المزيد
إلغاء جرائم الشيكات

التاريخ : 19-04-2022 |  الوقت : 01:03:43

وكالة كل العرب الاخبارية

د. ليث كمال نصراوين 

أقرت اللجنة القانونية لمجلس النواب مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات لعام 2022، الذي يهدف إلى تغليظ العقوبات المقررة على الجرائم الماسة بالأمن المجتمعي لا سيما جرائم البلطجة وفرض الأتاوات، وإلى توسيع تطبيق بدائل العقوبات السالبة للحرية وتسهيل إجراءاتها، بالإضافة إلى منح صلاحيات أكبر لقاضي الموضوع فيما يخص استخدام العقوبات المجتمعية البديلة.

ويبقى التعديل الأبرز في مشروع القانون الجديد يتمثل في المادة (36) منه التي تنص صراحة على عدم سريان أحكام المادة (421) من قانون العقوبات ذات الصلة بجريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد، على الشيكات التي سيتم تحريرها بعد ثلاث سنوات من نفاذ أحكام القانون المعدل.

إن المشرع الأردني يتجه نحو رفع الحماية الجزائية عن الشيكات. فبعد عقود من اعتبار إساءة التعامل بالشيكات وإصدارها أو تظهيرها للغير دون وجود رصيد قائم وقابل للصرف جريمة جزائية جنحوية يعاقب عليها القانون بالحبس مدة سنة وغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على مائتي دينار، فإن هذه العقوبة في طريقها إلى الإلغاء، وذلك بعد أن تمضي ثلاث سنوات على سريان القانون المعدل لعام 2022.

وهنا لنا أن نتساءل عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي ستنجم عن إلغاء جرائم الشيكات. فعلى الرغم من أن الشيك يعد أداة وفاء مستحقة الدفع لدى الاطلاع وبأنه لا يجوز استخدامه كورقة دفع بل كوسيلة نقد واجبة الصرف على الفور، إلا أن الائتمان الجزائي الذي تقدمه الشيكات البنكية للتجار ينبع من أنها تتمتع بحماية جزائية تصل عقوبة الإخلال بها إلى الحبس والغرامة.

وبعد إقرار التعديلات المقترحة ستصبح الشيكات كباقي الأوراق التجارية المحددة بموجب القانون، وستتشابه مع كل من الكمبيالات وسندات السحب من حيث أنها لن يكون لها أي حماية جزائية، وإنما سيقتصر الأمر على المطالبة المدنية بقيمتها أمام المحاكم الحقوقية المختصة.

ولا يمكن قراءة مشروع قانون العقوبات المعدل فيما يخص رفع الحماية الجزائية عن الشيكات بمعزل عن مشروع قانون التنفيذ المعدل، والذي سيُدخل بدوره تعديلات جوهرية على العلاقة بين الدائن والمدين فيما يخص حبس المدين، والتي تتمثل بتوسيع الاستثناءات التي لا يجوز فيها الحبس، والتي من ضمنها إن يكون الدين المالي أقل من خمسة آلاف دينار.

وعليه، فإن العلاقات التجارية ستشهد في القريب العاجل تغييرات لا يجب الاستهانة بها فيما يخص القواعد القانونية التي ستحكم العلاقة بين التجار بعضهم البعض، وبين التاجر والشخص العادي. فالتاجر لن يعود يقبل بالدفعات المالية المتأخرة المعززة بشيكات محررة حسب الأصول وذلك لانتفاء الحماية الجزائية عنها. كما ستصعب التعاملات التجارية البسيطة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف دينار، وستزداد الضمانات المطلوبة لإقرارها بحجة أن المدين في هذه العلاقة التجارية سيكون بمنأى عن الحبس التنفيذي.

إن التدرج في رفع الحماية الجزائية عن جرائم الشيكات بعد ثلاث سنوات من سريان القانون المعدل يعد إيجابية تشريعية، إذ سيكون لدى التجار الوقت الكافي لإعادة ترتيب علاقاتهم التجارية والاعتياد على غياب الشيكات البنكية في معاملاتهم اليومية. ومع ذلك، فمن المتوقع جدا أن تبدأ آثار هذا التعديل التشريعي بشكل فوري بعد إقراره، بحيث يحجم التجار عن قبول الشيكات البنكية غير أبهين بالفترة الانتقالية التي ستنتهي بعدها الحماية الجزائية للشيكات في الأردن.

(الراي)



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك