سياسة كورونا القاسية التي دافع عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ مستمرة، لكنه يواجه الآن خياراً صعباً ما بين تخفيف القيود التي قد تتسبب في وفيات جماعية، أوالتشبث بنهج غير شعبي يدفع المجتمع الصيني إلى الانهيار".
تخفيف القيود
ويشير الباحث إلى أن الحكومة التي يبدو أنها "مرعوبة" من التظاهرات النادرة التي وقعت في مدن عدة، ربما بدأت تفقد عزمها. فبعد أيام قليلة من الاحتجاجات، بدت نائبة رئيس الوزراء سون تشونلان وكأنها تلمح لانتهاء نهج "صفر كوفيد"، مشيرة إلى استراتيجية جديدة وشيكة مع بدء بعض المدن الكبرى في التخلص من تدابير الوباء الرئيسية، ومن المتوقع أن تحذو حذوها المزيد من المدن الأخرى.
إلا أن هوانغ يرى أن "إخراج الصين من مستنقع السياسة الصحية هذا محفوف بالمخاطر"، لافتاً إلى أن نهج الحكومة الصارم نجح في البداية، بعد وقت قصير من بدء ظهور الفيروس في مدينة ووهان في أواخر عام 2019، وتم السيطرة عليه في البلاد من خلال عمليات إغلاق صارمة مع انتشاره على مستوى العالم.
يضيف هوانغ وهو أستاذ في كلية الدبلوماسية والعلاقات الدولية بجامعة سيتون هول، أنه بعد اندلاع اتهامات مثل تلك التي صرح بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الصين أطلقت العنان للوباء في العالم، ضاعف الحزب الشيوعي الصيني نهجه ضد الفيروس، وضخ موارد هائلة في الاختبارات، وطوّر بنية تحتية واسعة عالية التقنية للبحث عن المفقودين والحجر الصحي وأغلق مدناً بأكملها، فتم القضاء على البؤر الصغيرة بسرعة وظلت معدلات الإصابة منخفضة للغاية.
ولكن مع ظهور متغيرات شديدة القابلية للانتقال ويصعب احتوائها مثل دلتا وأوميكرون وغيرهما، لم يكن لدى الصين أي مخرج في الأفق، كما يقول هوانغ.
وعلى الرغم من نقاط الضعف في البنية التحتية للرعاية الصحية في الصين التي تعاني من نقص التمويل وسوء التجهيز ومعدل شيخوخة السكان إلا أن إجراءات العزل والنهج الصارم الذي يتخذه القادة في البلاد يزيد من هشاشة هذا النظام ويثبط المناعة التي تأتي مع التعرض للفيروس، بحسب هوانغ.
محاولات فاشلة
ويرى هوانغ صاحب كتاب "السياسة السامة: أزمة الصحة البيئية في الصين وتحديها للدولة الصينية"، أن الصين لا تستطيع ببساطة القضاء على المتغيرات مثل أوميكرون. ففي الأسبوع الماضي، أبلغ عن أعداد حالات جديدة يومية قياسية تصل إلى عشرات الآلاف، وتم تعقب ملايين الأشخاص المقربين أو وضعهم في الحجر الصحي، وذلك فيما تمتلئ بالفعل جميع المرافق المؤقتة التي تم بناؤها لاستيعاب مثل هذه الحالات في بكين بنسبة 80%.
ووفقاً لبيانات الحكومة الخاصة، فإن الغالبية العظمى من الحالات الجديدة دون أعراض، وسيتطلب العثور على تلك الحالات جميعها موارد أكثر بكثير من مجرد الاختبارات والتعقب والحجر الصحي في وقت تتعرض فيه الحكومات المحلية لضغوط مالية شديدة من حساب سياسة "صفر كوفيد" بالإضافة إلى دورها في تباطؤ الاقتصاد العام.
ويقترح الباحث الصيني أنه "بدلاً من ضخ المزيد من الأموال في استراتيجية صفر كوفيد، يجب على قادة الصين أن يغيروا توجهاتهم بشكل عاجل، وتوسيع نطاق الوصول بسرعة إلى لقاحات أكثر فعالية -بما في ذلك اللقاحات الأجنبية- التي تستهدف متغير أوميكرون والعلاجات المضادة للفيروسات، وإطلاق حملة تطعيم وطنية، وجعل العلاج في المستشفيات مقتصر على الحالات الشديدة للحد من الضغط على الرعاية الصحية، وغيرها".
نوايا غامضة
يوم الجمعة الماضي، ألمحت صحيفة "بيبولز ديلي" المتحدثة باسم الحزب الشيوعي إلى سياسة أقل حدة، لكنها لا تزال تكرر الخطاب الحربي مثل "الفوز في المعركة" ضد الوباء.
وستكون الأسابيع القليلة القادمة حاسمة، إذ تتعرض السلطات المحلية على الخطوط الأمامية لضغوط عامة ومالية متزايدة لتخفيف الإجراءات، ومع عدم وجود توجيه واضح من بكين، يمكن أن يتسبب ذلك إلى إعادة افتتاح متسرعة وفوضوية والمزيد من الإصابات، وهو ما حدث الشهر الماضي عندما أثار تخفيف بعض القيود الارتباك وساهم في الارتفاع الأخير في عدد الحالات.
وأبلغت الصين رسمياً عن 5233 حالة وفاة فقط من Covid-19، مقارنة بأكثر من مليون في الولايات المتحدة، وحوالي 690،00 في البرازيل، وأكثر من 530،000 في الهند.
