الخروج من أزمة «كورونا» بخسائر محدودة، وتجنب التأثر بالحرب الطاحنة بين روسيا والغرب على أرض أوكرانيا، يعد شهادة حوكمة، وحسن تخطيط لإدارات بعض الدول، أما الخروج من هاتين الأزمتين بمكاسب، فهو شهادة تميز وتفوق وقدرة على التحدي، ومهارة في صناعة الأمل، وهو ما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة التي خرجت من أزمة «كورونا» أقوى اقتصادياً، بفضل حكمة قيادتها، وقدرتها على مواجهة الأزمات، وتلافي آثارها السلبية.
الإمارات تمثل الأمل في المستقبل، لأنها تصنعه لأجيالها، وتنشره في ربوع العالم، وتعمّق الأمان الاقتصادي والحياتي لمواطنيها والمقيمين على أرضها، وهو ما ينعكس استقراراً اجتماعياً، يمهد لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار، لأجل مكانة أفضل في المستقبل لدولة شطبت قيادتها كلمة المستحيل من قاموسها اللغوي، ووضعت الرقم واحد نصب عينيها، وكرّست قدراتها، للوصول إليه مهما كانت التحديات.
عندما تضع القيادة كل المحاور الاقتصادية والمؤشرات التنموية أمامها على خريطتها التخطيطية، ولا تركز على قطاع، وتتجاهل آخر، يكون تقدمها شاملاً، ودولة الإمارات تتطلع في الاتجاهات كلها، وتخطط للمجالات كافة، من أبعد نقطة في الفضاء إلى أعمق أعماق الأرض؛ لذا فإن الوصول إلى الفضاء وحيازة السبق في ذلك عربياً لم يكن مجرد حلم؛ بل جاء بعد تخطيط وتنفيذ، أثمر عن الوصول إلى المريخ، لاستكشافه، لتستعد الإمارات بعد تلك الخطوة لاستكشاف القمر خلال الأشهر المقبلة، عبر إطلاق أول مستكشف عربي، يهبط على سطحه، كما أنها تستعد لإرسال رائد فضاء إماراتي، للمشاركة في أول مهمة طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية، تستمر ستة أشهر، إلى جانب إعلانها تأسيس صندوق استراتيجي متخصص، لدعم قطاع الفضاء ب3 مليارات درهم، واستضافة النسخة الأولى من «حوار أبوظبي للفضاء» في ديسمبر/ كانون الأول المقبل؛ بهدف صياغة سياسات دولية جديدة في مجال الفضاء، وقيادة حوار عالمي حول أهم التحديات التي تواجه هذا القطاع، حسب ما أعلن قبل أيام صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مؤكداً «السعي إلى جعل الإمارات وجهة عالمية رئيسية في علوم الفضاء ومشاريعه».
هذا غيض من فيض، مما تحقق ومما تم ويتم التخطيط لتحقيقه في مجال الفضاء، وبعضه تحقق في ظل توقف نبض العالم التنموي والاقتصادي، خوفاً من «كورونا».
لقد تقدمت الإمارات كيلومترات إلى الأمام في المؤشرات التنموية والتنافسية، وقال صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الأسبوع الماضي، «مؤشراتنا اليوم أقوى من مؤشراتنا قبل الجائحة، ونمونا الاقتصادي أسرع منه قبل الجائحة، وقطاعاتنا السياحية والتجارية والتنموية، أضخم منها قبل الجائحة».
نعم.. الإمارات كانت الأسرع في التعافي، والأكثر قدرة على التعامل الحكيم مع أزمة شلّت العالم، وكبدت دولاً مختلفة خسائر اقتصادية وبشرية كبيرة، وكانت الأكثر قدرة على تحقيق التوازن بين العناية بصحة أهلها ورعايتهم والمحافظة على مصالحها الاقتصادية. نالت الإمارات المركز الأول عالمياً في 156 مؤشراً، مقارنة ب121 مؤشراً قبل الجائحة، و432 مؤشراً ضمن المراكز العشرة الأولى عالمياً، مقارنة ب 314 قبل الجائحة.
الدولة التي تواجه التحديات بوعي وثبات، تستطيع أن تحقق أحلامها، والإمارات تحلم بالرقم واحد، وتضعه نصب عينيها، وستواصل السعي إليه، طالما أن شعبها متوحد، وقيادتها حكيمة، وخططها علمية، وقراراتها مدروسة، وسياساتها معتدلة، وعلاقاتها مع الأشقاء والأصدقاء متوازنة، وستظل تسعى لنفسها وللعالم أيضاً بالتقدم والاستقرار، لإدراكها أن الدولة المزدهرة في محيط مستقر، أفضل كثيراً من دولة مستقرة في محيط مضطرب، وعالم تعصف بأمنه، أطماع بعض قادته، وجموح بعض دوله.