وكالة كل العرب الاخبارية

جهاد المنسي

غريب امر وزارة العمل راهنا، فبعد ان ضاعت قبل نحو 15 يوما بين كلمة تعطيل الدوام وتعليقه، وظهرت مرتبكة في تفسير الفرق ببن الكلمتين حتى ان إرباكها ارتد على العمال واصحاب العمل على حد سواء، فالعمال يَرَوْن ان الوزارة مالت فيما ذهبت اليه لصالح اصحاب العمل، وانها لم تراع حقوق العمال، فيما اضطر اصحاب العمل لتوجيه استفسار للوزارة لمعرفة الفرق بين الكلمتين بشكل واضح دون مواربة.

قصة التعطيل والتعليق تلك لم يمض عليها وقت، ورغم ذاك فقد اصرت الوزارة على وضع نفسها في ذات الموقف، فأصدرت الاسبوع الماضي تعميمين غاية في الغرابة والاستهجان، التعميم الاول قضت فيه الوزارة انه اذا لم يتبق لدى العامل اي إجازات سنوية او مرضية وفِي حال إصابته بوباء (كوفيد 19) كورونا فإن إجازته سيتم خصمها من راتبه!

نعم هكذا قالت الوزارة، بمعنى ان العامل اذا أصيب بالمرض سيخصم من راتبه، والأغرب ان الوزارة أتبعت تعميمها ذاك بآخر قالت فيه انه في حال أصيب العامل بالمرض ولم يعلن عنه سيتم فصله!، وكأنها تريد للعامل ان يضيع بين (حانا ومانا)، فوزارة العمل كأنها تقول للعمال ولنا (مقسوم لا تأكل وصحيح لا تقسم، وكل حتى تشبع!) فهي لم تراع ابدا ان كوفيد 19 وباء عالمي طرأ حديثا، وان قانون العمل لم ينص صراحة على اعتباره مرضا عاديا، ولذلك كان الأجدر بالوزارة ان تعمل على إصدار امر دفاع يعالج ذاك دون ان تذهب لممارسة مزيد من الضغط على العمال تحديدا، فالحكومة أصدرت امر دفاع مرة تلو الاخرى فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي وخطط التعافي الاقتصادي ودعم اصحاب العمل وهو امر كان محمودا ومطلوبا، ولذلك فإن على الحكومة التي تحركت لدعم اصحاب العمل عليها التحرك لصالح العمال.

وعلى الحكومة ان تعي ان العمال هم الشريحة الاكثر تأثرا بالجائحة وارتداداتها، وهم الذين خسروا في أوقات مختلفة جزءا من رواتبهم، وبعضهم خسر وظيفته ايضا، وكلنا يعرف يقينا ان العمال بوصفهم الشريحة الاكثر فقرا فإنها بطبيعة الحال الاكثر تأثرا، وبالتالي كان الأجدر بالحكومة التعامل مع تلك الشريحة (العمال) بشكل مختلف وبنظرة مخالفة لمقاسات الربح والخسارة او ارضاء هذا الطرف او ذاك، فالحكومة للجميع.

بدورهم فإن العمال رفعوا الصوت من خلال نقابات تمثلهم وطالبوا بلسان رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة خالد ابو مرجوب بإصدار أمر دفاع يحافظ على حقوق العمال مذكرا ان ما صدر من تعميمات حكومية غريب للغاية ولا يتفق مع ما تمر به البلاد من جائحة اثرت على العالم اجمع وليس على الأردن فقط، وبالتالي لا يجوز ان يدفع العمال ثمن الجائحة برعاية الحكومة التي كان عليها إصدار أمر دفاع يضع الامر في نصابها ويمنح العمال الحق في التعطيل دون خصم رواتبهم في حال إصابة العامل بالمرض، وهذه مطالبة عادلة يتوجب على الحكومة الاستماع اليها وأخذها بعين الاعتبار والتفاعل معها بشكل سريع دون تطنيش لتلك المطالب او التعامل معها وفق المثل الدارج (إذن من طين وأخرى من عجين).

المؤمل ان تستجيب الحكومة لمطالبات النقابات العمالية وان تستمع مليا لما تحدث به ابو مرجوب وتسارع لمعالجة الامور بشكل فوري حتى لا يضطر العامل لإخفاء مرضه خوفا من خصم راتبه، وتعريض نفسه للفصل وفق تعميم وزارة العمل، وهنا على الوزارة بصفتها صاحبة الولاية العامة الحفاظ على الامن والسلم المجتمعي، وتضع امام ناظريها ان إصدار امر دفاع للدفاع عن حقوق العمال والحفاظ على تلك الحقوق أمراً واجب الحصول بشكل فوري.

الغد