“جزيرة الكريستال” بالبحر الميت.. لوحة تشوهها مواقد الشواء ونفايات التنزه
وكالة كل العرب الاخبارية
الجزيرة الملحية على شاطئ البحر الميت، او ما يعرف بـ “جزيرة الكريستال” إحدى أجمل المناطق الطبيعية التي تعد لوحة فنية نحتتها ظاهرة انحسار مياه البحر منذ عقود، غير أنها باتت قيمة مهدورة ومكانا لإشعال نيران التنزه وحاوية لمخلفاته.
في صورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، أظهرت حجم الضرر الذي ألحقته نيران متنزهين بالشاطئ، أثارت الحادثة استياء ناشطين ومهتمين بالشأن البيئي والسياحي، وكشفت عن ضرورة اتخاذ إجراءات من أجل المحافظة على جمالية هذا الشاطئ وبقية شواطئ البحر الميت.
وكان ناشطون واعضاء بجمعية أصدقاء البحر الميت عبروا على مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم إزاء ما اعتبروه “تشويها لشط الكريستال أو الجزيرة الملحية”، التي تعتبر أحد أهم المواقع السياحية في البحر الميت، مطالبين بضرورة إيجاد السبل الكفيلة للحفاظ على مثل هذه الظواهر الفريدة التي نتجت عن انحسار مياه البحر الميت خلال العقود الأخيرة.
وشهد البحر الميت خلال الأسبوع الماضي مع اعتدال الأجواء توافد عشرات الآلاف من السياح والمتنزهين، ما أحال معظم المناطق الشاطئية المفتوحة الى مكبات للنفايات، خاصة تلك التي تقع خارج صلاحيات المؤسسات العامة، اذ يغادر معظم المتنزهين للمنطقة تاركين وراءهم أكواما من النفايات التي ما زالت تشوه الوجه الجمالي لإحدى أهم الوجهات السياحية في العالم.
يقول الناشط انمار الجبور، “شيء محزن أن ترى جزيرة الكريستال التي تعتبر من أجمل المواقع في البحر الميت تتعرض للتشويه” لافتا إلى أن “هذا الموقع يؤمّه زوار من مختلف دول العالم ويعتبر احدى المحطات على خريطة أي زائر أجنبي للمنطقة”.
ويضيف ان “منطقة البحر الميت والشواطئ المفتوحة بشكل خاص مهمشة ولا توجد اي جهة رسمية مسؤولة عنها ما ساهم في تشويهها من قبل قلة من المتنزهين”، مشددا على “ضرورة ايجاد جهة محددة للحفاظ على هذه الأماكن وإدامة نظافتها وتقديم الرعاية اللازمة لها بما يخدم الحركة السياحية للمنطقة”.
ويبدي المهتم بالشأن السياحي عواد البليلات دهشته من الاوضاع الكارثية التي آل إليها وضع المنطقة التي تعتبر قبلة السياحة المحلية وواحدة من أكثر المناطق السياحية في العالم جذبا للسياح، مبينا أن “أوضاع الشواطئ المفتوحة سيئ جدا في ظل غياب أي جهود لإدامة أعمال النظافة، ناهيك عن غياب لأدنى الخدمات الضرورية كالطرق والخدمات العامة”.
ويؤكد ان “واقع الحال في منطقة البحر الميت لا يتواءم مع الرؤى الملكية لتطوير المنطقة سياحيا واقتصاديا وبيئيا”، مشددا على ان “اقل ما يجب القيام به هو جمع النفايات بشكل مستمر كي لا تتراكم بكميات كبيرة تشوه مظهر المنطقة”.
ويشير البليلات الى ان “تشويه المشاهد الجمالية للمنطقة يدل على ضعف الوعي لدى غالبية الزوار ما يتطلب إيلاء الجانب التوعوي أهمية قصوى للحفاظ على أهمية المنطقة وتنافسيتها مع الاماكن السياحية في الاقليم”، منتقدا “غياب الدور الحكومي بالاهتمام بالمنطقة وإيجاد الخدمات اللازمة لخدمة الزوار على امتداد شاطئ البحر الميت”.
ويؤكد فايز عليان أن “منطقة البحر الميت تعتبر المتنفس الاهم للأردنيين بكافة أطيافهم كونها قريبة من العاصمة والمدن الرئيسة رغم غياب الخدمات اللازمة”، لافتا الى ان “الشواطئ المفتوحة لم تشهد أي تطور منذ عقود من المطالبات المتكررة ما احالها الى ما يشبه مكب نفايات”.
ويوضح أن “بعض المناطق لا تتبع لأي جهة رسمية ما فاقم من أوضاعها البيئية لأن المتنزهين لا يأبهون أين يلقون نفاياتهم في ظل غياب ادنى المقومات التي تشجعهم على جمعها كوجود حاويات او سلال مخصصة للنفايات او جهة تقوم بجمعها بشكل مستمر”.
بدوره يبين الرئيس التنفيذي لجمعية اصدقاء البحر الميت زيد السوالقة ان “عدم استجابة الجهات المعنية لأي مبادرات او مطالبات بضرورة الحفاظ على منطقة البحر الميت كوجهة سياحية فريدة تستقطب مئات الآلاف من الزوار سنويا ساهم في تردي الوضع البيئي والجمالي للمنطقة”، مؤكدا ان “النهوض بالمنطقة يحتاج الى استدامة، لا ان يكون الجهد على نظام الفزعة او من خلال حملات نظافة بمبادرات محدودة وقليلة”.
ويشير الى ان “شواطئ البحر الميت تمتد على مسافة 60 كم جزء منها يقع ضمن مسؤولية جهات حكومية والجزء الاكبر لا يخضع لأي جهة ما يبقيها دون رعاية ما نتج عنه تشويه للمناطق الجمالية كجزيرة الكريستال من قبل البعض”، لافتا الى ان “هذا الوضع يشكل مأساة حقيقية لإحدى عجائب الدنيا وواحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم”.
وينوه السوالقة إلى أن “الحل يكمن في إيجاد جهة مختصة بالحفاظ على نظافة المنطقة وحمايتها من العبث سواء حكومية او جهة خاصة مدعومة من الحكومة”، مضيفا ان “الجمعية قامت عدة مرات بعمل دراسة شاملة تتضمن كافة الاحتياجات اللازمة لإدامة أعمال النظافة على الشواطئ المفتوحة من أعداد الكوادر البشرية والآليات والكلف المادية إلا أنها لم تلق أي استجابة من الجهات المعنية”.
من جانبه، يحمل مدير بيئة وادي الأردن المهندس محمد الصقور مسوولية نظافة المنطقة إلى المتنزهين والسياح بالدرجة الأولى، لأنهم لا يجمعون نفاياتهم قبل مغادرتهم الأمر الذي يتسبب بوجود مثل هذه المكاره، داعيا المتنزهين ورواد المناطق السياحية إلى المحافظة على أماكن جلوسهم وتركها نظيفة لأنه من غير المعقول تعيين عامل وطن لتنظيف النفايات مع كل أسرة تود التنزه وهذا لا يقتصر على مناطق الأغوار بشكل خاص، مشددا على ضرورة تغيير سلوكنا تجاه هذه الظاهرة.
واضاف ان وزارة البيئة تقوم على الدوام بتنظيم حملات نظافة لمنطقة البحر الميت بالتزامن مع حملات توعوية لرفع الوعي المجتمعي بأهمية المحافظة على نظافة الأماكن العامة والمناطق السياحية وأماكن التنزه، لافتا الى ان الوزارة مستمرة في جهودها في هذا المجال بالتعاون مع مختلف القطاعات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني.