الفيروس المخلوي.. إصابات تثير “الهلع” وطرق الوقاية تحمي من انتشارها
وكالة كل العرب الاخبارية
“كانت أياما عصيبة كنت أشعر بالاختناق وكأن هناك حجرا على صدري يمنعني من التنفس؛ أمضيت ليالي طويلة أنام وأنا جالسة لأتمكن من التنفس جيدا.. لم تكن أياما سهلة”؛ هكذا تقول حليمة خالدي التي شاركت أصدقاءها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك محذرة من الاستهانة بالفيروس المخلوي الجديد.
عشرات شاركوا تجاربهم مع الفيروس المخلوي سريع الانتشار بأعراض لم تكن هينة عليهم وليال من البرد والحرارة والسعال، آخرون شاركوا تجارب لأطفالهم مع هذا الفيروس الذي كان سببا في إدخالهم إلى المستشفى لعدة أيام.
خليل رياض هو الآخر شارك تجربة طفله مع الفيروس المخلوي، حيث أمضى خمس ليال في المستشفى يعاني من صعوبة في التنفس وارتفاع مستمر في درجات الحرارة وإعياء عام في الجسد.
ويقول رياض “اعتقدنا ان جائحة كورونا انتهت لكنها عادت من جديد مع الكثير من الفيروسات والأمراض التي لم نعد نستطيع السيطرة عليها”، واصفا الوضع العام بالسيئ والأغلب يسعلون وغير قادرين على التنفس براحة.
استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية والعناية الحثيثة الدكتور محمد حسن الطراونة، بدوره يشير إلى أن الفيروس المخلوي من الفيروسات شديدة العدوى خاصة في مناطق التجمعات المزدحمة، وهو من الفيروسات الأكثر شيوعا في أوقات تغير الطقس ما بين الخريف وحتى نهاية الربيع
(فترات الشتاء والأجواء الباردة).
ومع قدوم فصل الشتاء وحتى بداية فصل الربيع ينتشر الفيروس المخلوي بين الأطفال دون سن العامين وكبار السن بشكل خاص وهو فيروس معد لكنه ليس جديدا، ولا يدعو للفزع أو القلق بين الناس كون معظم الحالات المصابة به تكون حالات بسيطة بأغلبها، ولا تستدعي سوى إجراءات منزلية.
وينتقل الفيروس المخلوي بحسب الطراونة عن طريق رذاذ الهواء الملوث الى العينين او الفم والأنف، وينتشر من خلال الاتصال المباشر (المصافحة) أو اليدين الملوثة، أو حتى السعال والعطاس.
كما يستطيع هذا الفيروس العيش على الأسطح الصلبة وألعاب الأطفال لساعات طويلة، والتي قد تكون سببا في نقل العدوى للأطفال أنفسهم بل وغيرهم.
يكون المصاب ناقلاً للعدوى خلال الأسبوع الأول بعد بدء الإصابة، ولكن عند بعض الأطفال والذين يشكون من ضعف الجهاز المناعي، فقد تصل مدة انتشار العدوى الى ما بعد زوال الأعراض (4 اسابيع).
ويبين الطراونة أن الإجراءات الاحترازية التي التزم بها الناس خلال جائحة كورونا حدت من انتشارها في حين ارتفعت الإصابات بشكل كبير بالفيروس المخلوي.
وبين الدكتور الطراونة أن أعراض الفيروس المخلوي تشبه أعراض الفيروسات التنفسية الأخرى وقد تختفي من الجسم دون علاج، وقد تصيب كبار السن وقد تسبب لهم مضاعفات تستدعي ادخالهم الى المستشفى لتلقي العلاج.
في حين أن معظم الأطفال والذين بلغوا السنة الثانية من عمرهم أصيبوا بهذا الفيروس، الرضع بشكل خاص بحاجة إلى استشارة الطبيب المختص، وأعراض هذا المرض كما بقية الرشوحات: التهاب واحتقان الحلق، سيلان أنف، حرارة، عطاس وصداع وغيرها وفق الطراونة.
ويؤكد الطراونة على ضرورة استشارة الطبيب المختص في حالة ارتفاع لدرجات الحرارة أو صعوبة التنفس، وازرقاق الجلد بسبب نقص الأكسجين.
ولعل من أهم طرق الوقاية لهذا المرض غسل اليدين المتكرر، والابتعاد عن المصابين، وتغطية الفم والأنف عند السعال، وتعقيم الأدوات والألعاب البلاستيكية والأسطح، وعدم استعمال أدوات المصاب.
دخول الفيروس المخلوي إلى القصبات الهوائية السفلية بحسب الطراونة قد يتطور ليشكل التهاب قصبات والتهابات رئوية حادة خاصة عند الأطفال، وهنا قد يحتاجون للدخول إلى المستشفيات.
قد يتصاحب هذا الفيروس مع التهاب الاذن الوسطى عند الاطفال خاصة، وقد يصاب نفس المريض أكثر من مرة في ذات الفصل، والفحص المخبري التشخيصي المطلوب لهذا المرض هو عبارة عن مسحة من مخاط الأنف وفق الطراونة.
