نواب رقابة أم خدمات؟
وكالة كل العرب الاخبارية سلامة الدرعاوي قلة من النوّاب الذين يمارسون دورهم الرقابيّ والتشريعيّ بالشكل المنصوص عليه في الدستور، ويشكّلون فعلاً انموذجا عاليا بالرقي بالأداء والتعامل مع الحكومة، ويشكّلون ثقلاً مهماً في الدولة بممارساتهم النيابيّة الفاعلة والتي تشكّل وزناً مهماً في رسم السياسات والقوانين المختلفة. لكن الغالبية من النوّاب خاصة الجدد منهم يمارسون سلوكات منفرة للعمل النيابيّ وتزيد من حالة سخط الرأي العام وعدم الثقة بالمؤسسة التشريعيّة في البلاد، فبعضهم يعتقد ان وجوده في المجلس مرتبط بتحقيق مطالب شخصية أو مناطقية. والحقيقة ان السلوك النيابي الخدماتي بات جزءا أصيلاً من حياة النائب اليومية خاصة في ظل غياب الحياة السياسيّة الحقيقية ومشاركة فاعلة من قوى المجتمع ومؤسساته وأحزابه، هنا ظهرت الأرضية الخصبة لبروز نائب الخدمات الذي طالما كان مقلقاً للجهات الرسميّة بطلباته الخدمية التي لا تنتهي. في المجتمع ظهر جليا ان النائب الخدمي الذي يستطيع الضغط على المسؤول وابتزازه ويعين مراسلين هنا وهناك ويفتح شوارع ويوجّه الموازنة لبناء مدرسة أو مركز صحي هو النائب الفاعل والقوي الذي يحسب له ألف حساب. النائب الخدمي يزداد دوره في المجتمع وتأثيره على الحكومة ليس من خلال برنامجه الانتخابي وشعاراته السياسية والاقتصادية، بل من إيمان قاعدته الانتخابية بقدرته على الوصول للمسؤول والضغط عليه بمختلف الوسائل حتى لو كان جزءا منها مخالفا للقانون. الحكومات بدورها ساهمت بتعزيز حالة الفراغ السياسيّ في المجتمع وشوّهت عمل النائب من خلال سياسة الترضية التي أتبعتها والاعطيات التي منحتها للنوّاب في صفقات مشبوهة ما زال الأردنيون يدفعون ثمنها لغاية الآن، لذلك من الضروري ان تكون هناك مدونة سلوك للعمل النيابي لتصبح حجر الزاوية لانطلاقة جديدة في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المرحلة المقبلة، والذي من الممكن ان يدفع النواب لاداء أكثر شراسة من قبلهم لانه من الناحية النظرية يدفع باستقلالهم، لكن من الناحية العملية حرمهم من مكتسبات. المؤشرات الأولية تدلل على أن الطابع الخدماتي سيبقى يطغى على العمل النيابي في مجلس النوّاب، لعل لهذا أسباب منطقية أبرزها ان قانون الانتخابات ما زال بعيدا في أهدافه عن اعطاء دور حقيقي وكبير للأحزاب، ولغاية الآن لم تنجح آية تجربة حزبية في المملكة باستثناء ما حققه الإسلاميون، لذلك فإن الاتجاه العام هو مواصلة ظهور النائب المناطقي والعشائري وبالتالي الخدماتي. الوضع الاقتصادي المتدهور والأمن المعيشي المقلق لشريحة واسعة من المجتمع يحدان من ظهور نواب برامج، وسيكون نواب الخدمات هم المسيطرون على مشهد الاداء العام في المجلس، لان القاعدة الانتخابية العامة تتطلع اليهم باعتبارهم نوابا قادرين على اخذ مكتسبات تنمويّة خدمية من الحكومة لصالحهم بأي ثمن ممكن. للأسف ما يزال دور مجلس النواب مغيبا في الكثير من القضايا التي تتطلب رقابة وتقييما مستمرين، والصورة عند الشارع العام ان النائب يخدم مصالحه الشخصية اولا ثم ينتقل إلى اقاربه بالدرجة الأولى ومعارفه ثانيا. في النهاية لم نعد نرى أن هناك نائبا للوطن، بعد ان تغيرت الاحتياجات والقضايا والأولويات. تعليقات القراء
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد
|
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
تابعونا على الفيس بوك
|