فلو قرأ هؤلاء الخبراء مقالة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، التي نشرت في صحيفة الرياض لعرفوا الجواب. لقد سلط الرئيس الصيني الضوء في مقالته على أهم النقاط التي تعني الدول العربية وشعوبها "إن الشعوب العربية شعوب ساعية إلى التقدم، لما لها من الإيمان بالاستقلال ورفض التدخل الخارجي وعدم الخضوع لسياسة القوة والهيمنة.
فقد أقامت الصين علاقات دبلوماسية مع الدول العربية على التوالي منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث يتبادل الجانبان الفهم والاحترام والدعم والمساعدة. العلاقات الصينية العربية مبنية على أساس الثقة المتبادلة سياسياً، والمنفعة المتبادلة اقتصادياً، والاستفادة المتبادلة ثقافياً". وقد أشار أيضاً إلى العلاقات الصينية - الخليجية، وأن التبادل التجاري بين الجانبين بلغ 230 مليار دولار أمريكي. لكن، هل يعني ذلك أن دول المنطقة بسبب استيائها من التدخلات والهيمنة الغربية ستدير ظهرها للغرب؟ بالطبع لا، فالسعودية، الدولة المضيفة للقمة، تعتبر الصين أكبر شريك اقتصادي لها ووجهة لنحو خُمس صادراتها، لكنها لا تزال تعتبر الولايات المتحدة أكبر شريك أمني لها.
إن الاضطرار إلى اختيار علاقة واحدة على حساب الأخرى - أو حتى تقليصها بشكل كبير - سيكون مكلفاً، لذا فإن السعودية، مثل العديد من الدول تسعى إلى الحفاظ على كليهما. يقول بعض المحللين إن الدول التي تسعى إلى الانضمام إلى بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون لا تسعى بالضرورة إلى النأي بأنفسها عن مجموعة السبع أو الناتو أو الأمم المتحدة، لكنها تريد بناء نظام متعدد الأقطاب، وترفض قيوداً وإملاءات أحادية القطب. من أفضل نتائج القمة العربية الصينية أنها جعلت أمريكا تراجع نفسها، وهذا وجدناه من خلال آراء بعض المحللين السياسيين الأمريكيين بمطالبة الولايات المتحدة أن تكون أقل نرجسية وأكثر تعاوناً.
فهناك من طالب واشنطن بدلاً من التركيز على المنتديات الواسعة متعددة القضايا ذات الأطر النظرية مثل قمة الديمقراطيات أو G-20 أن تقوم بزيادة الشراكات الصغيرة العملية مثل مجموعة I2U2 التي تضم الهند وإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة وتهدف إلى التعاون في مجالات المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي. في عصر متعدد الأقطاب، لا تتعامل الدول بمنظور إما كل شيء أو لا شيء، بل تأخذ بمفهوم الحل الوسط (Compromise) الذي يصب في مصلحة الجميع، حيث لا ضرر ولا ضرار.