أضاف الدكتور الطراونة، أن البكتيريا والفيروسات والفطريات قد تسبب الالتهاب الرئوي، وتتراوح مدى خطورة الحالة من درجة خفيفة إلى درجة متوسطة، وحتى درجة شديدة الخطورة تهدد حياة المريض؛ ويكون أكثر خطورة على الرضع والأطفال الصغار، والأشخاص الأكبر من 65 سنة، فضلا عن المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية أو ضعف في جهاز المناعة.
ويشير إلى أن حالة الهلع والقلق التي أصابت المواطنين بسبب الفيروس كانت بسبب ضعف بالإدارات الصحية، مشيرا إلى ضرورة وجود بروتوكول صحي للتعامل مع مثل هذه العدوى التي تنتشر في فصل الشتاء.
ويرى الطراونة أن على المركز الوطني للأوبئة الأردني إصدار خطط ونشرات توعية وحتى دراسات يعتمد عليها في التعامل مع الفيروس المخلوي، إذ لم يتم ذلك حتى الآن ولا في تقدير نسب الإصابة بالفيروس داخل المدارس وبين الأطفال.
وينوه لضرورة تلقي مطعوم الإنفلونزا مطالبا توزيعه على الكوادر الطبية وموظفي الدوائر الحكومية مجانا للتخفيف من الازمة.
من جهتها أشارت وزارة الصحة في تصريح لها إنَّ الفيروس التنفسي المخلوي يُعتبر من الفيروسات الموسمية ولا يستدعي الهلع أو الخوف، وهو فيروس قديم ينشط خلال فصلي الخريف والربيع ونتيجة لتقلب درجات الحرارة بين هذين الفصلين، ويصيب الأطفال غالباً بعدوى الجهاز التنفسي.
وأكدت، اتخاذها لجميع التدابير اللازمة نتيجة ازدياد أعداد الإصابات، مضيفة أنه تم تجهيز مستشفى عمّان الميداني لاستقبال مثل هذه الحالات في حال ارتفعت أعداد الإصابات.
دراسة جديدة نشرتها CNN تمكنت من تقدير معدل الوفيات بين الأطفال الناجمة عن الفيروس المخلوي التنفسي المتفشي في الولايات المتحدة الأميركية، وهو وفاة بين كل 50 حالة وفاة بين الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في جميع أنحاء العالم.
وفي البلدان ذات الدخل المرتفع، طفل بين كل 56 طفلًا يولدون في أوانهم ويتمتعون بصحة جيدة يدخلون المستشفى جراء الفيروس المخلوي التنفسي في السنة الأولى من عمرهم، وفقًا لتقديرات الباحثين.
وقال الدكتور لويس بونت، المؤلف المشارك في الدراسة، وأستاذ الأمراض المعدية للأطفال في مستشفى فيلهيلمينا للأطفال بالمركز الطبي الجامعي أوتريخت في هولندا: “تسجّل غالبية الوفيات جرّاء الفيروس المخلوي التنفسي في الدول النامية”.
ويتابع: “في الدول المتقدمة، تعد الوفيات نادرة، وإذا حدثت، تكون بين من يعانون فقط من أمراض مصاحبة شديدة”.
ويدرك مقدمو الرعاية الصحية أن الفترة الممتدة بين تشرين الثاني (نوفمبر) و آذار (مارس) تعد “الموسم الفيروسي” التقليدي، ويجب أن يخططوا وفقًا للفيروس المخلوي التنفسي ومشاكل الجهاز التنفسي الأخرى.
ورغم عدم وجود علاج محدد للفيروس المخلوي التنفسي عند الأطفال الأصحاء، فإن التطورات الأخيرة حول اللقاحات والعلاجات تعني أن المساعدة قد تكون في الطريق إلى المستشفيات المزدحمة.
من جهتها، قالت الدكتورة بريا سوني، أستاذة مساعدة في الأمراض المعدية للأطفال بمركز “سيدارز سيناي” الطبي، غير المشاركة في البحث، إن هناك خطوات يمكن لوالدي الأطفال القيام بها للوقاية من الفيروس المخلوي التنفسي.
وتتمثل الخطوات عبر سلوكيات بسيطة يعرفها الجميع من أيام جائحة فيروس كورونا وهي؛ غسل اليدين جيدًا، البقاء في المنزل إذا كنت مريضًا، الحفاظ على نظافة الأسطح.
وأشارت سوني إلى أن نتائج الدراسة حول عدد الأطفال الذين أصيبوا بالفيروس المخلوي التنفسي خلال الأشهر الأولى من الحياة، تظهر مدى أهمية وجود استراتيجية تحصين للنساء الحوامل.
وأضافت: “كل ما يمكننا القيام به لسد هذه الفجوة بين الأطفال الصغار، في الأشهر الستة الأولى من العمر، والذين قد يكونون بالفعل عرضة للإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي”.