لدى قراءة الخطاب الأخير للمرشد الإيراني علي خامنئي الذي ألقاه أمام حشود التعبئة الإيرانية، يخرج القارئ بمجموعة انطباعات واستنتاج وحيد.

قد لا يكون في فحوى الانطباعات إضافات كثيرة على ما هو معروف عن نظرة حكام إيران إلى لبنان ودول المشرق، سوريا والعراق. فخامنئي يكرر على لسان المسؤول الأول في الدولة ما صرح به أكثر من مسؤول إيراني على مدى سنوات، أن لبنان بلد يخضع للنفوذ الإيراني وأن بيروت، ودمشق، وبغداد، وصنعاء أربع عواصم عربية باتت تخضع لإرادة طهران، وأنّ "الحزام الذهبي" الإيراني يمتدّ من أفغانستان إلى لبنان، وأن حزب الله هو "درّة التاج" في صناعة العرش الفارسي الجديد.

كلّ ذلك، سبق أن قاله مسؤولون إيرانيون قبل خامنئي وبعده، ولن نتوقع منهم أن يقولوا شيئاً مغايراً في المدى المنظور.

ثاني تلك الانطباعات هو أن كلام المرشد الذي لا يُناقش في صفوف أتباعه ومريديه، لا يرى في لبنان بلداً ودولةً وشعباً، بل "عمقاً استراتيجياً للجمهورية الإسلامية". هو قال حرفياً في خطابه السبت الماضي: "الأمريكيون قرروا شلّ دول الجوار وهي العمق الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية. وسياسة إيران نجحت في كل من العراق، وسوريا، ولبنان، ما أدى إلى هزيمة أمريكا في هذه الدول، وإفشال المشروع الأمريكي لضرب إيران عبر هذه الدول".

لبنان هو حسب المرشد، مثل الملعب الذي سيتواجه فيه المنتخبان الأمريكي والإيراني في قطر، مع فارق أن الملعب ملكية إيرانية محسومة.

الانطباع الثالث لا يتعلق بتوجيهات خامنئي، بل بانعدام ردات الفعل الرسمية اللبنانية عليها. غاب الجميع تقريباً، إلا إذا فاتنا موقف، عن قول أي شيء عن الهبة التي جعلت لبنان ثغراً من ثغور الدفاع عن "الجمهورية الإسلامية"، ما يؤكد مدى سطوة إيران في لبنان وانعدام الرؤى الوطنية لدى العديد من السياسيين والمسؤولين. لهؤلاء جميعاً قال خامنئي كلمته في مصير الرئاسة التي ينبغي حسم أمورها بسرعة، وهذا هو الاستنتاج الرئيسي من مضمون كلامه، لبنان أرض معركة بيننا وبين أمريكا، فإذا هزمناها جئنا بحاكم يمثّلنا وإذا اتفقنا نواصل البحث، والنتيجة في المنطق الإيراني أن لا رئيس للبنان حتى إشعار آخر. أليس ذلك ما يجري تطبيقه على الأرض؟