صناعة الفضاء العالميَّة، يؤكد دورها الباعث في إحياء وتشكيل الهويَّة العربيَّة، وبريقها الذي انطفأ وهجه لقرون.
إن هذا المشروع الإماراتي يمثِّل رفضًا صارمًا للانطباع الذي ساد بأن العرب انسحبوا من معركة التقدُّم، وعادوا إلى حياة التطاحن والتشاحن والرجعيَّة الماديَّة والفكريَّة.
من ينسى أن العرب هم مَن فتحوا آفاقًا غير مسبوقة في علوم الفلك والفضاء، ومن ينكر أن للعلوم عامة، ولعلوم الفلك معنى دينيًّا عميقًا، ومبدؤها الأوّل هو إعمار الأرض بما يرضي الله، والتأصيل إلى معرفة عظمة الله وكمال صنعه وبديع خلقه، فالشعوب العربيَّة بحاجة إلى المشروع الوطني المدني النهضوي.
إن هذه الخطوات العلميَّة الواثقة قد أكَّدت أن القيادة السياسيَّة عبر التاريخ وحاليًا قد أدَّت دورها المحوري في إحياء ملامح النهضة العربيَّة الأصيلة، فلم تألُ قيادتنا الرشيدة جهدًا في مجال التنمية والعمران والنهضة العلميَّة الحديثة، أو زرع التنوير وتجديد العهد على الانفتاح والتسامح وقبول الآخر.
الإمارات قادرة على أن تغير قواعد اللعبة لصالح الأمة العربيَّة، وسيثبت التاريخ الناصع أصالة مواقفها. دعونا نتأمَّل أدبيات الدروس القياديَّة المتميزة، التي هي المغزى والرسالة لفنِّ القيادة في الإمارات، لندرك أن هذا المشروع التاريخيَّ تقف خلفه قيادات استثنائيَّة، واليوم يحقِّق رجال زايد فلسفة القيادة وفنونها.
إن النجاح في مضمار العلم والتفوق فيه يوحدنا، ويصنع منا جيشًا جرارًا في ساحات التحضر والتمدن والحياة المختلفة، ويحقق لنا ولأمتنا العربيَّة من نحلم به، وإن هناك فرصة لتسريع التقدم، وتعويض ما فات من الإنجازات.
إن رحلة رائد الفضاء سلطان النيادي إلى محطة الفضاء الدوليَّة هي الرحلة التاريخيَّة نحو الأمل والإنجاز والمعرفة، بإشراك الكوادر الوطنيَّة الإماراتيَّة في ساحة العلم الواسعة، وعساها أن تكون دعوة ليقظة الوجدان والعقول العربيَّة الشابة، وتعزيز فهمنا للكون والفضاء، وصناعة المستقبل لحماية الاستقرار بالازدهار.