لكن تفشي المرض في جميع أنحاء البلاد في هذه المرحلة قد يكون وخيماً، فإذا أصيب ربع سكان الصين بالعدوى خلال الأشهر الستة الأولى من تخلي الحكومة عن حذرها - وهو معدل يتوافق مع ما شهدته الولايات المتحدة وأوروبا بفضل أوميكرون - فقد ينتهي الأمر بالصين مع ما يقدر بنحو 363 مليون إصابة، وأزمة اجتماعية وسياسية محتملة، ما قد يترك بكين في أسوأ السيناريوهات التي كافحت بشدة لتجنبها.
يقول الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، إن "تخفيف القيود
ويشير الباحث إلى أن الحكومة التي يبدو أنها "مرعوبة" من التظاهرات النادرة التي وقعت في مدن عدة، ربما بدأت تفقد عزمها. فبعد أيام قليلة من الاحتجاجات، بدت نائبة رئيس الوزراء سون تشونلان وكأنها تلمح لانتهاء نهج "صفر كوفيد"، مشيرة إلى استراتيجية جديدة وشيكة مع بدء بعض المدن الكبرى في التخلص من تدابير الوباء الرئيسية، ومن المتوقع أن تحذو حذوها المزيد من المدن الأخرى.
إلا أن هوانغ يرى أن "إخراج الصين من مستنقع السياسة الصحية هذا محفوف بالمخاطر"، لافتاً إلى أن نهج الحكومة الصارم نجح في البداية، بعد وقت قصير من بدء ظهور الفيروس في مدينة ووهان في أواخر عام 2019، وتم السيطرة عليه في البلاد من خلال عمليات إغلاق صارمة مع انتشاره على مستوى العالم.
يضيف هوانغ وهو أستاذ في كلية الدبلوماسية والعلاقات الدولية بجامعة سيتون هول، أنه بعد اندلاع اتهامات مثل تلك التي صرح بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الصين أطلقت العنان للوباء في العالم، ضاعف الحزب الشيوعي الصيني نهجه ضد الفيروس، وضخ موارد هائلة في الاختبارات، وطوّر بنية تحتية واسعة عالية التقنية للبحث عن المفقودين والحجر الصحي وأغلق مدناً بأكملها، فتم القضاء على البؤر الصغيرة بسرعة وظلت معدلات الإصابة منخفضة للغاية.
ولكن مع ظهور متغيرات شديدة القابلية للانتقال ويصعب احتوائها مثل دلتا وأوميكرون وغيرهما، لم يكن لدى الصين أي مخرج في الأفق، كما يقول هوانغ.
محاولات فاشلة
ويرى هوانغ صاحب كتاب "السياسة السامة: أزمة الصحة البيئية في الصين وتحديها للدولة الصينية"، أن الصين لا تستطيع ببساطة القضاء على المتغيرات مثل أوميكرون. ففي الأسبوع الماضي، أبلغ عن أعداد حالات جديدة يومية قياسية تصل إلى عشرات الآلاف، وتم تعقب ملايين الأشخاص المقربين أو وضعهم في الحجر الصحي، وذلك فيما تمتلئ بالفعل جميع المرافق المؤقتة التي تم بناؤها لاستيعاب مثل هذه الحالات في بكين بنسبة 80%.
ووفقاً لبيانات الحكومة الخاصة، فإن الغالبية العظمى من الحالات الجديدة دون أعراض، وسيتطلب العثور على تلك الحالات جميعها موارد أكثر بكثير من مجرد الاختبارات والتعقب والحجر الصحي في وقت تتعرض فيه الحكومات المحلية لضغوط مالية شديدة من حساب سياسة "صفر كوفيد" بالإضافة إلى دورها في تباطؤ الاقتصاد العام.
نوايا غامضة
يوم الجمعة الماضي، ألمحت صحيفة "بيبولز ديلي" المتحدثة باسم الحزب الشيوعي إلى سياسة أقل حدة، لكنها لا تزال تكرر الخطاب الحربي مثل "الفوز في المعركة" ضد الوباء.
وستكون الأسابيع القليلة القادمة حاسمة، إذ تتعرض السلطات المحلية على الخطوط الأمامية لضغوط عامة ومالية متزايدة لتخفيف الإجراءات، ومع عدم وجود توجيه واضح من بكين، يمكن أن يتسبب ذلك إلى إعادة افتتاح متسرعة وفوضوية والمزيد من الإصابات، وهو ما حدث الشهر الماضي عندما أثار تخفيف بعض القيود الارتباك وساهم في الارتفاع الأخير في عدد الحالات.
وأبلغت الصين رسمياً عن 5233 حالة وفاة فقط من Covid-19، مقارنة بأكثر من مليون في الولايات المتحدة، وحوالي 690،00 في البرازيل، وأكثر من 530،000 في الهند.
لكن تفشي المرض في جميع أنحاء البلاد في هذه المرحلة قد يكون وخيماً، فإذا أصيب ربع سكان الصين بالعدوى خلال الأشهر الستة الأولى من تخلي الحكومة عن حذرها - وهو معدل يتوافق مع ما شهدته الولايات المتحدة وأوروبا بفضل أوميكرون - فقد ينتهي الأمر بالصين مع ما يقدر بنحو 363 مليون إصابة، وأزمة اجتماعية وسياسية محتملة، ما قد يترك بكين في أسوأ السيناريوهات التي كافحت بشدة لتجنبها.